حوار ــ عبد الله صقر
أكد أستاذ علم الأدوية البروفيسور أسامة صادق طيب عضو الجمعية الأمريكية لعلم الأدوية والعلاج التجريبي وعضو الأكاديمية الأمريكية لعلم السموم الإكلينيكي – ومدير جامعة المؤسس سابقا أنه بعد إعلان منظمة الصحة العالمية ان مرض كوفيد 19 تحول الى جائحة وبات “وباء عالميا” .. بادرت المملكة العربية السعودية باتخاذ العديد من الإجراءات للوقاية ولمواجهة هذه الجائحة ومنها ما اعلنته المملكة في 19 شعبان 1441 هـ الموافق 12 إبريل 2020 ممثلة في الهيئة العامة للغذاء والدواء بالموافقة على إجراء دراسة سريرية محكّمة دولية في العديد من المستشفيات داخل المملكة العربية السعودية بعنوان: مشروع البحث العالمي للعلاجات الإضافية لمرضى كورونا كوفيد 19 الذين يتلقون الرعاية القياسية.
واضاف بقوله “للبلاد” إن وزارة الصحة قامت وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بالشروع في إجراء دراسة سريرية متقدمة متعددة المراكز في 7 مستشفيات بالمملكة لمكافحة جائحة كورونا المستجد .وانطلقت هذه الدراسة في كل من مستشفى الملك فيصل التخصصي والمدينة الطبية بجامعة الملك سعود ومستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز بالرياض ومستشفى أحد بالمدينة المنورة ومستشفى النور بمكة المكرمة ومستشفى الدمام المركزي والقطيف المركزي.
ويعمل في الدراسة فريق من الأطباء والصيادلة والباحثين, حيث تهدف إلى تقييم أربع بروتوكولات علاجية تشمل عقارات, وهذه العقارات لها خصائص مضادات للفيروسات أو تحاكي بعض طرق الاستجابة المناعية للفيروسات وتعطى بطرق مختلفة مثل الفم والوريد وتستهدف الدراسة المرضى ذوي الأعراض المتوسطة والشديدة، وقد أثبتت بعض هذه العقارات فعالية أولية في الدراسات المخبرية.
وتعكس الدراسات المخبرية والحيوانية والسريرية التي بادرت بها المملكة مدى التطور كما وكيفا الذي يشهده القطاع الصحي بالمملكة عموما وعلوم الطب والصيدلة على وجه الخصوص ان كان على صعيد الدراسات الأكاديمية او الدراسات السريرية.
الى اي مدى تعكس هذه الدراسات السريرية التقدم العلمي والبحثي الذي حققته المملكة في القطاع الصحي عامة والتعليمي خاصة؟؟ و ما تصوركم لمستقبل الدراسات السريرية بعد جائحة كورونا؟
نعم بكل تاكيد تعكس هذه الدراسات السريرية تطورا كبيرا ليس فقط على صعيد القطاع الصحي بصفة عامة بل حتى يتجلى هذا التطور الصحي في المملكة في شواهد كثيرة ليس اقلها ان الكثير من الزوار والسياح يأتون الى المملكة للعلاج فيها ولو عملنا إستفتاء في هذا الأمر لوجدنا انهم يطمئنون ويثقون في الطبيب السعودي ويفضلونه عن أي بدائل أخرى موجودة فالإمكانيات الموجودة في المملكة من مستشفيات وكوادر طبية ولله الحمد متميزة وجيدة
وهذا يعكس اساسا تميز القطاع التعليمي الموجود عندنا في كليات الطب والصيدلة والعلوم الطبية المساعدة وكليات التمريض وكل ما له علاقة بالنواحي الطبية.
لذلك تجد ان تركيز الجامعات السعودية منصب على ان تكون هذه الكليات متميزة علميا وتقييميا وتحظى بامكانيات جيدة فبالتالي اثمر ذلك في ان خريجي تلك الكليات اثبتوا ولله الحمد جدارتهم ووجودهم ليس محليا واقليميا فحسب بل على المستوى العالمي عندما يذهب مبتعثونا الى الخارج الدراسات العليا يتحصلون على القبول بسرعة وينافسون الأطباء من مختلف أنحاء العالم .
اما عن مستقبل الدراسات السريرية في المملكة بعد جائحة كورونا فاستطيع أن أقول أن الدراسات السريرية القائمة حاليا مع ما لدينا من الإمكانيات في القطاع الصحي يزيد من تميزنا حقيقة في القطاع البحثي.وهنا أتمنى وأنا شخصيا متاكد ان هذه الأفكار موجودة في خطط وزارة الصحة ووزارة التعليم ووزارة التجارة.
وخاصة الجهات التي لها علاقة بالشركات الدوائية والمستشفيات في القطاع الصحي والمنشآت التعليمية والاكاديمية فالمهم ان تتضافر الجهود جميعا لزيادة التركيز في مجال اكتشاف الادوية والتجارب السريرية والدوائية كل ذلك موجود عندنا ولكن نحتاج الى زيادة في التركيز والدعم ان شاء الله في المستقبل.
