جدة– ياسر بن يوسف – رانيا الوجيه . فلسطين – مها العواودة
بادرت المملكة العربية السعودية بتحمل 60 % من رواتب موظفي القطاع الخاص المتأثر من جائحة كورونا ، بهدف تخفيف الأعباء عن المواطنين العاملين في منشآت القطاع الخاص، ومساندتهم والحيلولة دون فقدهم لمصدر دخلهم خلال هذه الفترة الحرجة بسبب وباء كورونا. وأيضا لاستدامة النشاط الاقتصادي وضمان سير عجلة سوق العمل دون التأثر بالجائحة، عبر سلسلة مبادرات تحتوي تداعيات كورونا المالية والاقتصادية. وكان لهذه المبادرة أثر على السعوديين العاملين في الشركات والمصانع والمجتمع. وفي هذا الصدد يعلق المحلل المالي والاقتصادي ورئيس إدارة الأبحاث في شركة مالية مازن السديري بقوله : تعتبر مبادرة المملكة العربية السعودية لدعم القطاع الخاص والعاملين بذلك القطاع بتحمل 60 % من دفع رواتبهم مبادرة فريدة من نوعها إن لم تكن المبادرة الوحيدة على مستوى دول العالم، وذلك يعكس الفكر الجديد والتطور الحديث للأجهزة الحكومية في سرعة الابتكار والتنفيذ. وفي ظل ظروف أزمة كورونا العالمية وكما نعلم هناك العديد من الأنشطة الاقتصادية قد تعطلت وكانت المملكة العربية السعودية من أولى الدول التي أتخذت إجراءات سريعة ومشددة والحرص على مستوى الخدمات الطبية، وهذا المسار سارت عليه المملكة والدول المتقدمة مثل تايوان وهونغ كونغ وكان له ثناء عالمي على تلك القرارات التي أتخذوها، ومبادرة دفع الرواتب للقطاع الخاص في ظل الظروف الحالية خطوة جريئة، حيث أصبحت بعض الشركات مبيعاتها صفرا وهي الشركات التي تواجه التكاليف الثابتة وأهم تلك التكاليف الثابتة هي الرواتب، وجاءت تلك المبادرة حرصا من الدولة على ألا يكون هناك أزمة بطالة وانهيار للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحسب أرقام هيئة الإحصاءات العامه أن 8,2 مليون من القوى العاملة ، كما أن هذا القطاع الخاص يشكل جزءا كبيرا من النشاط الاقتصادي بشكل عام، ولذلك تدخلت الدولة لهدفين أساسيين أولا لمساعدة تلك القطاعات في دفع الرواتب أيضا تحملت الدولة إتاحة العلاج المجاني للمواطنين والمقيمين وللوافدين ومخالفي نظام الإقامة، وهذا جزء مهم حيث لايمكن عودة النشاط الاقتصادي وهناك شكوك في صحة العمالة الأجنبية والمقيمة في المملكة.
بند الاجور
كما يؤكد المحلل الاقتصادي والمصرفي فضل بن سعد البوعينين أن بند الأجور والرواتب من أثقل النفقات الثابتة على القطاع الخاص، وهو أول البنود التي تعمد المنشآت للتعامل معها في حال ضعف التدفقات النقدية، لذا سارعت الدولة لتقديم حزم دعم للقطاع الخاص لخفض انعكاسات جائحة كورونا على الاقتصاد والقطاع الخاص والمنشآت الصغيرة والمتوسطة على وجه التحديد، ومنها مبادرة تحمل 60% من رواتب موظفي القطاع الخاص المتأثر من جائحة كورونا تخفيفا للأعباء المالية ومساندتهم للحؤول دون تسريح الموظفين ما سيفقدهم مصدر دخلهم خلال هذه الأزمة.
وأشار إلى أن حماية الوظائف في القطاع الخاص هدف رئيس للحكومة للحد من أية تداعيات مالية واجتماعية تؤثر سلبا على المواطنين، كما أنها تنظر من خلال مبادرتها لضمان استدامة النشاط الاقتصادي، وضمان سير عجلة سوق العمل دون تأثر بالتداعيات الحالية.
وأوضح أن العلاقة التعاقدية تحكم طرفي العلاقة غير أن في الظروف القهرية، كجائحة كورونا، تتسبب في وقف العلاقة التعاقدية لأسباب خارجة عن الإرادة لذا تدخلت الدولة بوضع تشريع جديد للتعامل مع الجائحة والظروف الطارئة وبما يضمن مصلحة المنشأة والموظفين، لذا ساهمت مبادرة تحمل جزء من رواتب الموظفين في حماية الوظائف من الشطب وساعدت المواطنين في استدامة عملهم في وظائفهم في القطاع الخاص، وخففت من أعباء القطاع الخاص المالية كما أنها ساهمت في استدامة ضخ السيولة في الاقتصاد من خلال الرواتب التي ستنعكس على حجم الإنفاق الاستهلاكي.
مشيراً أن مبادرة تحمل الدولة لــ 60% من رواتب الموظفين ليست الوحيدة الموجهة لحماية القطاع الخاص بل قدمت الدولة رعاها الله ما يقرب من 230 مليار ريال كحزم دعم مختلفة لحماية الاقتصاد والمجتمع من التداعيات الخطرة.
