تسطع سيرة الدكتورة سميرة إسلام بما حققته من إنجازات علمية، وهي بمثابة أنموذج لامرأة واجهت الكثير من الصعوبات والتحديات حتى أصبحت مصدر فخر لوطنها وعائلتها بحصولها على أول شهادة جامعية ودكتوراه في الخليج حيث لم يسبقها احد الى ذلك وتم اختيارها من قبل منظمة اليونسكو كأهم عالم متميزة من ضمن 32 شخصية لتمثيل العالم العربي والإسلامي في هذا المرفق الدولي.
ونبغت الدكتورة سميرة في كثير من المجالات الى جانب الصيدلة كهواية امتطاء الخيل والتمثيل وشاركت في مسرحية “ماكبيث” لوليام شكسبير اثناء دراستها في مصر والتي حضرها السفير الأمريكي في ذلك الوقت.
مواحهة الصعوبات
كانت الدكتورة سميرة تميل لدراسة الهندسة المعمارية قبل ان يسدي صديق والدها نصيحة بتغيير تخصصها لعدم وجود مجال لعمل المهندسات السعوديات كما هو الحال حاليا، فاستمعت لنصيحة صديق والدها والتحقت بمجال الصيدلة لتفوقها في الكيمياء واكملت مسيرتها من خلالها حتى تخرجت.
وقد اثارت الإعجاب كونها أول فتاة في الخليج العربي تحصل على البكالوريوس، وتم تكريم والدها نظير تشجيعه لابنته، ثم صادفتها عقبة في ذلك الوقت كون المهن الوحيدة المتاحة كانت التمريض والتدريس فقط.
ولم تستطع أن تجد وظيفة ولهذا قررت ان تكمل دراستها في مصر وتحصل على الماجستير، وحتى بعد حصولها على الماجستير، لم تجد الوظيفة التي تناسب تخصصها حيث واجهتها الكثير من العقبات في ذلك الوقت ما جعلها تنهار وتبكي حرقة وقهراً وايقنت بأنه ليس أمامها سوى العودة الى مصر لاكمال الدكتوراه.
تحقيق الحلم
انهت الدكتوراه وعادت الى المملكة في سبتمبر من عام 1970. وفي تلك الفترة وبعد تأديتها لمناسك الحج توفي والدها الذي ساندها طوال فترة حياتها وامن لها الدراسة وكان دائما يفخر بانجازاتها . وتأثرت الدكتورة سميرة جداً بموته دون ان تستسلم وأكلمت اثبات نفسها في بلدها.
ربما ايقنت الدكتورة سميرة الحاصلة على الدكتوراه في علم الصيدلة إن عليها ان تبدأ من الصفر لتحصل على ما تريد وتحقق حلمها وحلم والدها.
بعد ان مات والدها تبرعت للعمل في كلية أهلية كسكرتيرة إدارية ولما عينت كرئيسة للاقسام العلمية عام 1973 قام الدكتور عبدالله باسلامة والدكتور محمد عبده يماني بطلب مساعدتها لتأسيس كلية طب في جدة كمشرفة.
رفضت اسلام هذا المنصب كونها اكاديمية ثم تم تخييرها ، فاختارت بأن تلقب بـ وكيلة الطب. الا ان الدكتور عبدالله باسلامة افاد بأن ذلك مستحيل لعدم وجود مثل هذا المسمى ضمن التصنيفات الوظيفية .
أبحاث مضيئة
بعد مشوار حافل بالعطاء أصبحت الدكتورة إسلام اول امرأة تحصل على لقب وكيلة لكلية. وقامت أيضا بإضافة تخصصات العلوم الطبية الى الكلية.ولم تقف عند هذا فحسب بل ارادت ان تكون باحثة فكانت تقوم بابحاث بسيطة وتسافر اثناء الاجازة الى بريطانيا وتستخدم المختبرات لعدم وجود مختبرات في المملكة آنذاك. فكانت عملية متعبة وشاقة للغاية. وضعت بحوثها في المراجع العالمية مثل “تأثير الصفات الوراثية على مفعول الدواء” وقدمت مشروع بحث في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عن “مراقبة وابحاث الأدوية” وقامت ايضاً بتأسيس وحدة قياس ومراقبة أبحاث الادوية في مركز الملك فهد، واعتبرته حقلا لكل من يرغب بعمل أبحاث ذات صلة بهذه المواضيع.
مناصب مرموقة
قامت الدكتورة سميرة بتدريس اكثر من 40 شخصا حيث تم ترقية اغلبهم فمنهم من اصبح مديرا لجامعة ومنهم من عمل في مجلس الشورى ومنهم من برز في تخصصات طبية أخرى أيضا. ولم تكتف بذلك فقط حيث قامت أيضا بدعوة الفتيات السعوديات اللاتي يدرسن خارج المملكة للمساعدة في تأسيس هذه الكلية. معتبرة هذه فرصة لمغادرة وكالة الكلية والتركيز في البحوث العلمية والأكاديمية. فذهبت للعمل في منظمة الصحة العالمية تحديداً في برنامج الادوية.
فأصبحت المسؤولة عن 23 دولة منها ايران وباكستان والمغرب والسودان . واستمتعت كثيرا خلال عملها في المنظمة.
بعد ذلك بثلاث سنوات تلقت مكالمة من الملكة عفت تخبرها بأنه سمح لها بتأسيس أول كلية أهلية للبنات راغبة بان تأتي من اجل تأسيسها، وعند ذلك تقول الدكتورة إسلام” عندما تلقيت المكالمة كأنني لامست النجوم “. هكذا كانت ردة فعلي حين سمعت الخبر من الملكة عفت فقدمت استقالتي من منظمة الصحة العالمية في نفس الاسبوع وعدت إلى المملكة لبداية مشوار جديد ونجاح آخر في مجال تخصصي.