لدينا امكانيات متميزة ونحتاج الى ترجمتها بصورة اكبر.
مراحل الدواء
ماهي المراحل التي يخضع لها اي دواء او برتوكول علميا قبل البدء بإستخدامه في الدراسات السريرية؟
من المعروف ان اكتشاف اي دواء لعلاج اي مرض معين يمر بمراحل عديدة اولا يبدأ الامر بالفكرة، والفكرة ان يكون هذا الدواء ربما مشتقا من دواء سابق لمرض مشابه او على سبيل المثال دواء مشتق لمرض مشابه له نفس ميكانيكية التأثير أو الميكانيكية المرضية او يكون هناك استخدام شعبي لدواء معين او لخلطات شعبية معينة ونستخرج منها المواد الفعالة المختلفة وتجرب كلها حتى نعرف الدواء الناجع عندما ننتهي من الفكرة وبعد دراستها من الناحية النظرية ومن الابحاث العلمية المنشورة بهذا الصدد تأتي المرحلة الثانية وفي هذه المرحلة يشرعون في عمل نموذج حيواني اذا كان بمقدور الباحثين ومعدي الدراسة تشبيه المرض على الحيوانات لمعرفة تأثير الدواء على هذه الحيوانات.
فعلى سبيل المثال إما ان يكون هذا المرض فيروسيا كما في حالتنا الحالية كوفيد19 او بكتيريا او مرضيا من اي نوع اخر فيقومون بتكوين النموذج الحيواني بإصابة هذه الحيوانات بذلك الفيروس او تلك البكتيريا او بأي نوع يرغبون بدراسته فيتم تجربة ( فكرة الدواء ) التي تحدثنا عنها في المرحلة السابقة على تلك الحيوانات
وطبعا تتم التجربة بطريقة مكثفة وعلى عدد كبير من الحيوانات و بإستخدام جرعات مختلفة من هذا الدواء وباستخدام دراسات تكون ( عمياء) بحيث لا يعلم الباحث ما الذي تم إعطاؤه للنموذج الحيواني.
هل تم إعطاؤه الدواء الحقيقي المنوي تجربته اصلا على النموذج لمعرفة تأثير هذا الدواء على المرض أم تم إعطاء النموذج الحيواني مادة (خاملة ) ليس لها اي تأثير حتى لا يكون تأثير نفسي للباحث على النتائج وبذلك تنتهي المرحلة الثانية وهي مرحلة التجارب على النماذج الحيوانية، فإذا نجحت هذه المرحلة يتم الإنتقال الى مرحلة الدراسة السريرية.
سلامة الادوية
ما هي المعايير التي تحدد فعالية وسلامة الأدوية المستخدمة على النماذج الحيوانية وبالتالي نجاح هذه المرحلة؟
الذي يحكم نجاح المرحلة الثانية مرحلة النماذج الحيوانية هو التأكد تماما من وجود فعالية أكيدة لهذا الدواء الذي تمت تجربته على المرض .. كما يتم التأكد من عدم وجود اي تأثيرات جانبية خطيرة فيتم دراسة الوضع بالكامل من جميع الزوايا بحيث يكون هذا الدواء له تأثير إيجابي على المرض ولا يتسبب في امراض اخرى
عندما يكون هناك معاملات دوائية معروفة ( الجرعة الدوائية التي تعالج 50% من المجتمع والجرعة الدوائية التي تتسبب في وفاة او تأثيرات ضارة لــ 50% من المجتمع تحت الدراسة.
تجارب سريرية
اشرتم الى ان الدراسة الحيوانية تكون دراسة عمياء .. فهل ذلك ينطبق على الدراسة السريرية؟
نعم حتى الدراسة السريرية تجرى بطريقة عمياء حيث تعطى مجموعة من المرضى الدواء وتعطى مجموعة اخرى من المرضى المادة الخاملة ( وعادة تكون هذه المادة السكر) وعادة في مثل هذه الإختبارات على الادوية للامراض الجديدة تكون الدراسة عمياء من جهتين فلا المريض يعرف ماذا يأخذ ولا الطبيب يعرف ماذا يعطي .. بمعنى اخر يتم تغطيتها وتعميتها في شكل واحد وتذهب الجرعات للمرضى كدوائين احدهما الدواء المنوي تجربته والاخر المادة الخاملة ولا احد يعرف ماذا اخذ المريض الا الصيدلي بكود ورقم معين الطبيب والممرضة والفريق الطبي لا يعلمون ماهية الجرعة التي تناولها المريض والهدف من هذا الإجراء استبعاد التأثيرات النفسية ومن المعروف جدا ان التأثيرات النفسية مهمة جدا خاصة في مثل هذه الامراض لزيادة المناعة او لتقليلها او حتى في عملية تفسير النتائج.
