البلاد – مها العواودة
شهدت بيروت طوال أمس وحتى وقت متأخر من فجر اليوم اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن أمام البرلمان اللبناني والشوارع المحيطة به استخدم فيها الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه للحد من تقدمهم بإتجاه مجلس النواب.
فيما أشار سياسيون أن قرار وزارة الخزانة البريطانية إدراج حزب الله اللبناني بشقيه السياسي والعسكري منظمة إرهابية وتجميد أصوله، خطوة ستعود بالضرر على لبنان الذي يدفع ثمن ارتهان الحزب لإيران وأجندتها في المنطقة؛ وفق ما قال المفتش العام المساعد لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية الدكتور حسن مرعب.
وأكد مسؤولون ومراقبون أن أوضاع لبنان في خطر شديد، وأن نقمة اللبنانيين تزداد على الطبقة السياسية والمصارف في ظل تجاهل السلطة للحراك والتلكؤ في تشكيل الحكومة، وتفاقم أزمات لبنان الاقتصادية التي دهورت قيمة الليرة اللبنانية ووسعت أزمة المصارف، وأعادت المتظاهرين الغاضبين إلى الساحات والشوارع في محاولة لتطويق السلطة والضغط عليها للرضوخ لمطالبهم. ويؤكد الباحث في العلاقات الدولية د. أحمد الشهري أن حزب الله شوكة في طريق تعافي لبنان وعودته للحضن العربي حيث يختطف الدولة اللبنانية ويفقدها استقلالها وسيادتها.
وقال إن خروج حكومة دياب للنور صعبة جدًا في ظل إملاءات حزب الله الموالي لإيران وحلفائه، وإذا لم يتمكن الشعب اللبناني عبر حَراكه وقادته وعقلائه من تحييد حزب الله وأمينه العام، فلا أمل في أي حكومة تحظى بقبول الشعب والمجتمع الدولي، الذي يرفض التعامل مع أي حكومة يتمثل فيها الحزب المصنف على قوائم إرهاب أمريكية وأوروبية وخليجية.
وأضاف أن حزب الله يتعمد المزيد من التعقيد والتصعيد في لبنان، لاسيما بعدما زج بأفراده لتدمير وتخريب المقار الحكومية والمحلات التجارية لتشويه صورة الحَراك الشعبي، ومحاولة دق إسفين بين المتظاهرين وقوات الجيش والأمن.
ويري الشهري أنه يجدر بحسان دياب الاعتذار عن أي حكومة لا يكون له مطلق الحرية في اختيار وزراؤها، وهذا الحذر يتبناه سعد الحريري الذي قد يكون هو كبش فداء قادم لتكليفه بتشكيل الوزارة لتحميله مسؤولية الانهيار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.وقالت رولا ثلج إن حكومة دياب ستكون حكومة انقلابية، أغلبية الشعب اللبناني يرى أنها أتت بنفس عقلية المحاصصة القديمة فبعض الوزراء ينتمون بشكل أو بآخر لنفس المنظومة التي أدت إلى الوضع المعيشي الكارثي الذي وصل إليه لبنان، وسيتم إسقاطها من الشارع إذا أعلن تشكيلها، لأنها ستولد ميتة.
وأضافت أن اللبنانيين ينتظرون محاكمة زعماء الفساد، واسترداد أموال الدولة المنهوبة المودعة في حساباتهم الخارجية، وغير ذلك تضييع للوقت ولن يسمح الشعب الثائر باستمرار الفساد والفوضى وتدمير البلاد. وقال فراس السنيورة الخبير الاقتصادي والمحلل الائتماني في أحد المصارف إن الحديث في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية اللبنانية متداول عن التجربتين اليونانية والقبرصية، حيث تم اقتطاع جزء من ودائع العملاء في مصارف الدولتين لتسديد جزء من الديون الخارجية، لكن هنالك عدة فروقات جوهرية تجعل الأمر مستبعد في لبنان، ففي النموذج اللبناني الأغلبية الساحقة من الديون داخلية، بينما في النموذجين اليوناني والقبرصي أغلبية الديون مستحقة لدول ومؤسسات عالمية. وأوضح أن جزءاً من الأزمة الاقتصادية اللبنانية سياسي ويتعلق بهيمنة حزب الله على القرار، ما دفع كثير من الدول للامتناع عن الاستثمار في لبنان، فحرمه من التدفق النقدي المهم الذي كان يخلق ديناميكية نشيطة تطال كافة القطاعات الاقتصادية.
وأكد السنيورة أن تشكيل حكومة تحظى بثقة المجتمع الدولي كفيلٌ بإطلاق مقررات مؤتمر سيدر، ما يعني ضخ استثمارات في قطاعات أساسية للاقتصاد.