جدة – عادل بابكير
أشاد استشاري الوبائيات بمنظمة الصحة العالمية الدكتور أمجد خولي بالجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية لدرء مخاطر فيروس كورونا،لافتا إلى أن خططها الاستباقية والاحترازية لإحتواء الفيروس تمضى بنجاح.
وأضاف في حواره مع صحيفة “البلاد” بأن المملكة من البلدان التي تفاعلت مبكراً جداً مع ظهور فيروس كورونا وسارعت بتفعيل خطط التأهب والاستعداد الخاصة بها ورصدت الإمكانيات والمقدرات اللازمة لتنفيذ خطتها. كما سارعت بتطبيق إجراءات قوية وحازمة للحول دون انتشار الفيروس خاصة في ظل ما تتميز به المملكة من مناسبات دينية حاشدة. ونظراً لما تتمتع به المملكة من خبرة في طب الحشود وفي التصدي للطوارئ الصحية وقوة النظام الصحي فقد مكنها كل ذلكمن اتخاذ العديد من الإجراءات بسرعة وبدون إبطاء.
بصفتك خبيرا عالميا في الوبائيات هل بالإمكان أن تحدثنا عن جهود المملكة العربية السعودية في احتواء تداعيات هذه الجائحة ؟
الأمور في السعودية مبشرة للغاية وجهودها تمضي بقدر كبير من النجاح. في احتواء الفيروس ولكننا أمام جائحة تضرب العالم بأكمله، ولا زالت التوصية الأساسية هي مضاعفة جهود الترصد والبحث عن الحالات واكتشافها وإجراء المزيد من الفحص المختبري ويعد العزل المبكر أحد تدابير الاحتواء الرئيسية، بالإضافة إلى الكشف المبكر، وتتبُّع المُخالِطين والعلاج في مرحلة مبكرة والمملكة تقوم بالاجراءات الاستباقية والاحترازية لوضع حد للفيروس .
ماذا تتوقع في قادم الايام على صعيد انتشار وباء كوفيد في العالم؟
لا يمكن الجزم بالمسار الذي سيتخذه الفيروس في بلد ما ولكن لابد من الاستعداد لاحتمالية انتقال المرض على نطاق أوسع، ما قد يؤدي إلى أعداد كبيرة من الحالات. وبينما نبذل قصارى جهدنا لتفادي هذا السيناريو، يجب علينا التأهب لهذه الاحتمالية. مما يعني ضرورة التخطيط لتخصيص مزيد من مرافق العزل لحالات الإصابة الخفيفة، ومزيد من الأسِرَّة في المستشفيات لحالات الإصابة الوخيمة، ومزيد من الأسِرَّة في وحدات العناية المركزة للحالات الحرجة. وينبغي القيام بكل ذلك إلى جانب الالتزام القوي بتدابير مكافحة العدوى في المنازل والعيادات ومرافق العزل والمستشفيات.
وعلينا أن نتحرك دائماً ونحن نضع جميع السيناريوهات في اعتبارنا حتى لا نتفاجأ بسيناريو غير متوقع. ونصيحتنا دائماً لجميع البلدان هي الجاهزية والتأهب والاستعداد للاستجابة لأشد السيناريوهات صعوبة.
ورغم صعوبة التكهن بما سيكون عليه الوضع إلا أننا يساورنا القلق من استمرار وتيرة الانتشار السريع للفيروس ومن ثم يهدد الطلب المتزايد بسرعة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين بإنهاك بعض الأنظمة الصحية وقد تصبح غير قادرة على العمل بفعالية. واتحدث هنا بصفة خاصة عن النظم الصحية في بلدان الصراعات والطوارئ الممتدة التي تعاني من الإنهاك وضعف البنية الأساسية.
خطر كامن
شاهدنا جميعا في الايام الماضية الأعداد المتزايدة خاصة في دول متقدمة علميا برأيك ما هو السبب ؟
هناك أسباب عديدة منها السرعة الملحوظة لانتشار الفيروس وقدرته على الإعداء والانتقال بين البشر ومنها أيضاً أن بعض البلدان لم تعر الأمر الأهمية الواجبة إلا بعد إعلان الفيروس بوصفه جائحة عالمية وهذا يعني أنها بدأت متأخرة في التعامل بجدية مع الخطر الذي يمثله الفيروس. ثم إن نمط الانتشار المجتمعي أو المحلي يعني أن العدوى لا ترتبط بمجموعة معينة من المخالطين للمرضى العائدين من مناطق موبوءة بل بات الخطر كامناً بين أفراد المجتمع. ومع نقص القدرة على اكتشاف الحالات المصابة وأحياناً عدم انتباه المصابين أنفسهم لحالتهم المرضية فقد تحول عدد أكبر من الناس إلى مصادر لنشر العدوى.
