جدة- باسم الحربي
تعاني أغلب أندية دوري محمد بن سلمان للمحترفين، من قلة الإيرادات المالية، مقارنة بالمصروفات، خاصة مع تكاثر الديون الضخمة، التى أصبحت تشكل نقطة سوداء في مسيرة أغلب إدارات الأندية وقد استبشرت إدارات أغلب الأندية باقتراب اعتماد “الخصخصة” حيث اعتبره أغلب النقاد في الشارع الرياضي السعودي الخيار “المنقذ” الذي سيمكن الأندية من التحرك بحرية في ظل موارد ثابتة، فضلًا عن تمتع النادي بكل حسنات الاكتفاء الذاتي ، فعندما يصبح للنادي علامة تجارية فإنه بالتالي سوف يُحقِّق موارد مالية هائلة ويوقف عناء الديون المتراكمة ، التى كان سببها ضخامة عقود اللاعبين المحليين والأجانب؛ حيث تنتظر أغلب الإدارات تسريع تطبيق خصخصة الأندية الرياضية خاصة بعد موافقة مجلس الوزراء على فتح المجال للاستثمار في الأندية السعودية، التي تعد خطوة وسابقة تاريخية للرياضة السعودية.
ورغم الدعم الكبير الذي قُدم في الموسم الماضي من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، الذي بدعمه نجحت الأندية السعودية في تجاوز وتخطي واحدة من كبرى المعضلات المالية في تاريخها،إلى أن هناك بعض الأندية مازالت تعيش في دوامة الديون الضخمة وفي ظل اهتمام الهيئة العامة للرياضة بعمل ورش استثمارية للأندية المحترفة في الدرجتين الممتازة والأولى، بمتابعة دقيقة من رئيس الهيئة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل والتي تهدف لتنظيم وتطوير الجانب الاستثماري في الأندية، بما يتواكب مع مبادرات وبرامج الهيئة التطويرية في مختلف الجوانب، وفي مقدمتها الجانب الاستثماري المنبثق من رؤية 2030.
“البلاد” ناقشت بعض الخبراء حول قرار خصخصة الأندية والاستثمار فيها:
الاتحاد الأكثر ديونا منذ 2003
يعتبر نادي الاتحاد، الذي عاش فترة صعبة في النواحي المالية في الفترة الماضية قبل تدخل هيئة الرياضة، بسداد الديون المتراكمة علي النادي الأكثر ديونا ومتأخرات مالية منذ عام 2003؛ حيث بلغ إجمالي ديون الأندية السعودية في ذلك العام أكثر 161 مليون ريال (43 مليون دولار) هذه الإحصائية التى سجلتها لجنة دراسة وتطوير الوضع الرياضي والشبابي في ذلك العام، وقد عكفت اللجنة في ذلك الوقت على إيجاد حلول لهذه الديون المتراكمة، وذلك بعد إقرار مجلس الوزراء نظام خصخصة الأندية السعودية، الذي كان من المفترض أن ينطلق في موسم 2004، وذلك في ظل الحفاظ على مكتسبات كرة القدم السعودية،
وكان سبب هذا التحرك هو إيجاد حلول سريعة لديون الأندية قبل إقرار هذا التوجه، وقد رصدت هذه الإحصائية أن أغلب الديون والتزامات التى على الأندية تعود إلى بعض الجهات التجارية كشركات الفندقة، بالإضافة لقيمة تعاقدات للاعبين محليين وأجانب لم تسدد. وكشف التقرير الذي رصدته لجنة التطوير في ذلك العام أن نادي الاتحاد صاحب النصيب الأكبر من هذه الديون ويأتي في المرتبة الأولى، يليه نادي النصر، حيث بلغت قيمة ديونهما 153 مليونا، وبعد مضي أكثر من ١٥ عاما على هذه الإحصائية، أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم عن ديون الأندية الرياضية في المملكة في آخر احصائية خلال موسم ٢٠١٨، والتي بلغ مجموعها 961.6 مليون ريال وتصدر القائمة نادي الاتحاد بديون بلغت 309.4 مليون ريال، يليه نادي النصر بديون بلغت 231.07 مليون ريال، فيما جاء نادي الهلال ثالثا بديون بلغت 115.9 مليون ريال، وأتى رابعا النادي الأهلي بديون بلغت 110.1 مليون ريال. وبلغت ديون نادي الشباب 63.1 مليون ريال، وديون نادي الاتفاق 36 مليون ريال، وديون نادي التعاون 29.1 مليون ريال، وديون نادي الرائد 24.4 مليون ريال..
