الإقتصاد

 حزم تحفيز عاجلة لإنقاذ الاقتصاد العالمي

عواصم – وكالات

تواصل البورصات الأمريكية والأوروبية خسائرها الفادحة ، منذ قرار واشنطن تعليق جميع الرحلات القادمة من أوروبا لمدة شهر ، مما أدى إلى انهيار أكبر في الأسهم ، حيث عصف كورونا بالأصول عالية المخاطر في أنحاء العالم ماحياً تريليونات الدولارات من قيمتها خلال نحو أسبوعين.

وتراجع المؤشران ستاندرد آند بورز 500 وناسداك أمس 20 % عن الذروة المسجلة لهما في إغلاق 19 فبراير ، فيما هبط مؤشر داو جونز الصناعي 1368.51 نقطة بما يعادل 5.81 %، وهبط ستاندرد آند بورز 110.52 نقطة أو 4.03 %، وانخفض ناسداك المجمع 553.47 نقطة أو 6.96 % ، كما هوت الأسهم الأوروبية 11.5 %، في أسوأ خسارة يومية لها على الإطلاق.

وخلال الأيام القليلة الماضية أغلقت الأسهم في إيطاليا، البلد الأوروبي الأشد تأثراً بالفيروس، منخفضة نحو 17 %، في أسوأ جلساتها على الإطلاق. وأعلنت الحكومة الإيطالية إغلاقاً على مستوى البلد ، وهبط المؤشر الإسباني الغني بأسهم البنوك، 14 % ، وفي آسيا، استمرت الصورة القاتمة أيضاً، حيث انخفضت الأسهم اليابانية ، فيما بلغت مؤشرات رئيسة أدنى مستوى في ثلاث سنوات. حيث تراجع مؤشر نيكي القياسي 4.4%، وهو أدنى مستوى إغلاق.

ويرى خبراء الاقتصاد أن تداعيات الوباء على أسواق المال والتجارة والاقتصاد العالمي، قد تمهد لإعادة رسم خريطة القوى الاقتصادية في العالم، بعد الضربات التي تعرضت لها قوى اقتصادية كبرى في العالم، خاصة الولايات المتحدة والصين واليابان، جراء تداعيات فيروس كورونا ، ويتوقع أن يؤدي الانتشار الواسع لـ”كوفيد-19″ إلى تراجع النمو العالمي إلى 1.5% في العام الحالي، وهو انخفاض حاد عن الزيادة التي كانت متوقعة بـ2.9 %، في وقت يبذل فيه العالم جهوداً حثيثة لاحتواء انتشار الفيريوس ،

وفي هذا اعتبر هولغر شميدينغ، كبير الاقتصاديين في البنك الألماني، أن التدابير الإيطالية واحتمال أن تحذو أجزاء أخرى من أوروبا حذوها خلال الأسابيع المقبلة ستترك أثراً ملحوظاً في الثقة على المدى القريب ، متوقعا أن ينكمش الاقتصاد الإيطالي بنسبة 1,2 % بحلول نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن تكهناته للأشهر القليلة المقبلة “ستتأثّر بشكل كبير بانتشار فيروس كورونا أكثر من الاعتماد على الأسس الاقتصادية أو على التحولات في السياسات النقدية أو الضريبية.

وفي سياق متصل، أعلن البنك المركزي الفرنسي أنه يتنبأ بنمو اقتصادي محدود للغاية في البلاد خلال الربع الأول من العام، ما سيخفض توقعات نموّ إجمالي الناتج المحلي من 0,3 % إلى 0,1 % ، وصرّح وزير المالية الفرنسي برونو لومير، بأنّ أوروبا كانت تحتاج إلى “دعوة لحماية اقتصادها، الذي يعاني سلفاً بعض الضعف، في وجه هذا الانتشار الذي أضرّ بسلسلات توريد الشركات، وأجبر خطوط الطيران على تعليق رحلاتها، ودفع بالمتسوّقين في بعض البلدان إلى التهافت لتخزين الطعام والمطهرات.