تواصل الأبحاث
هل تم اكتشاف المسبب الرئيسي للفيروس ؟
حتى الآن لم يتم تحديد الحيوان الذي تسبب في إصابة الإنسان بالكوفيد-19 وإن كان قد تم اكتشاف نفس السلالة في الخفافيش ومازالت البحوث تجرى لتقصي احتمال وجود حيوان وسيط.
سلالة مختلفة
في ايام انتشار كورونا ٢٠١٢ تقارير عديدة اثبتت أن مصدر الفيروس هو الإبل هل نستطيع ربط نفس المصدر بفيروس كوفيد ١٩ ام هناك مصدر اخر؟
الفيروس الذي تم اكتشافه عام 2012 هو الفيروس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وقد تم التأكد إن الإبل هي مصدر العدوى بهذا الفيروس. هذا الفيروس هو سلالة مختلفة عن الفيروس المسبب لمرض كوفيد- 19 وإن كان يتبع نفس عائلة الفيروسات التاجية أي فيروسات كورونا. ولم يثبت أن الإبل هي مصدر للعدوى بفيروس كورونا المسبب لكوفيد-19.
توقيت الإنحسار
متى سينحسر الفيروس ؟
من المبكر التنبؤ بتوقيت انحسار الجائحة خاصة في ظل الارتفاع المستمر في أعداد الإصابات المؤكدة وحالات الوفاة ونعتقد أن هذه الأعداد أقل كثيراً من الواقع نظراً لصعوبة ترصد جميع الحالات. كما أننا نشهد ظهور بؤر مركزية جديدة في مناطق مختلفة واتساع النطاق الجغرافي للجائحة فضلاً عن ظهور أنماط انتشار مجتمعي ومحلي مما يجعل مسألة الانحسار أكثر صعوبة.
سبل الوقاية
بماذا تنصح افراد المجتمع ؟
ننصح جميع الأفراد والمجتمعات أنه لا داعي للذعر أو الفزع فالأهم هو الوعي بسبل الوقاية والالتزام بها. كل فرد مسؤول عن حماية نفسه وحماية من حوله من خلال الحرص على اتباع تدابير الوقاية من نظافة شخصية وغسل الأيدي إلى اتباع آداب السعال مثل تغطية الفم والأنف عند السعال والعطس وتجنب مخالطة المرضى وسرعة التماس الرعاية الطبية عند الشعور بأعراض المرض. ومن المهم أيضاً الالتزام بما تتخذه السلطات الصحية من تدابير وإجراءات سواء تتعلق بالعزل المنزلي والتباعد البدني أو التقييد الجزئي للحركة. فهذه الإجراءات تتم عادة بعد تقييم للمخاطر وتستهدف احتواء الفيروس ووقف انتشاره والحفاظ على المواطنين وصحتهم .
تحور الفيروسات
هل من الممكن خروج سلالة جديدة من أسرة كورونا ؟
مسألة تحور الفيروسات مسألة طبيعية بين حين وآخر. ولكن إن كان السؤال عن تحور فيروس كورونا الجديد المسبب لكوفيد-19 فلم نشهد تحوراً في هذا الفيروس حتى الآن وهو قد اكتشف لتوه ومن ثم فمن غير المتوقع أن يتحور بهذه السرعة.
صرامة وجدية
وماذا نحتاج لدرء مخاطر هذه الجائحة العالمية ؟
نحتاج لإشراك كافة فئات المجتمع وسائر القطاعات الحكومية وغير الحكومية كما نحتاج لأعلى درجات الصرامة والجدية في تطبيق إجراءات الوقاية والمكافحة ونشر الوعي وتجنب الشائعات وتبادل المعلومات والخبرات الناجحة والتحلي بروح التضامن والعمل المشترك. ولا تزال الفرصة سانحة أمامنا للحدّ من انتقال المرض وإبطائه. ولكن يجب على جميع البلدان التعجيل بالاستجابة الشاملة للجائحة وتوسيع نطاقها، بما يشمل تنفيذ مجموعة مناسبة من تدابير الاحتواء والتخفيف. ويجب على الدول التخطيط لأسوأ السيناريوهات أثناء هذه العملية.
وتعد البيانات الوبائية الدقيقة والمناسبة إحدى أهم الأدوات في توجيه الاستجابة ومن ثم النجاح في احتواء الفيروس والحد من مخاطره. لذلك ننصح البلدان بشدة بزيادة الاستثمار في جمع البيانات الوبائية وتحليلها وتطبيقها. وتجب مشاركة البيانات المصنفة مع المنظمة بقدر الإمكان، حتى يتمكن الخبراء من المساعدة في إجراء التحليلات وتقديم المشورة، بناءً على التحليلات والاستجابة الإقليمية والخاصة بكل بلد.
كوفيد-19 هو اختصار للاسم الإنجليزي لمرض فيروس كورونا 2019 Corona-Virus Disease 2019.