يؤكد الواقع المنطقي بأن التفكير مكون معرفي يرتبط ارتباطا مباشرا مع الإدراك والتعلم والذكاء والوعي الاستراتيجي وينتج عن ذلك المنهجية التي يسير بها المرء في حياته ويستوعبها خياله أو حدسه وتصوره الاستراتيجي، حيث يُعتبر أحد أهم المعطيات التي تتفاعل مع ما تختزنه الذاكرة من خبرات وقدرات لخلق الإبداع وفرص الانسجام مع تنوع المواقف الاستراتيجية التي تواجه العقل.وتأتي أهمية التخطيط الاستراتيجي كونه وسيلة للتفكير بعيدة المدى من أجل عمل تغيير معين يهدف إلى الالتزام بوضع الخطوات التنفيذية للمستقبل، فهو بمثابة مهارة استراتيجية يمكن تعلمها والتأكيد عليها بالممارسة، فالعقل الاستراتيجي يتواكب مع التغيير، وينتقل سريعا من المشكلة إلى وصف بدائل الحلول المتاحة لها دون جعل العوائق والصعوبات أدوات للفشل السريع.
حين يجتمع العقل والتفكير والتخطيط نحصل على مثلث متساوي الأضلاع يقودنا إلى بناء هندسي يختلف عن غيره في دقة التصميم حيث الأوعية الممتلئة بالمعلومات والشرايين النابضة بالإحصائيات ليبلغ البنيان تمامه بالعلم والمعرفة والإنجازات حيث النهضة والتنمية المستدامة أو كما نقول دائما (ان البنيان لن يبلغ تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم) نسبة إلى الاختلافات وسوء تقدير الأولويات.
في إحدى الدورات التدريبية التي تهتم بتطوير الموارد البشرية جعل المدرب المتألق من ذلك التدريب حقيبة تصنع النجاح وتفتح آفاق المعرفة لعقول تبحث عن البناء السليم في إطار يحترف البرمجة الإيجابية فقد أضاف إلى رصيدنا المعرفي ما هو قيم ومفيد من حيث المبدأ فقد سرد قصة تحمل في أبعادها أهمية الغذاء الفكري للعقل وحقيقة الوعي الاستراتيجي ومؤشرات النجاح في العمل.
تقول القصة بأنه « كان يُحكى أن نجارا عمل في شركة مقاولات لمدة ثلاثين عاما، ولكنه قرر أن يستقيل كي يقضي ما تبقى من حياته في راحة واسترخاء وأخبر رئيسه بقراره ، فشعر الرئيس بالحزن ووافق مقابل أن يبني لهم آخر بيت، فالشركة بحاجة ماسة إلى بيت آخر، رضخ الرجل لطلب الرئيس مُكرهاً وبدأ ببناء البيت، لكنه لم يكن مستقيما ولا متقنا، ولم يهمه الأمر ما دام سيستقيل، انصب جلّ جهده على إنهاء البيت بأية طريقة، وكان ذلك على حساب جودته، ولما انتهى من عمله ذهب إلى رئيسه وناوله المفتاح ، رد الرئيس: لا إنه مفتاحك، وهذا البيت هدية الشركة لك لم يشعر بالصدمة وحسب بل شعر بالعار» لتقول الحكمة كلمتها حقاً (هكذا هي الحياة تهدينا بيوتاً من صنعنا ).
حكمة:
« إذا أردت أن تبني عاليا لا بد أن تحفر عميقا «