جدة ـ ياسر بن يوسف – تصوير : خالد بن مرضاح
تعيش جدة هذه الأيام مهرجانات متباينة تجمع في فصولها التسوق والمشي في الواجهة البحرية حيث اعتدال الطقس تزامنا مع عطلة منتصف العام الدراسي، فيما تشهد الأسواق والمولات التجارية آلاف الزوار والذين يجدون ضالتهم في التسوق وارتياد المطاعم، وبالنسبة للفنادق والشقق المفروشة فإنها مشغولة بنسبة 100 % منذ بدء العطلة، حيث يفضل معظم زوار عروس البحر الأحمر وسكانها من المواطنين والمقيمين التنزه على الواجهة البحرية للاستمتاع بأجواء البحر الجميلة، ومشاهدة لحظة الغروب عندما تدنو الشمس من البحر مودعة عيون عشاق البحر، ليحل الليل بجماله العليل، وبريق نجومه، ولتبدأ حفلات منتصف العام في عروس البحر الأحمر حيث تعمل الهيئة العامة للترفيه على دعوة نخبة من الفنانين العرب، فضلا عن وجود عروض مبهجة ومسابقات فنية وثقافية وكرنفالات لرسوم الأطفال حيث يجد الجميع ما يصبون إليه.
وفي هذه الأيام يتحول كورنيش جدة إلى بانوراما وتجمع للعائلات والأقارب والأصدقاء الذين يجتمعون بمختلف مشاربهم في مكان واحد، وسط أجواء مناخية تزينها أمواج البحر الأحمر المتلاطمة على صخور رصيف الكورنيش الممتد على المدى الواسع.
الحديقة الثقافية
وكثفت أمانة محافظة جدة جهودها لخدمة المتنزهين وزوار محافظة جدة للاستمتاع بأوقاتهم على الكورنيش، فيما تسطع الحديقة الثقافية التي تم تدشبنها مؤخرا بسلسة من الفعاليات الحيوية، بما يسهم في تحقيق المزيد من الرفاهية خلال عطلة منتصف العام الدراسي، وعملت جميع إدارات الأمانة المعنية والبلديات الفرعية على وضع برنامج عمل مستمر، يتضمن استمرار تكثيف النظافة العامة على هذه المرافق والرقابة الميدانية الدائمة عليها نظراً لكثافة مرتادي الكورنيش من الزوار والسائحين.
ويتنوع زوّار البحر ما بين زائر الصباح الذي يفضل الجلوس قبالة البحر مرورًا بزائر العصر الذي يحبذ ذلك التوقيت لتناول المشروبات الساخنة على نسمات البحر، وإتاحة الفرصة للأطفال للعب على الألعاب التي هيأتها لهم الأمانة، وصولًا إلى زائر المساء الذي يقضي الليل وهو يستمع إلى سمفونية الموج والأضواء الساطعة على الواجهة البحرية.
حراك تنموي
وقال الخبير البيئي المعروف الدكتور عبدالرحمن حمزة كماس: جدة مدينة عريقة شهدت خلال السنوات الأخيرة حراكا تنمويا كبيرا في شتى المجالات وبالتالي أصبحت واجهة رئيسية لإقامة الأنشطة والفعاليات، وتزامن اجازة الربيع عزز حضور الزوار من كافة المناطق الأخرى وبالتالي فان حدوث الازدحام امر طبيعي خلال هذه الفترة.
ودعا الدكتور كماس إلى ضرورة التحلي بالصبر حال التواجد في أماكن الازدحام وخصوصًا الشوارع لضمان انسيابية الحركة المرورية وتجنب حدوث أية مضايقات للآخرين، منوها بوعي أفراد المجتمع في إنجاح الأنشطة والفعاليات التي تحتضنها العروس.
مواجهة الازدحام
ويرى استشاري طب الأسرة والمجتمع الدكتور خالد عبيد، ان مواجهة الازدحام تكون من خلال التحلي بالصبر أولًا، وثانيًا اختيار الطرق البديلة التي قد تكون مفتوحة للسير وقد يكون هذا الأمر على حساب الوقت، فمعروف انه وقت الازدحام الكل يبحث عن الطرق الرئيسية والسهلة ولكن للأسف مع الضغط وتواجد الجميع في وقت واحد فان انسيابية الحركة تصبح بطيئة وهو ما يجعل الفرد يتضايق، والواقع فان حدوث الازدحام وخصوصًا ايام الإجازة طبيعي.
