جدة – البلاد
أسئلة تدور في الأذهان، واستفهامات لم تفك طلاسمها بعد، فمحاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك التي استدعت تدخل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) للكشف عن تفاصيلها، باحت ببعض أسرارها وبينت أن أطرافا خارجية ربما تكون متورطة في العملية الإرهابية بتعاون داخلي من “الإخوان” لتقويض السلام، بيد أن الخيوط لم تكشف كاملة، ما جعل صحيفة “البلاد” التي كان لها قصب السبق كأول صحيفة عربية تحاور رئيس الحكومة السوداني، عبدالله حمدوك، وكانت في قلب السودان منذ اللحظات الأولى لتشكيل الحكومة السودانية، وقبل ذلك تأسيس وتسمية أعضاء المجلس السيادي، وعاشت تفاصيل الحدث لحظة بلحظة، تتساءل في أعقاب محاولة الاغتيال الفاشلة، رأس حمدوك.. لماذا ؟، ومن المستفيد من إزاحته من المشهد السياسي في السودان ؟.
تفكيك الدولة العميقة
ويكاد يكون هناك شبه إجماع على أن محاولة الاغتيال كان هدفها ضرب استقرار السودان، ما يفتح باب الاستنتاج من إجابة سابقة لحمدوك على سؤال “البلاد” له حول تصوره في التعامل مع ملف الحركات المسلحة والسلام في السودان، إذ أجاب قائلا: “السودان ظل في حالة حرب مع نفسه لثلاثة عقود، وهذا تاريخ طويل وعميق من المظالم، دفع ثمنه المواطنون في مناطق الحروب، وأولى خطوات السلام هي دفع الاستحقاقات المتعلقة بالسلام سواء المباشر منها المتعلق بضحايا الحروب، أو تلك المتعلقة بإبرام الاتفاقيات والإشراف المباشر وقيادة عملية تنفيذها لمن سيقوم بالتوقيع عليها.
ليست هنالك تحفظات أو مطالب خاصة للحركات المسلحة، بقدر ما هو تأكيد على أن التلبية الصادقة لاستحقاقات السلام تعني الاستجابة لجذور الحروب والمظالم، ووضع الأساس المتين للسلام العادل الشامل والدائم”، وهذا ما لا تريدة “الدولة العميقة”، ما يشير إلى أن محاولة الاغتيال إنما جاءت، حسب الاستنتاج من حديث حمدوك، بعد محاولة الحكومة الوليدة تفكيك كافة مفاصل “الدولة العميقة” وتحقيق العدالة واستعادة الأموال والأصول المنهوبة وهو عمل لن يتم بين ليلة وضحاها بل يتطلب مجهودات شاقة، إذ عبر حمدوك عن ذلك بالقول عقب نجاته من محاولة الاغتيال: “ما حدث لن يوقف مسيرة التغيير ولن يكون إلا دفقة إضافية في موج الثورة العاتي، فهذه الثورة محمية بسلميتها وكان مهرها دماء غالية بذلت من أجل غدٍ أفضل وسلام مستدام”.
السودان والإرهاب وأعداء التغيير
وتأتي محاولة الاغتيال إثر تلقd حمدوك وعدا من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بالمساعدة على إزالة اسم السودان من اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب امتداداً لتعهداته السابقة حين أكّد لحمدوك، أخيراً، أن بلاده ستظل شريكا ثابتا للسودان، وأن واشنطن تتطلع للعمل مع حكومة رئيس الوزراء تجاه القضايا المهمة بين البلدين بما في ذلك مكافحة الإرهاب.
السودان والمانيا والارهاب
بينما وعدت ألمانيا بسحب قانون وضع السودان على قائمة الإرهاب التي حرمته من التعاون مع الدول لـ30 عاماً، بينما أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن ألمانيا مهتمة بتطوير العلاقات مع السودان، وستقدم لهم كل الدعم، وذلك خلال لقاء تم بين حمدوك وميركل في برلين وهو ما لن يقبله معاديي التغيير.
ويتضح جلياً من خلال حديث حمدوك، بأن المستهدف ليس رئيس الحكومة في شخصه، إنما وقف عجلة التغيير، إذ قال حمدوك: “إن التفجير الخاسر هجوم إرهابى غادر، لم يكن يستهدف شخصي، بل يستهدف مشروع التغيير الذى بذل الشعب السودانى من أجل تحقيقه الغالى والنفيس”.
من المستفيد ؟
تشير جميع أصابع الاتهام إلى أن تنظيم الإخوان المسلمين الحاضنة السياسية لنظام المخلوع عمر البشير الذي أطاحت به الثورة الشعبية في أبريل 2019، متهم التخطيط لمحاولة الاغتيال، فجماعة الإخوان لا تزال تحيك المكائد للحكومة الانتقالية، وتخاف من فتح ملفات الفساد، وتريد قطع الطريق أمام استقرار السودان وإجهاض الثورة وكل ما قد تحققه من نجاحات تقضي على مصالحهم وعلى كافة أشكال الفساد، مع الاغتيال المعنوي لأهم رموز التغيير في السودان متمثلا في شخص حمدوك،
كما يريدون الحصار الاقتصادي بالترويج للندرة في المواد البترولية والقمح والخبز، وقطع الطريق أمام مفاوضات السلام الجارية حاليا في جوبا عاصمة جنوب السودان، وإيهام العالم بأن السودان غير آمن وبالتالي تعطيل سحب اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهدم النجاح الذي تحقق في سياسة الدولة الخارجية والذي نجم عن الجولات التي قام بها قادة الحكومة في عدد من الدول والزيارات الرفيعة المستوى لمسؤولين من الدول الغربية للسودان.
ويسعى “الإخوان” إلى عرقلة العدالة وتسليم رموز النظام السابق للقضاء لإجراء محاكمات جادة ورادعة، وإفشال عملية تسريع عملية إزالة التمكين ومصادرة دور وأصول المؤتمر الوطني وحظره من العمل السياسي والترويج لندرة وجمع الأموال لشراء الدولار ورفع سعره أمام العملة الوطنية بهدف إحداث أزمة اقتصادية.