استفتاءات غريبة، هدفها اللعب بأعصاب الجماهير كما يلعب المتحكم في عرائس الماريونيت، والمصيبة أن الجميع يعرف أنه لا يوجد لها أساس فني أو منطقي سوى إثارة الجدل وجذب الحركة على حسابات التواصل، فعملية الأفضلية، أو الأكثرية عملية حساسة جداً ذات معايير دقيقة، فمن يصدق أن الأندية الصغيرة جماهيرية، والتي لاتتعدى جماهيريتها مدينتها، وأحيانا منطقتها، أنها ستتغلب على أندية تجاوزت حدود المناطق في المملكة، والخليج والعالم العربي وربما القارة !
الاستفتاءات قد تكون أسهل نسبيا في الألعاب الفردية، لكنها أصعب بكثير في الألعاب الجماعية ولاسيما في كرة القدم، ويرجع ذلك إلى أن قدرة اللاعب على فرض نفسه مرتبطة مباشرة بالنتائج التي يحققها مع زملائه ككل، وفي كل حال فإن نتائج الاستفتاءات لا يمكن أن تقنع الجميع ولا تلقى قبولا مطلقا، فهناك لاعبون يستحقون مكانا في قوائم الأفضلية السنوية لكن عدم تألق أنديتهم ومنتخباتهم وغيابها عن الصورة يحجب عنهم الفرصة، وقد لا يكون لمن يقوم بالاختيار ذنب في ذلك؛ لأنهم لا يقدرون على متابعة كل اللاعبين وإنما ينتهزون فرصة وجودهم معا في المسابقات الكبرى ليكونوا آراءهم، ويدلوا بأصواتهم.
استفتاءات كرة القدم أصبحت تقليدًا دارجًا، وبات من الصعب وصفها بالموضوعية؛ حيث تعدت القنوات الإذاعية والتفزيونية والصحف المتخصصة؛ لتصبح موضة في الحسابات الرياضية، ومن يسمون بالمؤثرين، وهي في النهاية لا تؤدي سوى للتوتر والبلبلة بين الجماهير، وفي نظر القائمين عليها بزيادة المتابعة والحركة على الحسابات، ولكن شئنا أم أبينا، فهي تفرض نفسها على عشاق أية رياضة، فربما يكون الفراغ، أو عدم القدرة على تقديم محتوى مميز، أو أنه فعلا هناك من يقتنع بأمر به أقل درجات المصداقية أو المنطق ، أو أن هناك من يصدق فعلا النتيجة؟ كل هذه الأمور هي ماتجعل من يطلقون الاستفتاءات على نطاق واسع في مواقع التواصل يستمرون في ذلك.
بُعد آخر
أشهر الاستفتاءات هي التي تجريها مجلة «فرانس فوتبول» المتخصصة والرائدة في هذا المجال منذ العام 1956، تتعرض نتائجها إلى الطعن والتشكيك، وهي الخبيرة ذات المعايير، فما بالك بحسابات تويتر التي يشوبها كمية جدل لا حصر لها؟
@MohammedAAmri