اعتماد الدواء
ما هي الجهات الموثوقة والمخولة لإعتماد الدواء بعد نجاح الدراسة السريرية ؟؟ والية إعتماد الأدوية في الظروف العادية وفي الحالات الإستثنائية ؟؟
عادة إعتماد الادوية يكون من قبل منظمات وهيئات موثوقة مثل إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة FDA و الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية SFDA فهذه الهيئات تدرس النتائج في مختلف المراحل المختلفة ان كانت معملية أوحيوانية أو سريرية وطبعا الدراسات تعرض في مؤتمرات علمية طبية وتأخذ وقت طويل.
فعادة اي دواء لكي يتم اعتماده والموافقة عليه للعلاج ياخذ سنوات طويلة من 5 الى 10 سنوات .. لكن في حالات استثنائية طبعا وفي ظل وجود الجائحة وعدم وجود علاج أو لقاح يتم التجاوز واخذ المخاطرة وتكون هناك عملية موازنة بين تأثير انك تستخدم دواء تمت دراسته لفترة قصيرة وعلى عدد محدود من المرضى او على عدد اكبر من المرضى .. ففي هذه الحالة يتم التجاوز عن بعض هذه الشروط في اعتماد الادوية كما حدث الان في إدارة الغذاء والدواء (الولايات المتحدة) FDA .. حيث تجاوزت عن بعض هذه الشروط عندما قدرت الظروف المرضية لهذا الجائحة وسمحت بان يتم تجربة بعض من هذه الادوية و بداية عملها ودراستها سريريا.
علاجات مسجلة
من المعلوم ان الأدوية الواردة في البروتوكولات الاربعة هي علاجات مسجلة ومستخدمة كمضادات للفايروسات للعديد من الامراض .. فهل يؤثر ذلك في إجراءات اعتماد هذه المضادات كعلاج لكورونا كوفيد19 ؟؟
كلما كان الدواء قيد الاستخدام لمرض معين اخر فذلك يخفف كثيرا من اجراءات اعتماده والسبب لان هذا الدواء تم استخدامه من قبل ومجرب ومعتمد وبالتالي اعراضه الجانبية مقبولة او اقل بكثير من ان يرفض له هذا الدواء فهذه هي الحالة الان … الأدوية كلها او معظمها المذكورة في البرتوكولات الاربعة تستخدم سواء للملاريا او لغيره لكن لابد ان يتم تجربتها على مرضى كوفيد19 لانه قد يكون هناك اختلاف بين هذا المرض او ذاك فقد يكون هناك تأثيرات جانبية بسبب وجود مسبب جديد غير المسبب الرئيس الذي أجيز بسببه هذا الدواء او ذاك ففي حالة الملاريا كان المسبب هو بعوضة الملاريا عندما تنقل مرض الملاريا .. فقد يكون تأثير الدواء والجرعة المعطاة لمرضى الملاريا مختلفا عن حالة كوفيد19.
علاج ناجع
العالم يتسابق ويتكاتف من اجل ايجاد علاج لكوفيد ١٩ ما توقعاتكم الزمنية للتوصل باذن الله الى علاج معتمد لكوفيد ١٩؟
حقيقة لا اقدر ان احكم او اعطي وقتا معينا فأنا الان بعيد عن كواليس الجهات التي تعمل الابحاث في هذا المجال سواء في المملكة او في الخارج ان كان على صعيد الابحاث التي تجرى على ادوية معروفة او التي تجري على ادوية جديدة لكن مما اسمعه واقرأه أرى انه باذن الله تعالى مع نهاية العام الحالي او في بداية العام القادم سيكون لدينا لقاح او علاج لكوفيد ١٩.
اجراءات السلامة والفعالية
حدثنا عن مرحلة الدراسات السريرية وسيرها وتقييم إجراءات السلامة والفعالية فيها ؟
بعد نجاح مرحلة النماذج الحيوانية تبدأ المرحلة الثالثة حيث تبدأ الدراسة على عدد قليل من المرضى وفي حالتنا هذه لا بد ان يكون المرضى هم مرضى كورونا كوفيد19 وهذه التي تسمى بالدراسة السريرية وموضوع التجارب السريرية ليس بجديد ومعروف منذ سنوات طويلة والجديد فيه فقط هو اهتمام الناس به لاجل حديث الساعة الا وهو الجائحة وعادة تجرى الدراسة على المرضى في المستشفيات تحت المراقبة الطبية الدقيقة لتجربة تأثير دواء معين على مرض معين للتأكد من فعاليته من ناحية ومن قلة اعراضه الجانبية من ناحية اخرى. هذه المرحلة من الدراسة يكون عدد المرضى الذين تجرى عليهم الدراسة السريرية قليل ولا يتعدون العشرة مرضى .. فإذا نجحت هذه المرحلة ولم يكن هناك تأثيرات ضارة كبيرة يتم زيادة العدد في المرحلة الرابعة الى عدد اكبر ثم يزيد الى عدد اكبر قبل ان يتم السماح والموافقة على هذا الدواء ..و لا بد ان يكون هناك عدد كبير من المرضى لإعتماد هذا الدواء .