من أهم الممارسات الخاطئة، أن يؤسس بعض التُّجار ممن تنقصهم الثقافة والوعي، تجارتهم على الإضرار بالآخرين، فالي جانب عدم الإلمام بالمسؤولية المجتمعية، فإن حرصهم على زيادة مكاسبهم، مهما كانت المؤثرات البيئية على حساب صحة المجتمع، والمنظر العام لجماليات المدن، التي كلفت الدولة مئات المليارات، لسلوكياتهم الفردية التي شكلت فيما بعد جماعات عشوائية، حددوا مواقعهم عنوة في أطراف المدن، وعلى طرق الأوتوستراد، الأمر الذي يعطي صورة سيئة، في التلوث البصري ليتنافى مع جاذبية المدن الحديثة، والبيئة المحيطة بها من حدائق ومعالم سياحية، فمهما بلغت ثقافة من يعمل في مجال الكسب لهذه التجارة، فلن يصل بهم الإدراك للاستشعار بالمسؤولية التي تتطلب منهم احترام البيئة أولاً، كمطلب حضاري عليهم كمواطنين الالتزام به.
فهناك الكثير من المواطنين الذين يعملون ليس لكسب المال فقط، وإنما لتأكيد الانتماء وتسجيل وقفات وفاء صادقة للوطن وللمجتمع الذي يعيشون بين أفراده، ويتبادلون معهم النفع الخاص والعام، بشكل حضاري يدعو للإعجاب، هذه النماذج أدركت واجباتها الإنسانية، وقدمت تجاربها الأكثر تميزا، وفي مجتمعنا السعودي العديد من هذه النماذج، ولاسيما اللجان التطوعية التي تضاعفت جهودها في الآونة الأخيرة، ومنهم الأكاديميون الذين أثروا المجتمع عطاءً، وكم تغمرني السعادة بهؤلاء الذي شرفت بالتواصل معهم ومعرفة أدوارهم القيادية في مراكز أحيائهم، حتى أصبحت نموذجية يشار إليهم بالبنان، ولي عودة للحديث عنهم بأسمائهم اللامعة، وبأحيائهم التي سجلت مراكز حضارية وعلامات بارزة في التنمية العمرانية، كأبرز الأهداف التي تحرص عليها الدولة ممثلة بأمانات المدن الرئيسة.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فهذا مواطن من حي العنود بالدمام، يشكر صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، على البادرة الطيبة لإزالة السيارات التالفة من الشوارع، على أثر حملة الشعار الحضاري ( شرقية بلا سيارات تالفة ) وإزالة 2000 مركبة من أربعة أحياء، بعد أن دشن سمو أمير المنطقة الشرقية هذه الحملة، التي وجدت تفاعلا وتجاوبا من قبل المواطنين، وبحسب الخبر الذي تم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكد رئيس المجلس البلدي لأمانة المنطقة الشرقية المهندس عبدالهادي الشمري، بأن الحملة تأتي امتدادا للدور الحضاري الذي يقوم به المجلس البلدي، ومدى التعاون المستمر الذي حققته الحملة من قبل أمانة المنطقة الشرقية والمجلس البلدي، ويعكس ثقافة ورقي مجتمع المنطقة.
أعود للقول بأن تجارة السيارات التالفة ليست مهنة غير مرغوب في ممارستها، بل العكس فهي من أكثر المهن ربحا، ولتحسين الصورة لمن يمارس هذه المهنة، بأن تتوفر لديه المؤهلات اللازمة ويحمل تصريحا من الجهة الرسمية، وتُخصص لهم أماكن بعيدة عن المواقع الحالية، التي تشكل تلوثا بصريا، يقلل من مكانة هذه المدن والمعالم الحضارية، وهذا يتطلب دراسات متخصصة لمعالجة الأوضاع القائمة، تساهم فيها الجامعات السعودية.