وأوضح ان طرق جدة الرئيسية معروفة ومحددة وبالتالي فان حدوث الازدحام فيها وارد وخصوصًا في الفترة المسائية التي تشهد بدورها إقامة الأنشطة والفعاليات اذ ان ٨٠٪ من الأسر تخرج بالليل و٢٠٪ في فترة العصرية.
وشدد على ضرورة التقيد بالأنظمة المرورية لضمان انسيابية الحركة وعدم التسبب في حدوث ازعاج للآخرين، والحقيقة ان سر نجاح مواسم الفعاليات هو المواطن وتكاثف وتعاون جميع الجهات.
سحر الكورنيش
وقال محمد السعيد إن التنزه على كورنيش جدة في مثل هذه الأيام حيث اعتدال الطقس له طابعه الخاص، إذ تجتمع فيه البهجة والسرور من جهة والتآلف والتواصل الاجتماعي مع الناس من جهة أخرى.
وذكر أنه يحرص في كل عطلة منتصف العام الدراسي إلى إصطحاب عائلته لكورنيش جدة للاستمتاع بأجواء البحر والمناظر الجميلة التي لا تفوت المواطنين والمقيمين الذين يحبذون إعداد وجبات الطعام الخاصة من مشاوي وغيرها على ضفافه، بينما يمارس الأبناء هواياتهم في اللعب بكل عفوية.
أما شاهر البلوي فقد أوضح أن البحر والعطلة وجدة يوجد بينهم عناق حميم، حيث تشارك دائماً عروس البحر الأحمر عشاقها الفرحة والسرور في معظم المناسبات فتتزين شوارعها وتكتسي حلة الفرح والسرور مشيراً إلى أن الكورنيش يجد إقبالاً كبيراً من الزوار هذه الأيام.
وأضاف البلوي أن كورنيش جدة الذي حرصت الأمانة على استكمال جميع مرافقه من مختلف الخدمات يتسابق إليه الصغار قبل الكبار في مثل هذه الأيام في مشهد جميل يتكرر كل عام، وتمتزج أصوات الأطفال مع صوت أمواج البحر، وهم يمارسون هواية اللعب مع أسرهم.
رياضة المشي
من جهة أخرى تعد ممرات المشاة التي تم تشييدها في مختلف أرجاء محافظة جدة متنفسات تستهوي العوائل والشباب وخاصة من محبذي رياضة المشي بشكل يومي مع إطلالة إجازة نصف العام الدراسي، والتي يبلغ عددها 23 ممشى مزودة بأجهزة رياضية وأدوات اللياقة البدنية الملائمة لمختلف الأعمار وذلك في تمازج بين الحفاظ على اللياقة البدنية وقضاء الأوقات للترفيه عبر ما تشتمل عليه من تجهيزات مختلفة ، حيث يصل إجمالي أطوالها إلى حوالي 49.000 متر.
وتتميز هذه الممرات بتوافر مواقف للسيارات العامة ، ومواقف لسيارات ذوي الاحتياجات الخاصة ، ومناطق ألعاب أطفال ، وجلسات للعوائل والشباب ، ومسار للمكفوفين، فيما يُعد ممشى واجهة جدة البحرية هو أطول مماشى جدة بطول 4500 متر، وعرض 10 أمتار، يليه ممشى حي الأمير فواز بنفس الطول وعرض 15 متراً، أما من حيث العرض فيعد ممشى شارع الأمير فيصل بن فهد هو الأكثر عرضاً بين 25 و75 متراً، يليه ممشى الرحاب الذي يبلغ عرضه بين 24 و42 متراً.
جودة الحياة
وأوضح المتحدث الرسمي لأمانة محافظة جدة محمد البقمي أن مشاريع ممرات المشاة من المشاريع الحيوية التي تأتي ضمن استراتيجية الأمانة لتنفيذ مشاريع تحسن جودة الحياة وتعزز الصحة العامة، وتقديم أفضل الخدمات لسكان وزوار محافظة جدة، مشيراً إلى أن ممرات المشاة ، تعمل على تشجيع رياضة المشي والمحافظة على الصحة العامة، وزيادة نسبة ممارسة المواطنين للرياضة بشكل منتظم، مضيفا بانه يجري الآن العمل على تنفيذ 3 ممرات جديدة في حي القرينية وحي الياقوت والحرازات.
