بين فترة وأخرى، نقرأ تقريرا مكتوبا في الصحف المحلية او نشاهد مقطعاً مصورا في وسائل التواصل الاجتماعي عن ازدحام اقسام الطوارئ بمستشفيات وزارة الصحة (حالها حال العيادات الخارجية مثلاً)! السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة لماذا هذا الازدحام والاقبال الشديد على الخدمات المقدمة بأقسام الطوارئ؟ خاصة في الفترة الممتدة من بعد الساعة الثالثة مساء الى فترة الصباح من اليوم التالي!
وأحيانا على مدار الأربع وعشرين ساعة (نهاية الاسبوع)! رغم وجود العديد من المنشآت الصحية الحكومية وبأعداد كبيرة من المراكز الصحية الأولية (تعمل من الساعة الثامنة صباحا الى الخامسة عصرا)، الى جانب ازدياد اعداد المنشآت الصحية والمملوكة للقطاع الخاص والمنتشرة بشكل يلفت الانتباه! سؤال له قيمته، وللإجابة عليه، لابد من التطرق في الحديث عن العديد من المفاهيم الصحية الحديثة التي لها علاقة مباشرة بمفهوم تقديم الرعاية الصحية (مثل القيمة والحجم) من قبل المؤسسات الصحية ومن جهة أخرى الثقافة الصحية (التعليم والاعلام) لدى المستفيدين ومن هم في حاجة الرعاية الصحية من الكبار والصغار ذكورا كانوا وإناثا. الى جانب اهمية إعادة صياغة مفاهيم الخدمات الصحية مع العديد من تلك المفاهيم الجديدة وفي إطار استراتيجية صحية (الخصخصة) تتناسب وتتفاعل إيجابا مع متطلبات العصر للصناعة الصحية.
وكمتابع، أجد ان الدول المتقدمة في خدماتها الصحية أصبح لديها من قضية الارتفاع في اسعار الخدمات الصحية (التأمين الصحي والدواء) هاجساً صعباً يواجه البرامج الصحية ومقدميها من مؤسسات صحية حكومية كانت او جمعيات خيرية (محلية وإقليمية وعالمية)، أيضا، رغبة تلك الجهات في مواجهة العديد من تلك التحديات التي تواجههم والتغلب عليها لكيلا تؤثر سلباً على مؤشر الصحة العام في أي مجتمع كان. وكما ذكرت في مقال سابق (دافوس 2020 والشأن الصحي)، هناك خطورة ظهور امراض جديدة (مزمنة كانت او وبائية) لم تكن موجودة سابقا وتأثيرها السلبي على اقتصاديات الدول بشكل محلي او دولي (كورونا في الصين)! وللوصول الى حلول بهذا الشأن، سعت تلك الدول (المهتمة بشأنها الصحي) الى إقامة الندوات العلمية وحلقات النقاش في ملتقيات دولية (دافوس مثلاً) وذلك لالقاء الضوء على تلك التحديات ومناقشة الحلول العلمية المناسبة من قبل أصحاب الخبرات الكبيرة والابحاث في المجال الصحي البشري، وليس كما تفعله بعض القنوات الفضائية باستضافة قيادات صحية تتعامل مع المرض (او تسمع عنه) من خلف مكاتب فاخرة!
باختصار، وللإجابة عن السؤال في مقدمة مقالي، هناك أسباب تقف وراء هذا الازدحام بأقسام الطوارئ بمستشفيات وزارة الصحة ومنها: ارتفاع أسعار العلاج (والدواء) بالقطاع الخاص وما يصاحبه من طلبات متزايدة (دون حاجة) الى خدمات مثل تحاليل الدم، الاشعة والمناظير، قد تكون أسباب جوهرية تؤدي بشريحة كبيرة من محدودي الدخل الى التوجه في الاستفادة من الخدمات الصحية المجانية المقدمة بأقسام الطوارئ بالمستشفيات العامة. وللتغلب على تلك المسببات والازدحام، يكون الحل (الفعال) هو اعفاء مدير المستشفى، اليس كذلك؟.
استشاري العدوى والمناعة
مستشفى مدينة الحجاج بالمدينة المنورة
drimat2006@hotmail.com