رن جرس الهاتف وانا امسك بالقلم لكتابة مقال هذا الاسبوع .. وكان على الطرف الاخر صديقي الاستاذ يوسف عطية .. مساعد مدير عام مطار الملك عبدالعزيز الدولي .. سألته كيف تسير اجراءات استقبال طائرات اجلاء السعوديين من حول العالم .. فقال لي في غاية اليسر والدقة والتنظيم .. ورقي في التعامل .. واستعداد لادارة ادق التفاصيل .. وخلصنا الى ان هذا المستوى من الاداء لا يتأتي الا من خلال منظومة عمل متكاملة محاورها .. وضوح الهدف والارادة والاستعانة بالعقول وتوفر الامكانات المطلوبة .. واولا واخيرا القيادة والادارة.
هذا ولقد تجلت تلك المحاور في النمط القيادي الفذ لحكومتنا الرشيدة في تصديها لازمة الكورونا في مملكتنا الحبيبة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز .. وولي عهده الامير الشاب محمد بن سلمان.
وازمة الادارة في العالم اليوم .. هو فيروس كوفيد 19 الذي فاقت كارثيته جميع مناشط حياة البشر على كوكب الارض .. والقت الكارثة بظلالها مسؤليات جساما على مديري المنظمات والمنشآت بكل الوانهم وتخصصاتهم ومواقعهم.
ومن المفارقات .. ان الجدل كان ولازال مستمرا علي نوعية الادارة المطلوبة خلال القرن 21 .. الا ان منعطف الكارثة التي حلت بالبشرية في العالم اليوم تتطلب من المدراء ورؤساء الادارات ان يتعاملوا ويديروا تحديات جديدة غير مسبوقة مثل انتشار الوبائيات والعجز عن مكافحتها وكان من نتائجها العزل الاجتماعي والتعليم المرئي والعمل عن بعد والمكوث في المنازل مما سبب ضغوطا نفسية هائلة على البشر .. اضافة الى ادارة موظفين يعانون القلق والاحباط والاكتئاب وعدم القدرة على التكيف مع متطلبات الانماط الجديدة للحياة الاجتماعية .. كل ذلك يتطلب مدراء يؤمنون برسالتهم الانسانية غير المسبوقة ويتمتعون بمهارات الذكاء العاطفي والاتزان النفسي والهدوء والثقة والقدرة علي التعامل مع المستجدات اللحظية واتخاذ القرارات المصيرية بسرعة ودون تردد او وجل.
وبالرغم من هذا كله .. فاننا يجب ان لا نغفل ان هؤلاء المدراء والرؤساء هم ايضا بشر مثل بقية الموظفين تماما يواجهون نفس المعاناة .. ولكن عليهم ان يكتسبوا رباطة جأش ومهارات نفسية قوية تمكنهم من التعامل مع كل الاوضاع وتحت الظروف القاهرة .. بحيث يكونوا قادرين على ادارة ذواتهم وعائلاتهم ومؤسساتهم وموظفيهم الى جانب تحقيق اقصى درجات الرضى والطمأنينة لانفسهم ومن حولهم .. وان يكونوا قدوة لموظفيهم في اتباع تعليمات الانقاذ والخروج من الازمة باقل الخسائر الممكنة.
وهذا لن يتحقق الا بتهيئة المناخ العام في المنشأة للتعاون والتواصل الفعال بين العاملين الداخليين .. والذين يعملون عن بعد .. وان يدركوا ـ اي المداراء ـ ان الانظمة والاجراءات المعتادة والمعمول بها في الايام العادية .. تتطلب المرونة في تطويعها لمواءمة الاوضاع المتغيرة .. وتلعب قنوات التواصل التفاعلي دورا مهما في توفير المعلومات وفهمها ونشرها علي العاملين وتوحيد جهودهم نحو عمليات الانقاذ بسلام.
واخيرا .. تجدر الاشارة الى ان الاستراتيجيات والقرارات التي اتخذتها الدولة لمكافحة جائحة الكورونا .. كانت جميعها نموذجا قياديا يحتذى به .. بل تعتبر حالة دراسية متفردة تجوب دور العلم والمعرفة لنشرها.