عيد : الخصخصة مهمة لتطوير الأندية
أكد رئيس اتحاد كرة القدم الأسبق الأستاذ أحمد عيد أن الخصخصة جزء مهم في تطوير الدوري والأندية السعودية خلال السنوات المقبلة؛ لما لها من إيجابيات عديدة ستخدم الأندية وتجعلها تنافس بشكل اقوى على المستوى المحلي والقاري وعندما نتحدث عن الخصخصة يجب أن نستفيد من خبرات الدول التي سبقتنا، وأكبر مثال لذلك انجلترا، التي يعتبر دوريها من أفضل ثلاثة دوريات حول العالم ويحظى بمتابعة كبيرة من جميع محبي كرة القدم في العالم حيث أن كرة القدم والدوري الانجليزي يضخ سنويا من 13 الي 15 مليار للاقتصاد العام في الدولة ولو نظرنا فقط لأندية العاصمة لندن” الأرسنال وتشيلسي وتوتنهام وفولهام و كريستال بالاس” سنجدها تشكل أكبر نسبة مداخيل مالية اقتصادية للعاصمة نظرا لمنافسة الخمسة الاندية على الحصول على عقود رعاية مميزة، والنقل التلفزيوني. نحن أمام مرحلة تاريخية للرياضة السعودية التي تؤكد مدى حرص القيادة الرشيدة على دعم الرياضة، والارتقاء بها نحو مستوى احترافي أفضل. حيث هذه الخطوة ليست فقط مفيدة على الجانب الرياضي للأندية باعتمادها على نفسها، بل أيضاً في تحويلها لكيانات إدارية وتجارية، تكون لها مداخيل ثابتة، ورؤية مستقبلية، وأنا على يقين تام أن الأندية لها رؤى ستكون حريصة أشد الحرص على تنفيذها.
الراشد : قرار ذو حدين ونجاحه بشروط
قال أحمد الراشد، عضو مجلس إدارة اتحاد كرة القدم ورئيس نادي الفتح السابق: إن قرار دخول الخصخصة في الأندية السعودية يعتبر قرار ذو حدين؛ حيث من الممكن نجاحه في أندية وفشله في أخرى ، نظرا لاختلاف إيرادات ومداخيل وموارد الأندية؛ حيث هناك أندية محط أنظار المستثمرين وإمكانية النجاح فيها كبيرة مقارنة بأندية اخرى وهي تعتمد كذلك على عدة أمور اهمها كيفية تعامل إدارات الاندية مع المداخيل والمصاريف المالية من عقود لاعبين ورعاية وحضور جماهيري ونقل تلفزيوني؛ فهناك اندية تعمل على قدر الامكانيات المتوفرة لديها دون الدخول في ازمة الديون المتركمة التى تعاني منها أغلب الاندية بسبب التعاقد مع لاعبين بعقود طائلة. وأضاف: القرار بوجه عام يعتبر مناسبا لتطوير الدوري السعودي ويتيح الفرصة للأندية بالحصول على موارد مالية جديدة. خاصة أن الخصخصة تأتي ضمن أهداف هيئة الرياضة، بتفعيلها مع الحوكمة وفق رؤية المملكة 2030 .
