مكة المكرمة-المدينة المنورة- واس
أوضح إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد أن القصص في كتاب الله فيها متعة وتسلية، ولكنها كذلك تقرع بمواعظها القلوب، وتزكي بدروسها النفوس، وترسخ بأحداثها الإيمان، ويبرز في رجالاتها الصراع بين الحق والباطل؛ ومن هذه القصص قصة عجيب خبرها، خطير شأنها ، متكرر نظيرها ، قصة تعني بموضوع معين ، وتتجه إلى فئة خاصة ، نموذج يتكرر في كل العصور ، في كل أجناس البشر.
وبين في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أمس أن قصة قارون والمسلك القاروني تجسد الموقف من المال وفتنته، وكيفية التصرف فيه، لافتا إلى أنه يستخلص من تلك القصة وقفات منها أن قارون نموذج لصنف من البشر كافرٍ بنعمة الله، موجود مثيله في كل الأعصار والأمصار، بخصائصه وصفاته ، يَفتن ، ويَستفز ، ويُغري ، ويكون سببا لانحراف بعض النفوس ، فقارون هو قرين فرعون وهامان؛ ثلاثة نماذج تحمل صوراً سيئة لأنواع من البغي والفساد ، والتسلط والاستكبار.
وأبان الشيخ بن حميد أن من تلك الوقفات أن للمال سلطان على النفوس – إن لم يتداركها الله برحمته – ، سلطان يسوقها في دروب التيه ، والبعد عن الله ، وإذا لم تفطن هذه النفوس لما هي فيه ، وماهي مقدمة عليه ، وتراجع نفسها ، وتراجع أمر الله ، فإنها ستهلك إما إفراطاً أو تفريطاً.
ولفت إلى أنه في هذا المسلك القاروني، وأمام فتنة المال ، والثروات ، والمرابحات ، والأرباح ، والاستثمار ثمة طائفتان طائفة وقفت وقفة المأخوذ المبهور المتهافت ، ضعاف النفوس ، قصيرو النظر مما يجسد الطبائع البشرية على اختلاف فهومها وتطلعاتها ، وأمانيها ورغباتها ، وموقفها من النعم، والطائفة الثانية أهل العلم ، والإيمان ، والحكمة ، استعلت بإيمانها ، وعلقت رجاءها بربها ، وأيقنت حسن ثوابه ، وعرفت قيمة الإيمان ، وهي درجة رفيعة لا يلقاها إلا الصابرون على دواعي المشتهيات ، والرغبات ، والإغراءات. .
وقال: إن من تلك الوقفات عمارة الدنيا بالدين ، فيعيش المرء عيشة متوازنة ، فلا نصيبه من دنياه ضائع ، ولا عرض الدنيا عن دينه شاغل ، والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة فلا رهبانية تفوت بها مصالح الدنيا ،ولا مادية تجنح بالإنسان، فلا يرجو موتا ولا حياة ولا نشورا، ومن حكم لقمان : ” لا تدخل الدنيا دخولا يضر بآخرتك ، ولا تتركها تركا تكون فيه كلاً على الناس.”
وفي المدينة المنورة، أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان في خطبة الجمعة أمس، أن الدنيا دار مصائب وابتلاء ومحن ولأواء، دار مواجع وفواجع دار آلام ونقم وصحة وسقم ومرض وعافية وشفاء وبلاء، دار أقراح وأتراح وهموم وأحزان ويأس وبؤس؛ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر كثيرة الإحن والمحن يبتلي الله فيها البر والفاجر والمؤمن والكافر .
وقال إن الوباء حليف المآسي والأزمات والتقهقر والاضطرابات وقد اجتاح أرجاء المعمورة في أيام معدودات فساعدوا على اجتثاثه ومحاصرته، مطالباً المصلين أن يتقوا الإشاعات والافتراء والتهويل والإرجاف والاستهزاء ويحمدوا الله على العافية وألا يتعرضوا للبلاء ويتقوا أسباب العدوى وأماكن الوباء، وأن يسألوا الله الصحة والعافية والشفاء ويتحصنوا بالأذكار والدعاء؛ فلن يخيب في الله الرجاء.