البلاد – رضا سلامة
كعادته في استغلال المآسي الإنسانية لتنفيذ أجندته الإخوانية، كما فعل في سوريا وليبيا وفي ابتزاز أوروبا بورقة اللاجئين، استثمر أردوغان القلق الشعبي التركي من تفشي فيروس كورونا في تصفية حساباته مع المعارضين لسياساته بالداخل ومغامراته في الخارج وإلقاء القبض عليهم، في وقت تراجعت شعبية أردوغان داخل حزبه، بعد أن شكل رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داوود أوغلو، ونائبه علي باباجان الّذي شغل منصب وزير الاقتصاد ومن ثم وزير للخارجية، حزبين منافسين عقب انشقاقهما من حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، لتبدأ الكثير من علامات الاستفهام حول مدى إمكانيتهما تحقيق تغييرات فعلية على الأرض قد تؤثر بشكلٍ رئيسي على شعبية الحزب الحاكم بأكمله وليس أردوغان فحسب.
وقالت وزارة الداخلية التركية إنها رصدت 93 شخصًا كتبوا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي عن تفشي فايروس كورونا المستجد، واعتقلت 19 شخصا منهم، زاعمة وجود منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف مسؤولين وتنشر الفزع والخوف، بالإشارة إلى أن الفايروس انتشر على نطاق واسع في تركيا وأن المسؤولين لم يتخذوا إجراءات كافية، وقال البيان الذي نشر في وقت متأخر من مساء الاثنين “جرى اعتقال 19 من المشتبه بهم وعملية اعتقال الآخرين الذين تم التعرف عليهم مستمرة”.
بدورها، حذرت المعارضة التركية من انهيار المنظومة الصحية مع انتشار كورونا، واستعرضت النائبة البرلمانية عن حزب الشعب الجمهوري، غامزة تاشيار، تقريرًا قدمته للبرلمان يشير إلى نقص عدد الأطباء في تركيا، مشددًا على ضرورة الإسراع في اتخاذ كل التدابير لمنع انهيار المنظومة الصحية مع التزايد المفاجئ في عدد المرضى، مشيرة إلى أنه: “يتوجب على تركيا الإسراع باتخاذ التدابير اللازمة كي تتمكن من الحد من انتشار الفايروس ومنع انهيار المنظومة الصحية في حال الزيادة المفاجئة بعدد المرضى”.
وأوضح التقرير بعنوان “المنظومة الصحية التركية الهشة في مواجهة الوباء” أن جميع الدول اتخذت إجراءات لمواجهة خطر انهيار المنظومة الصحية في حالة الارتفاع المفاجئ في عدد المرضى، بينما يلفت خبراء إلى أن العدد الحقيقي للمصابين بالفايروس أكثر من الأرقام الرسمية، نظرا لأن السلطات لا تجري الفحوصات إلا على المسافرين القادمين من خارج البلاد.
وأضاف التقرير أن تركيا تحتل المرتبة الأخيرة بين دول منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية فيما يتعلق بعدد الأطباء لكل ألف شخص بواقع 1.9 أطباء، بينما تبلغ هذه النسبة في النمسا 5.2 طبيب وفي ألمانيا 4.3 أطباء وفي إيطاليا 4 أطباء وفي فرنسا 3.4 أطباء، مشيرة إلى من جانبها، حذرت مؤسسة حقوق الإنسان في تركيا من أن الانتشار السريع لكورونا المستجد في تركيا، ينبئ بأن نزلاء السجون في خطر داهم، مع اكتظاظ المعتقلات بأكثر من طاقتها الاستيعابية الطبيعية، وأكدت المؤسسة أن الفايروس الذي يسجل انتشارًا واسعًا يسهل انتشاره في المؤسسات المغلقة مثل السجون التي تفتقر لشروط النظافة.
وقالت مؤسسة حقوق الإنسان: “أوضحنا أكثر من مرة التداعيات السلبية على المعتقلين نتيجة عدم التمكن من حصولهم على احتياجاتهم داخل السجون، بسبب اكتظاظها بأكثر من قدرتها الاستيعابية. ونود أن نؤكد على ضرورة اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، حتى لا ينتشر المرض داخل السجون بسبب الاكتظاظ”.
وفي السياق ذاته، دعا النائب البرلماني عن حزب الشعوب الديمقراطي عمرو فاروق جرجرلي أوغلو، إلى إرجاء تنفيذ جميع أحكام الاعتقال في تركيا. وأضاف “يجب التفكير أولا في إخلاء سبيل ممن ترتفع احتمالات إصابتهم بالفايروس وهم كبار السن والأمهات بأطفالهن والمرضى. يمكن محاكمة هؤلاء الأشخاص من خارج القضبان على أية حال. يمكن إرجاء محاكمتهم لنحو عام على الأقل في ظل هذه الأوضاع”.
وأكد النائب البرلماني أن السجون امتلأت بفعل المحاكمات غير العادلة بشكل كبير، وأنه لا يمكن التصدي لهذا الوضع بمنع اللقاءات بالسجون، مشددًا على ضرورة اتخاذ قرار جذري في هذا الصدد.
إلى ذلك، تسبب انتشار الفايروس القاتل، في حالة هلع للمواطنين الذين تكالبوا على شراء المواد الغذائية والمواد الطبية والمطهرات بكميات كبيرة.