مكرمة ملكية
ويرى عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله أحمد المغلوث أن أمر خادم الحرمين الشريفين رعاه الله بتعويض أكثر من ١.٢ مليون مواطن سعودي يعملون في المنشآت في الاتجاه الصحيح فيه الكثير من الفوائد والقيم المضافة، حيث سينعكس ذلك إيجابا على الاستقرار الأسري للمواطن من خلال توفير متطلبات الحياة لأسرته، كما ستضيف قيمة مضافة لتدوير الاستهلاك في السوق المحلي، يضاف إلى ذلك تخفيف الضغط على الشركات الخاصة المتعثرة من الضغوطات المالية عليها.
إدارة الازمات
نوه المستشار الاقتصادي الدكتور حسين محمد العطاس بالجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة مما جعلها محط أنظار العالم في ادارة الأزمات والدور الكبير الذي ينهض به القطاع الخاص في التعامل مع هذه الأزمة المتمثلة في تفشي فيروس كورونا بمختلف دول العالم، ولاشك ان المواطنين يثمنون هذه الجهود المبذولة من المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد حفاظاً على صحة المواطن والمقيم والعمل كروح الفريق الواحد لتعزيز ودرء هذه المخاطر عن بلادنا.
وبإذن الله تنقشع هذه الغمة وتعود الأوضاع الى صورتها الطبيعية في حياتنا اليومية ويستعيد القطاع الخاص حيويته وانطلاقته بقوة نحو التألق والنجاح في مسيرة الاقتصاد الوطني.
واثبتت المملكة للعالم الإجراءات الاحترازية التي نشرتها وكيفية التعامل مع هذه الجانحة بالتوعية والتثقيف الفعالين وأخذ الحيطة والحذر من تفشي مرض كورونا ورصدت المليارات الريالات لكبح جماح هذا المرض بطرق ووسائل آمنه ومستدامة.
استراتيجية واضحة
تقول المستشارة المالية ابرار باشويعر ان القيادة الرشيدة أولاً وأخيرا لم تتأخر لحظة في إسعاد المواطنين والمقيمين في سبيل تخفف اثار الأزمات والأعباء المالية والقروض وشتى المصروفات التي تعتبر سبب نجاح الشركات في الأيام التشغيلية المربحة وسبب سقوطها في أيام الأزمات إن لم تكن مرسومةٌ ببعد نظر واستراتيجية واضحة ومصادر دخل متنوعة وانسيابية ومرونة تقيها شر الأزمات المفاجئة..وتضيف باشويعر ان كل قطاع يختلف عن الآخر وكل أزمة تختلف لكن الأساس في القيادة الرشيده للحكومات وللمنظمات وللشركات.
طرق التعامل مع الأزمات إذا كانت قيادة الشركة رشيدة لحولت الأزمة إلى فرصة وخففت الالتزامات دون أن تتسبب بأضرارٍ جسيمة للاقتصاد أو للأفراد.
إن من أهم طرق التعامل مع الأزمات هو بالظبط كما فعلت حكومتنا الرشيدة .. جعلت كل أفراد المجتمع مسؤولا.
وهكذا يجب أن يكون الحال في الشركات.. فالكل يجب أن يتشاطر المسؤولية.. هنا تظهر روح الفريق.. فمن ينقذ السفن وقت العواصف هو طاقم السفينة وليس الربان وحيداً.. فانظر إلى ما كشفته هذه الجائحة .. فاستطعنا الاستمرار في مثل هذه الظروف بفضل الله ثم بفضل جنودنا من رجال الأمن والفرق الطبية وموظفي التوصيل . ولاننسى دور الأمانات فرغم الحظر والصعوبات مازالت شوارعنا نظيفة بل ومعقمة.. ابدأ باستراتيجية واضحة مدرة للدخل قبل أن تبدأ بتقليل عدد الموظفين..
ركز على الدخل وأخلق مرونة لتستفيد من كافة الموارد البشرية في الشركة قدر الإمكان..فهم جنودك وسبيل نجاتك وليس العكس.
كن ايجابياً واعتبر الأزمة فرصة.. وركز على الأبواب التي فتحت.. ليس بالضرورة أن تكون كل الأبواب التي فتحت ذات تأثير إيجابي على المدى القريب.
ابق العجلة تدور قدر الإمكان.. لا تتوقف.. فالتوقف يشعل نيران الخوف حينها تبدأ أعراض الفشل..فكر خارج الصندوق فهذه فرصتك.. وكن قائداً مقداماً وقدوة يحتذى بها.. هكذا ستنقذ شركتك والاقتصاد وأفراد مجتمعك!
الأزمة ماهي الا إثبات لك أنك تمشي في المسار الصحيح فإن واجهت صعوبات فاعلم أن هذا وقت التغيير .. وأبدأ باقتناص الفرص وأعد النظر في رؤية الشركة وأهدافها وخططها الاستراتيجية وسياساتها وإجراءاتها واجعل الأزمة نقطة تحول كاملة ولا تتأخر.. فالوقت هو الفيصل..ولله الحمد هذه المبادرات والإجراءات التي اطلقتها المملكة صداها على المستوى العالمي ولها انعكاسات إيجابية على السعوديين العاملين في القطاع الخاص والمصانع مما سيكون لها ابعاد ممتازة على المدى الطويل.