السراح :الخصخصة ستثري رياضة الوطن وتقفز بها لمصاف العالمية
من جانبه، شدد الأستاذ محمد السراح الرئيس الأسبق لنادي التعاون، على ضرورة العمل الجاد من أجل خصخصة الأندية الرياضية لما لذلك من أثر كبير في إثراء رياضة الوطن والقفز بها إلى مصاف العالمية، معتبرا أن الوقت الحالي يتطلب حراكا كبيرا وعملا جبارا من أجل عودة الكرة السعودية لسابق عهدها. وأضاف الخصخصة ضرورة ملحة ولكن هناك مشكلة تتمحور في عدم جاهزية أنديتنا لتطبيق الخصخصة بشكل صحيح لعدم اكتمال البنى التحتية فيها وعدم توفر الأرضية الصالحة لخصخصتها، بالإضافة لعنصر مهم يكمن في المحفز الذي يجبر الشركات ورجال الأعمال على الدخول في هذا المجال الذي يضمن نجاح الخصخصة بشكلها الصحيح وهود وجود ادارة خاصة بالاستثمار على مستوى عال من الخبرة المهنية.
الأحمدي:هدف المستثمرين الربح من الخصخصة
قال عضو شرف نادي الاتحاد فؤاد الأحمدي: بكل تأكيد المستثمرون في الأندية بعد نظام الخصخصة يبحثون عن النجاح والأرباح المالية؛ لذلك من المتوقع أن يقوم هؤلاء المستثمرون بالموافقة على دفع الديون المترتبة على الأندية، خاصة الكبيرة والجماهيرية؛ بحكم أن الارباح ستكون اسرع من المساهمة في الاندية الصغيرة او المتوسطة ،وأعتقد أن هؤلاء المستثمرين سيكونون متواجدين داخل الاندية من ناحية وضع مدراء مستثمرين من أجل معرفة آلية الصرف داخل هذه الاندية من اجل عدم الوقوع في الازمات المالية. وهي طريقة تعتبر جيدة وستساهم في حل نسبة كبيرة من الاخطاء الإدارية.
رحيمي: دفع الديون قبل الخصخصة
قال الناقد الرياضي الدكتور مدني رحيمي: الشركات التى ستدخل للاستثمار والخصخصة في الاندية السعودية غير مجبرة على دفع الديون الكبيرة على الاندية؛ بحكم أنها ليست هي سبب هذه الديون ومن غير المعقول أن يأتي مستثمر ويغامر بدفع مبالغ كبيرة لسداد ديون في أحد الاندية الا اذا كان يمتلك فكرا مستقبليا يستطيع من خلاله اعادة مبلغ الديون واضعافه خاصة في الاندية الكبيرة التى تعتبر ارضا خصبة ومغرية للمستثمرين. وأضاف: هناك اختلافات كبيرة بين الأندية السعودية والأوروبية حيثإن أنديتنا تعتبر عائدة لهيئة الرياضة في جميع امورها فيما الأندية الاوربية تطبق نظام الخصخصة منذ سنوات عديدة وهي شركات خاصة حيث يمكن لأي شخص شرائه حسب الأسعار التي تقدم من قبل القائمين في الأندية ،واعتقد أنه بداخل الأندية السعودية سوء تنظيم وتسيب كبير يجعل الجميع يصرف الملايين ومن ثم يغادر من الرئاسة دون مراجعة او سداد المديونات التي كان سببا فيها.
المدلج: تحمل الإدارات لأخطائها
أما رئيس نادي الفيصلي، فهد المدلج فقال: نظام تعهد الإدارات بدفع المديونات التي عليها قبل مغادرة الأندية موجود، ولكن للأسف لا يطبق بالطريقة الصحيحة من قبل القائمين في الأندية حيث هناك إدارات تعلن افلاسها ومن ثم تقدم استقالاتها دون تسديد المديونات، وللأسف الأمر الذي يساعدهم على تقديم استقالاتهم هي رغبة الإدارات الجديدة على خوض العمل في الاندية حيث هناك ادارت تعرف بوجود المديونات ولكن ترحب بقبول العمل، وسدادها ولكن مع متطلبات الموسم الجديد وعقودات اللاعبين يشعرون بضعف الموارد المالية، ولحل معضلة الديون يجب الاتفاق بين المستثمرين الجدد في الاندية مع الادارة السابقة من اجل الوصول الى حلول لسداد تلك الديون .