ومن شأن هذه التقييمات المتشائمة لصنّاع السياسات في البنك المركزي الأوروبي أن تؤدي إلى اتخاذ قرارات اضافية خلال اجتماعهم في فرانكفورت هذا الأسبوع، وربما يضطرون إلى خفض معدلات الفائدة والتسريع في عمليات شراء السندات ، وقد سبق للاحتياطي الفيدرالي الأميركي أن تحرّك في هذا الإطار من خلال توفير تسهيلات غير متوقّعة الأسبوع الماضي.

وفي ظل التدافع على السيولة تحركت البنوك المركزية في أنحاء العالم لدعم أسواق النقد وتسهيلات الإقراض لكن تلك الإجراءات ستقود إلى زيادة تكاليف الاقتراض قصير الأجل.

ففي الصين، التي تحملت معظم التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا خلال الأشهر الأولى من 2020، خفضت السلطات نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك للمرة الثانية هذا العام ، وأعقب ذلك قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بالكشف عن شراء سندات خزانة بقيمة 37 مليار دولار، في تسريع لإجراءات تحسين السيولة بالسوق.
ومع دخول معظم الاقتصادات المتقدمة في حالة إغلاق جزئي وسط تفاقم الانتشار العالمي للوباء، أعلنت النرويج والسويد عن حزم تحفيز واسعة النطاق أثناء جلسة المعاملات الأوروبية.

في غضون ذلك، تعرضت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي لانتقادات بعد أن أعلن البنك عن إجراءات متواضعة نسبيا ، في الوقت الذي كان مجلس الاحتياطي يضخ فيه نصف تريليون دولار في النظام المصرفي الأمريكي.

وانضم بنك النرويج المركزي إلى قائمة متنامية من السلطات النقدية التي تقلص تكاليف الاقتراض في الأيام الأخيرة بخفض غير متوقع بلغ نصف نقطة على سعر فائدته الرئيسي.
وعرض أيضا الدفعة الأولى ضمن سلسلة قروض عاجلة لأجل 3 أشهر مخصصة للقطاع المصرفي.

وفي السويد قال بنك السويد المركزي إنه سيقرض الشركات المحلية ما يصل إلى 500 مليار كرونة سويدية (51 مليار دولار) من خلال البنوك للتأكد من توافر الائتمان لديها ، فيما رصدت الحكومة السويسرية مساعدة فورية حجمها 10 مليارات فرنك سويسري (10.52 مليار دولار) لتخفيف الأثر الاقتصادي لتفشي فيروس كورونا.

وبدأ بعض الشركات اكتناز السيولة والسحب من خطوط الائتمان، في مسعى للموازنة بين الحاجة لسداد الأجور والنفقات العامة في وقت تتأثر فيه إيراداتها بتراجع في النشاط اليومي ،
وقالت “إير فرانس كيه.إل.إم”، المنكشفة شأنها شأن شركات الطيران الرئيسية الأخرى إنها سحبت نحو 1.1 مليار يورو (1.2 مليار دولار) من تسهيل ائتماني متجدد لها.

* تحركات مجموعة العشرين
ومؤخرا رحب بيان وزراء مالية دول مجموعة العشرين بالإجراءات التي اتخذتها الدول لدعم الأنشطة الاقتصادية، معربًا عن الدعم الكامل لالتزامات صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي المتمثلة في تقديم التمويل للدول النامية ذات الحاجة ، كما دعت المجموعة إلى تعزيز تسهيلاتها التمويلية، مشددًا على الالتزام بالتطرق للاضطرابات التي تواجه التجارة العالمية وحالة عدم اليقين تجاه الأسواق المالية حيال تلك التحديات.

وقبل أيام ناقش ممثلو قادة دول مجموعة العشرين، تطورات الأوضاع على صعيد وباء فيروس كورونا (COVID-19) وآثاره على الشعوب والاقتصاد العالمي.

وأكدت دول المجموعة على أهمية التعاون الوثيق بين المنظمات الدولية وندعوهم لموافاة مجموعة العشرين بتقارير دورية عن أنشطتهم المتخذة وتقييمهم للاحتياجات اللازمة ، كما اتفق وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في البيان الصادر عنهم مؤخرًا على توظيف جميع أدوات السياسات الاقتصادية المتاحة، بما فيها تدابير السياسات المالية والنقدية اللازمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *