البلاد – مها العواودة
صلف الحوثي وتعذيبه لليمنيات لا يتوقف، وانتهاكاته الإنسانية لا تنتهي، ما يدعو لكشفها باستمرار ليعرف العالم حقيقة جرائمه التي ينفذها بحق أطفال ونساء اليمن من بينهن الشاعرة اليمنية برديس محمد علي طاهر السياغي التي وقعت ضحية لجرائم الميليشيات الانقلابية، وعانت مرارة السجن والتعذيب لعدة أشهر، وفقدت بصر عينها اليمنى بسبب التعذيب الوحشي الذي تعرضت له على يد “الزينبيات” والضباط داخل سجون الحوثي غير الشرعية التي يمارس فيها أبشع صنوف العذاب، فكانت شاهدا على هذه الجرائم، حيث الضرب والشبح والتجويع، والصعق بالكهرباء والجسم مبلل بالماء، إضافة إلى تناوب الضباط على اغتصاب بعض المعتقلات داخل السجون السرية وأقبية التعذيب الحوثية. وتصدح السياغي، نائب مدير نقابة شعراء اليمن، بقول الحق عبر أشعارها وقصائدها وكلماتها المليئة بحب الوطن ونبذ الإرهاب والانقلاب، لذلك فجرت قصيدتها “الموعد السبعين” غضب ميليشيات الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، فبدأت بملاحقتها حتى تم اعتقالها 100 يوم بعيدا عن أطفالها الثلاثة.
وتقول السياغي لـ”البلاد” إن ميليشيات الحوثي عمدت إلى الاعتداء على المرأة اليمنية، والتنكيل بها وانتهاك حقوقها وكرامتها، في انتهاك واضح للتقاليد القبلية اليمنية، ورغم دعوات منظمات حقوقية لوقف جرائم الحوثيين التي ترتكب بحق حرائر اليمن تواصل الميليشيات الإرهابية جرائمها ضاربة بعرض الحائط كل الأعراف والمواثيق الدولية التي تنص على حماية المرأة والطفل.
“الإسكات” هدفهم
الشاعرة الثلاثينية التي تمكنت من الهروب إلى القاهرة تؤكد أن جماعة الحوثي الانقلابية استهدفتها بالملاحقة والاعتقال والتعذيب بهدف إسكات صوت الحق، وتسعى جاهدة للجم كل من يحاول الانتقاد والاعتراض، حيث تم الضغط عليها لمنعها من كتابة وإلقاء القصائد التي تفضح قمعهم للإنسانية وجرائمهم بحق البلاد والعباد.
ولفتت إلى أنه في بادئ الأمر وفي محاولة يائسة للي ذراعها تم اعتقال زوجها بتاريخ ١٣ / ٦ /٢٠١٨ لمدة ثمانية أشهر، وتم إبلاغ ذويه أنه قد توفي داخل السجن، إلا أنها لم تتقبل هذا الخبر إلا بوجود جثة زوجها التي رفضت ميليشيات الحوثي تسليمها، في حين تواصلت التهم والملاحقات من أجل تحقيق مرادهم باعتقالها، فتم اقتحام بيتها في السنينه، ورغم مطالبتها القضاء بمحاكمة من دخلوا بيتها وعاثوا فيه فسادا، إلا أنه بعد ثلاثة أشهر تم تجميد القضية، واستهدافها والاعتداء عليها في شارع عمان بالضرب المبرح، ما دفعها لتقديم شكوى أخرى، ولكن لاحياة لمن تنادي، فقررت الهرب إلى مأرب بحثًا عن الأمان.
استدراج وتعذيب
وتروي الناشطة والشاعرة السياغي بكل حسرة وألم قصة اعتقالها وتعذيبها داخل سجون الحوثي كجزء يسير من حكايات المعذبات خلف القضبان، تقول:” تم استدراجي من أجل العودة إلى صنعاء، تواصل معي عدد من عناصر ميليشيات الحوثي وأبلغوني أن زوجي حي وأنه لا يزال معتقلًا لديهم، وفور عودتي إلى صنعاء طُلبت للتحقيق فغيرت مكاني من حي إلى آخر، وتم تحديد مكاني واقتحام بيتي بتاريخ ٢ اغسطس 2019 قبل الفجر بخمسة أطقم، وحافلتان تقلان “زينبيات” اللاتي دخلن مدججات بالسلاح، وتم اقتيادي أمام أطفالي إلى مكان مجهول بعد تكبيل يدي وعصب عيوني إلى أن وصلت المعتقل، وكان ملفي جاهزا بتهم خيانة الوطن والإرهاب، وأنا بريئة من ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب”.
وعن المعتقل الذي بقيت فيه السياغي عدة أشهر تقول:” دخلت المعتقل معصوبة العينيين، مكبلة اليدين، ولا أعرف في أي منطقة أتواجد، تم إدخالي إلى زنزانة قذرة أشبه بالقبر رائحتها نتنة ولا تتجاوز مساحتها كبينة الاتصالات، بلا فراش أو غطاء، بقيت فيها لوحدي لمدة شهرين متواصلين، استخدموا كل وسائل التعذيب الجسدي والنفسي، وكل يوم يتم استخدام نوع جديد من أنواع التعذيب والترهيب، من ضرب وصعق بالكهرباء بعد أن يبلل الجسم بالماء وضرب الرأس بالحائط أو الطاولة، ما أدى إلى تضرر عيني اليمنى، فقدت جزءا منها والآن أحتاج إلى عملية جراحية، إضافة إلى منع الأكل، وربط يدي على سلم حديدي لعدة ساعات وأنا مقيدة في السلم، جلست في العزل الانفرادي لشهرين وأسبوع”.
عشرات المعتقلات
ونوهت السياغي إلى أنه بعد تدهور حالتها الصحية بسبب شدة التعذيب، تم إخراجها للجلوس مع 14 سجينة في غرفة واحدة لمدة شهر، بينما بلغ عدد السجينات في هذا المعتقل نحو 120 يمنية، بينهن عاملات في المجال الإنساني والحقوقي، ومنهن أمهات مع أطفالهن فكانت أصغر سجينة عمرها ٣ سنوات وأكبر سجينة عمرها ٥٢ سنة، وكان من بينهن طفلة عمرها ١٤ سنة وشابة عمرها ٢١ سنة، تحدثن عن تعرضهن للاغتصاب أثناء التحقيق الانفرادي من قبل قاضي يدعى أبو صارم تبين فيما بعد أنه مسؤول حوثي – تحتفظ باسمه-“. وتابعت “الأختين نضال ومنى الريمي، تم اعتقالهما وتعذيبهما دون رحمة أو شفقة أمام طفلتيهما داخل السجن، حتى خرجت الدماء من فم نضال الحامل خمسة أشهر وهي مريضة بالكبد”.
وتؤكد السياغي أن المرأة اليمنية في السجون السرية- بيوت مهجورة، مدارس، مراكز صحية – تتعرض للتحرش الجنسي والتشويه، وممارسات مقززة وغير أخلاقية، تستدعي تحركا عاجلا من قبل منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية لفضح جرائم الحوثي بحق المرأة اليمنية ومحاسبته على جرائمه، داعية المنظمات الحقوقية ونشطاء حقوق الإنسان بالالتقاء بالنساء في سجون الحوثي والاطلاع على أوضاعهن المأساوية.
وأضافت “بعد اعتقال تعسفي دام ثلاثة أشهر وأسبوع تم الإفراج عني بعد إجباري بالتوقيع على الإعدام في حال أسأت لهم أو تكلمت عن (سيدهم)، أو إذا حاولت الخروج من صنعاء وفضحت جرائمهم”.
ولفتت الشاعرة اليمنية برديس السياغي الناجية من سجون الحوثي إلى أن عشرات المعتقلات رفضن الحديث عن معاناتهن بعد خروجهن من السجن، خوفا من الملاحقة من جديد وتلفيق التهم الكيدية لهن خاصة في مناطق سيطرة الحوثي.