الكعكي : تحويل الديون لمساهمات
عبدالمعطي الكعكي، رئيس الوحدة الأسبق، قال: أعتقد ان المستثمرين المميزين قادرون على وضع ترتيب والية سداد الديون دون خسارة من خلال الاستفادة من هذه المديونات التى البعض منها للبنوك او اشخاص او شركات بجعلها مساهمات لهم في النادي وبذلك يكون الطرفان مستفيدين. حيث كثرة المساهمين تزيد من دخل الاندية وتساهم في ابتعاده عن الدخول في ازمات مالية ،ويجب أن نعترف بأن الامور المالية والمديونات موجودة داخل الأندية مثل حقوق ومستحقات اللاعبين وهي المشكلة الأكبر التي تعاني منها الأندية.
للأسف هناك أندية تقتصر ميزانيتها على المردود المالي من النقل التلفزيوني؛ لذلك نشاهد تأخرا في صرف الرواتب، ومع دخول الخصخصة سيحل جزء كبير من هذه الازمة.
وثيقة الخصخصة
وقد كشفت وثيقة برنامج تخصيص أندية دوري المحترفين السعودي، من مبادرات التخصيص الأساسية التي يستهدفها البرنامج ، لتدخل عملية بيع الأندية ونقلها للقطاع الخاص مرحلة الحسم؛ حيث يبلغ عدد اندية دوري المحترفين حاليا 16 ناديا بعد ان كان عددها ١٤ ناديا ووفقا للوثيقة فإن تخصيص أندية دوري المحترفين سيحقق عوائد حكومية ووفورات تشغيلية، وذلك بعد خضوع المبادرة للدراسة والتقييم بناء على عدد من المعايير مثل: نضج المبادرة، والاثر المحتمل والطابع التحويلي، فضلا عن احتمال النجاح الفوري ووفقا للتقديرات المبدئية فيتوقع ان تتراوح قيمة الأندية السعودية الـ ١٦ الموجودة في دوري المحترفين حاليا بين 1.4 مليار و 4 مليارات ريال، على اعتبار أن مقراتها مبان حكومية وقد يشملها الشراء من قبل المستثمرين المحتملين.
وتشير المعلومات الى تأسيس شركة مملوكة للأندية بحيث تدير عمليات بيع الحقوق والاستثمارات، على أن تكون النسبة الكبرى( 70%) للنادي صاحب الحق، و20% لبقية الشركاء (الأندية)، والنسبة الباقية لتطوير الشركة وتعزيز موقعها الاستثماري وكان مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية قد أوصى في نوفمبر 2016 بخصخصة أندية دوري المحترفين وتشكيل لجنة تتولى الإشراف على تنفيذ وإتمام مراحل وإجراءات خصخصة الأندية الرياضية برئاسة رئيس الهيئة العامة للرياضة ، وعضوية نائب وزير الاقتصاد والتخطيط، ووكيل وزارة التجارة والاستثمار للأنظمة واللوائح، وممثل عن وزارة المالية، وممثلين من اتحاد كرة القدم ورابطة دوري المحترفين وتشير التقارير إلى الانتهاء من تقييم 8 أندية من إجمالي 14 ناديا في دوري المحترفين في ذلك العام وحرصت هيئة الرياضة في الفترة الاخيرة على دعم الاندية بشكل كبير، وسعت الى تقوية الدوري ليكون احد اهم الدوريات المهمة، بعد أن أوصى مجلس الشورى بإعداد خطة تنفيذية بمؤشرات أداء دقيقة، والإسراع في خصخصة الأندية الرياضية.