البلاد – مها العواودة
شكل إعلان القيادة الفلسطينية عن التحلل والانسحاب من الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، ردا على عزم الأخيرة ضم أجزاء واسعة من الضفة المحتلة للسيادة الإسرائيلية صيف هذا العام بداية مرحلة جديدة في الحياة السياسية والاقتصادية للفلسطينيين، وذلك بعد نحو ثلاثة عقود من تلك الاتفاقيات التي باتت حبرا على ورق، بل ونسفتها دولة الاحتلال من خلال حسم قضايا الوضع النهائي مثل القدس واللاجئين والحدود بدون مفاوضات مع الجانب الفلسطيني، حيث بات استمرار الالتزام بهذه الاتفاقيات من طرف واحد صعبا كما تقول السلطة الفلسطينية في ظل وجود حكومة يمينية لا تؤمن بالسلام وتؤكد عزمها المضي قدمًا في مخطط الضم والاستيطان.
وتعقد اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني اجتماعا، اليوم (الخميس)، لبحث تبعات إعلان الرئيس محمود عباس أن منظمة التحرير ودولة فلسطين في حل من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع إسرائيل، وما نتج عنها من ترتيبات، خاصة الأمنية منها.
وأكد مراقبون وسياسيون فلسطينيون أن قرار القيادة الفلسطينية لن يشمل حل السلطة الفلسطينية باعتبارها محصلة نضال ولا يمكن التفريط بذلك، لأنها تمثل نواة للدولة الفلسطينية على كامل حدود عام 1967وعاصمتها القدس الشرقية، والتي تسعي القيادة الفلسطينية للحصول على اعتراف دولي بها تحت الاحتلال، خاصة من دول الاتحاد الأوروبي، بهدف نزع أي شرعية لعمليات الضم والاستيطان الإسرائيلية.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، الذي شارك في اجتماع “قرار الانسحاب”، إن قرار القيادة الفلسطينية جاء ردا على عزم الحكومة الإسرائيلية الجديدة تنفيذ مخططات الضم واستمرار الاستيطان والتهويد في الأراض الفلسطينية، حيث لم يعد مقبولا الاستمرار في الاتفاقيات السياسية والأمنية والاقتصادية من جانب واحد، في حين أن الاحتلال يتملص منها ويواصل التهام المزيد من الأرض العربية الفلسطينية، مشيرا إلى أن إعلان القيادة رافقه اعتماد خطة فلسطينية متكاملة تقوم على أساس مساندة الأشقاء العرب والأصدقاء حول العالم من أجل التصدي لمخططات الضم وإحباطها، وكذلك العمل في كافة المحافل الدولية من أجل اعتراف عالمي واسع بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 عاصمتها القدس.
وأكد أبو يوسف أن قرار التحلل من الاتفاقيات ترافق معه أيضا تقديم طلب للانضمام إلى العديد من المنظمات والمعاهدات الدولية التي أجلت الحكومة الفلسطينية الانضمام لها سابقا بطلب أمريكي.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان، إن ما جاء في إعلان القيادة الفلسطينية هو ترجمة عملية لقرارات المجلس الوطني الفلسطيني الذي دعا قبل 5 سنوات للتحلل من الاتفاقيات مع الاحتلال، الذي حسم قضايا الوضع النهائي بدون مفاوضات مع السلطة الفلسطينية، من خلال فرض الوقائع على الأرض وتوسيع المستوطنات وعدم الاعتراف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
ويرى أن التحلل من اتفاق باريس الاقتصادي الموقع بين منظمة التحرير والاحتلال، ووقف التنسيق الأمني يمثل ضربة قوية للاحتلال الذي يدرك خطورة قرارات السلطة الفلسطينية الجريئة، والتي ستربك بلا شك المنظومة الأمنية والسياسية في دولة الاحتلال، وعلى الاحتلال تحمل تبعات ذلك نتيجة قراراته المعادية للسلام.
إلى ذلك، اعتبر نائب رئيس حركة فتح محمود العالول أن الفلسطينيين أمام خيارين على درجة كبيرة من الصعوبة، وهما: القبول باستمرار الظلم وفرض الأمر الواقع للاحتلال، أو مواجهة ذلك بغض النظر عن التبعات وهذا ما أعلنه الرئيس الفلسطيني في اجتماع القيادة الأخير.