البلاد – رضا سلامة
رضح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأوروبا وقبل مراجعة اتفاق “الهجرة”، عقب قمة جمعته مع مسؤولين أوروبيين أمس (الثلاثاء)، بعد أن كثرت عليه الضغوط من كل الاتجاهات، وشعر بأنه يغرق، محاصراً في إدلب وليبيا، ومعرضاً لفرض العقوبات الأوربية والأمريكية عليه جراء ممارساته الهادفة لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
ولم تنجح ورقة الابتزاز باللاجئين مع أوروبا التي أجبرت الرئيس التركي على “خط رجعة” والنظر في سياساته الخاطئة تجاه اللاجئين، ما تسبب في تراجع علاقاته مع دول العالم وخاصة أوروبا وفقا لتقرير أمريكي، في وقت تخلى الناتو عن أردوغان مجددًا، بإعلان أمين عام الحلف، تأجيل التدخل في إدلب حتى توجد أنقرة حلاً طويل الأمد للأزمة في سوريا، في حين يتواصل القمع الأردوغاني في الداخل، وأطلق نشطاء استغاثة لإنقاذ طالبات يتعرضن للتعذيب، في ظل حملة اعتقالات جديدة في تركيا لرؤساء بلديات.
وعلى نهج رئيسه، قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أمس، إن تركيا تأمل في التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لحل أزمة اللاجئين والهجرة بحلول 26 مارس الجاري، وذلك غداة محادثات أجراها أردوغان في بروكسل.
ونشرت وكالة “بلومبرج” الأمريكية تقريرًا أوضحت فيه أن تركيا لا تزال تراوغ بـ”ورقة المهاجرين”، وتستخدها في مواجهة الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي تراجعت بنسبة كبيرة، بسبب تهديدات أردوغان لليونان، خاصة والاتحاد الأوروبي مشغول في الوقت الحالي بمواجهة فيروس كورونا المستجد.
التقرير أشار إلى تصريحات أردوغان، الأحد، التي قال فيها: “بعد التطورات الأخيرة في إدلب، خلقنا فرصاً للاجئين للذهاب إلى المكان الذي يريدونه”، في تدليل على تعمده تصدير الأزمة إلى أوروبا، منوهاً إلى أن التوترات بين تركيا والاتحاد الأوروبي ازدادت سوءاً وتصعيداً بعد سماح أردوغان للاجئين بالعبور إلى الأراضي الأوروبية، فيما فضح أردوغان أطماعه عندما قال إنه طلب من بوتين تبادل إدارة حقول النفط في دير الزور في سوريا.
ولا يوجد لدى الاتحاد الأوروبي ما يقدمه فيما يتعلق بالدعم العسكري في سوريا، التي ندد بتورط تركيا فيها، ولوح التكتل المؤلف من 27 دولة معظمها حلفاء لأنقرة في حلف شمال الأطلسي بخيار تقديم المزيد من المساعدات المالية، لكن في الوقت المناسب وبشروط.
وبدوره، لم يقدم أمين عام حلف الناتو، جينس ستولتينبيرج، وعداً صريحاً بتوفير الدعم الذي تطلبه أنقرة، وقال إن الحلف سيتدخل لاحقاً بعدما توجد تركيا حلاً طويل الأمد للأزمة في سوريا.
وتطلب أنقرة من الناتو فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا لحماية القوات التركية في إدلب، والتي تعرضت لهجمات مباشرة الأسبوعين الماضيين سقط فيها بحسب ما أعلن الرئيس التركي مؤخرًا 59 جندياً.
وفي الداخل التركي، أطلق عدد من النشطاء الأتراك حملة لجمع توقيعات للتحقيق في تعرض 50 طالب وطالبة محتجزين داخل وحدة مكافحة الإرهاب في أنقرة، حيث تم اعتقالهم في الذكرى السنوية لانقلاب ٢٨ فبراير، الذي أطاح بحكومة ” أستاذ أردوغان” نجم الدين أربكان عام 1997.
وأشارت الحملة إلى تعرض 60 شخصًا معتقلًا من بينهم طالبات جامعيات للتعذيب في أنقرة، مطالبة بالتحقيق فيما تعرضت له المعتقلات من سوء معاملة والتعرية والتهديد إضافة إلى إهانة المحامين المدافعين عنهم، وتم توجيه تهم الانتماء إلى حركة الخدمة للمعتقلين، والتي تزعم أنقرة مسؤوليتها عن إنقلاب عام ٢٠١٦، دون تقديم أية أدلة على ذلك.
إلى ذلك، لا يزال مسلسل اعتقال وسجن رؤساء البلديات المنتخبين مستمرًا في تركيا، حيث تواصل السلطات ملاحقتهم بشتى الاتهامات، وفي مقدمتها الإرهاب، لمجرد إبداء أية مواقف منتقدة لسياسات أردوغان، إذ أصدرت محكمة تركية، حكماً بالسجن 9 سنوات و4 أشهر بحق عدنان سلجوق مزركلي الرئيس السابق لبلدية مدينة كبيرة جنوب شرقي البلاد ذات غالبية كردية، بإدعاء صلاته مع حزب العمال الكردستاني.