أعلن معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور وليد الصمعاني تعميق مؤسسة العدالة في المملكة، عبر التوسع في تطبيق “العدالة الوقائية” التي أكد أنها ضرورية لنجاح القضائية والتنفيذية، ونجاعة المنظومة العدلية في نهاية المطاف.
وقال معاليه في لقاء افتراضي نظمه مركز التدريب العدلي عن بعد اليوم وحضره أكثر من 2500 مهتم ومختص: “إن العدالة الوقائية من أهم مراحل العدالة، كونها تحول دون النزاعات وتوصل الحق لمستحقيه، كما أنها لا تختص بالفصل في المنازعات، وإنما تمتد إلى ما بعد ذلك وقبله, مشيراً إلى أنه على الرغم من أهميتها (العدالة الوقائية)، إلا أنها لم تنل حظها من النقد والتحليل حتى في التطبيق العملي، مما أحوج إلى “مشروع عام يحقق العدالة الوقائية ينتهي بالتطبيق”، في وقت لا تزال فيه معظم الدول تكتفي بالتطبيق الجزئي للمفهوم المؤثر في تحقيق العدالة والأمن المجتمعي، جراء أثر العدالة الوقائية في الحد من نشوء المنازعات.
وأوضح الصمعاني أن العدالة الوقائية، تأتي من “الحرص على تحقيق العدالة قبل نشوء النزاع بإعطاء الحق لمستحقه من البداية دون الحاجة لعرض حقه على القضاء، بإعطاء الحقوق قوتها القانونية وحجيتها التنفيذية، بحيث تكون للعقود مثل الإيجار والملكية قوتها التنفيذية.
وتناول معالي وزير العدل المفهوم أكثر، بالإشارة إلى أن مسارات العدالة الرئيسة ثلاثة، هي “الوقائية والقضائية والتنفيذية”، ولا يمكن أن ينجح مسار منها إلا بوجود الآخر, حيث إن العدالة الوقائية لها جانب حمائي، وتجسد عند تطبيقها العدالة في المجتمع وفي قطاع الأعمال، وبعض الجوانب الجنائية.
ولفت معاليه النظر في اللقاء الذي وجد تفاعلاً واسعاً من الحضور إلى أن العدالة الوقائية لا تدخل فيها الوسائل المساندة، أو ما يسمى بـ”الأحكام البديلة”، إذ إن هذه الأخيرة تأتي بعد نشوء المنازعة، بينما العدالة الوقائية تبرز في صورة عقود العمل أو الإيجار، التي جرى إضفاء الصفة التنفيذية عليها، فعند إخلال أي من طرفي عقد الإيجار بما نص عليه العقد لا يحتاج إلى القضاء لإثبات حقه، ولكن يذهب مباشرة إلى “التنفيذ”.
وأكد الدكتور الصمعاني أن العدالة الوقائية ستأخذ موقعاً أهم في الممارسة الواقعية، بعد تطبيق نظامي “التوثيق” و”التكاليف القضائية” التي يجري العمل على اعتمادها.
ونبه معاليه إلى أن إعطاء مفهوم العدالة الوقائية ما يستحق من اهتمام، يستدعي تضافر جهود جهات متعددة وقطاع المحاماة على وجه التحديد، فالوعي القانوني يترك آثاره الإيجابية على المجتمع برمته، إذ مع سيادة منطق “العدالة الوقائية”، يصبح لدى قطاع الأعمال والأفراد وعي بأن العقود التي يوقعون عليها هي واجبة النفاذ، مما يقلص آثار التلاعب والمنازعات.