دعا فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي المسلمين إلى تقوى الله تعالى والعمل بأسباب الخيرات والمنجيات واجتناب أسباب المهلكات والمحرمات, والاعتصام بحبله المتين ونهجه القويم عند الأزمات وفي كل الأوقات, فهي طوق النجاة والرحمة ورفع البلاء.
وقال فضيلته: أيها الناس إنكم ترون ما نزل بأهل الأرض من البلاء, وما أصابهم من الضراء, وتسمعون أخبار فتك هذا البلاء بالبشر, وسرعة انتشاره في الناس وعظيم خطره, هذا الفيروس الذي يصيب الإنسان في أي مرحلة من عمره ويهدد حياته, ولو شاء الله لجعل النازلة أعظم من “كورونا” والبشرية تمرّدت على الله وطغت وبغت إلا من رحم الله عزّ وجلّ, وقال الله تعالى: “وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً “, وقال سبحانه “وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ”.
وسأل فضيلته الله جل وعلا أن يعفو عن الكثير كما يعفو عن القليل وأن يعاملنا بكرمه وعفوه وفضله وإحسانه ولا يعاملنا بما نحن أهله, فهو ذو الرحمة التامة والجود والكرم سبحانه وتعالى, وأورد الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يا معشر المهاجرين خمس بخمس: ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا ظهرت فيهم الأمراض التي لم تكن في أسلافهم من قبل, وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم, وما منعوا زكاة أموالهم إلا حبس عنهم القطر من السماء, ولولا البهائم لم يمطروا, وما نقسوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وجور السلطان, وما نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلّط الله عليهم عدواً فأخذ ما بأيديهم” رواه ابن ماجه.
ودعا إمام وخطيب المسجد النبوي الناس إلى التدبّر في آيات الله قائلاً: إن الله يستعتبكم بهذا ويذكّركم ويعظكم ويخوفكم فأرضوه ويستتيبكم فتوبوا إليه وتضرّعوا إليه واسألوه أن يدفع هذا البلاء، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ويجازي على ذلك أعظم الثواب.
وأبان أن سنة الله سبحانه وتعالى تجري على المؤمن والكافر, مبيناً أن الأمم الماضية والقرون الخالية عاقبهم الله بالذنوب المتنوعة ومنهم من هو من أولاد الأنبياء, وفي هذا العصر ما من معصية أهلك الله بها القرون العاتية إلا وهي موجودة في الأرض بكثرة وازدياد.
وقال الشيخ علي الحذيفي إن لله المثل الأعلى في السماوات والأرض, وأن الدنيا ليست دار قرار, فبعدها الجنة أو النار, والله عزّ وجل بنى لما السماء وفرش لنا الأرض وسخّر لنا البحار والأنهار, وسخّر لنا المنافع وأتم علينا النعم لنعبده لا نشرك به شيئاً, ولنعمل بالكتاب والسنة, فذلك ضمان الخيرات في الحياة وبعد الممات, والحصن والحرز من الشرور والمهلكات.
ودعا فضيلته الناس إلى تقوى الله بالدعاء والعمل بالأسباب التي شرعها الدين الإسلامي, والتعاون مع ولاة الأمر بالأخذ بالحيطة والحرص على الوقاية والتزام الإرشادات الصحية بعد التوكّل على الله عزّ وجلّ, مشيداً بما هيأته بلادنا وقيادتها الحكيمة من أعمال وجهود حرصاً على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين, مضيفاً أن هذه الغمة سيرفعها الله بمشيئته سبحانه ورحمته التي وسعت كل شيء, مؤكداً أهمية التوكّل على الله والإكثار من الاستغفار والدعاء.