في مرحلة ما من عمرك، تصل فيها إلى النضج والقدرة الفائقة على السفر؛ حيث الخيال إلى جزر تخضر بهدوء السكينة، وتشرق شمسها بأحرف الليل الساهرة ، وترتوي مساحاتها بمطر الأمنيات الخالدة وتنمو ثمارها بأريج الضحكات السامرة، وتحتفل مساءاتها بالنظر إلى القمر في أعين العشاق..
حين تشتاق النجمات إلى عناق القصائد، وتُضيء الألحان مسافات الوجدان حينها يتسع الإدراك
بأن العالم لا يتسع سوى لقلبٍ لا تختفي رائحة عطره كلما ابتعد تشتاق إليه أكثر!! تدرك أن الخيبة تُلاحق الانتظار في زمن يرتدي أقنعة الذبول!! و أن اتساع الكون يقف عند نبرة صوتٍ تنساب على مسامع الفؤاد كل صباح.
تُدرك أن العين تذرف الدمع كلما أقبل خيال نبضٍ يُؤنس الوحدة في ليلٍ لم يعتد الانكسار!! و أن الحياة تعني انتشار الضوء في مساحات الوجود ومسارب البوح ومسافات الغروب وعلى أرصفة التعب!!
تُدرك أن الهزيمة تعني الإحساس بالغربة في قلوب تهوانا ولكننا نفقد غيرها.. تلك التي نهواها!! وأن الصراخ العميق نزيف مفاجئ للعاطفة لا يجرؤ حتى على البكاء بصوت مرتفع!! تدرك أن الزمن الأروع قادمٌ بانعكاس أشعة الشمس في عينيك اللامعتين بالإخلاص ، وأن المحبة لا يمكن أن تتخلى عن كبريائها باستبدال الذاكرة !! و أن البعد يخطف الفرح في ثانية لا يمكن استرجاع تفاصيلها!!
تدرك أنه لا تواجد لي في غيابك عني !! ولا مكان لي في دائرةٍ أنت خارج محيطها!! و أن ميلاد اللحظة يبدأ بالصفاء والصدق والتضحية دون ما اغتيال الحقيقة!! تدرك أن تراكمات الماضي وأسرار الحاضر ما هي إلا مفاتيح للمستقبل الذي يركض بعيداً كلما توجهنا نحوه في حيرة !! وأن السعادة بك ومعك.. تناديك يا سيداً تبتكر أساليب السعد امنح الغد تأشيرة أمان وعشق!! تدرك أن الهوى سر الجنون، والحبر تمحوه الظنون وعلى صفحة الحياة تبتسم السطور!! و أن الضياع عنوانه الرحيل، والعمر يفنيه الحزن الطويل وتبدأ حكايات الهوى بهمسةٍ ترسم لوحة الأثير!! تُدرك أن الاشتياق يُعانق الوفاق في أمسية يحتضنها القمر وتختصرها الكلمات (بكل اللغات أحبك.. بكل لهفة أشتاق).
tsfhsa@yahoo.com