وأشار إلى أنه جرى تطبيق نظام جديد في المواد التي تستخدمها أمانة محافظة جدة عند إنشاء المماشي ، حيث يُضاف لها “الرابر” ، ووضع المطبات في الشوارع المحيطة بها، لتهدئة سرعة السيارات المارة إلى جانب أنه من ضمن المعايير الخاصة بالمماشي والتي حرصت أمانة جدة على تطبيقها، أن تكون خالية من العوائق والبروزات، وأرضيتها من مواد خشنة، إضافة إلى تزويدها بالمنحدرات اللازمة واللوحات الإرشادية المميزة.
ولفت الانتباه إلى أن الأمانة حرصت على عدم وضع أغطية الصرف الصحي، والتمديدات في أرضيات الممرات والأرصفة ، وإذا كان من الضروري وضعها فتكون فتحاتها عرضية أو تصمم بشكل ملائم لا يعوق مستخدمي الكراسي المتحركة، وذلك لتبقى رياضة المشي ظاهرة متنامية يقبل عليها الناس من مختلف الأعمار، وممارستها من هواة المشي في الهواء الطلق.
آلية التشجير
وأضاف أن أمانة محافظة جدة عمدت وضمن خططها لتشييد ممرات المشاة لتشجير المماشي وزراعتها ووضع مقاعد للاستراحة فيها ، وتنفيذها بطريقة مميزة ونموذجية ، عبر وضع اللوحات الإرشادية بالنصائح الرياضية خدمة للراغبين بممارسة رياضية المشي من مختلف شرائح المجتمع.
وفيما يتعلق بفوائد ممارسة رياضة المشي الصحية أكد المتخصص في أمراض القلب والشرايين الدكتور محمد رفعت أن رياضة المشي هي من أفضل وأهم أنواع الرياضة وأهم الوسائل للوقاية من أمراض الروماتيزم والمفاصل وتصلب الشرايين ، مفيداً أن المشي في الهواء الطلق أفضل بكثير من المشي على السير الكهربائي وذلك لوجود نسبة أوكسجين أعلى.
وحذر من المشي بدرجة حرارة أكثر من 35 درجة مئوية ، وبين أن ليس للتعرق علاقة بخفض الوزن وحرق الدهون فالتعرق هو عبارة عن معادن وسوائل تخرج من الجسم وليس لها علاقة بالسعرات الموجودة في الجسم ، كما يعمل المشي على تقليل دهون الجسم وخفض معدل نبض القلب عند الراحة ، وخفض مستوى الكولسترول في الدم.
وأشار إلى أن ممارسة رياضة المشي تحافظ على رشاقة الجسم ولياقته ، فالذين يُمارسون المشي بصورةٍ يوميةٍ أو مُنتظمة ، غير مُعرضين للإصابة بالبدانة أو زيادة الوزن، بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يمارسون المشي، أو الرياضة بشكلٍ عام ، إلى جانب أن المشي يساهم في دعم وظائف الدماغ وتحسينها وتقوية الذاكرة بشكلٍ كبير. وتحدث المواطن محمد غالب الشريف عن ممارسته لرياضة المشي قائلاً : يعتبر الوقت من بعد العصر حتى المغرب من الأوقات المناسبة لديَّ لممارسة رياضة المشي وذلك لمدة ساعة ، ومن ثم الاستفادة من استخدام الأدوات الرياضية التي وفرتها الأمانة ضمن تجهيزات هذه المماشي ، التي أدعو للحفاظ عليها وعدم العبث بها حتى تكون متاحة للجميع.
وقالت بدرية عمر أحمد : إن رياضة المشي من أكثر أنواع الرياضات المفضلة لدي ، وذلك لسهولة القيام بها وممارستها ، إلى جانب فوائدها الصحية العديدة ، وتشكل هذه المماشي نقلة حضارية تزين واجهة المدينة وتحفز على ممارسة هذه الرياضة ذات الفوائد الجمة على الصحة الجسدية ، أو النفسية لأن المشي يخلّص من الضغوط النفسية، ويُحسن الحالة المزاجية للشخص بصورةٍ كبيرة.
مسرحيات وعروض ترفيهية في الحديقة الثقافية
تشهد فعاليات الحديقة الثقافية بساحة النورس في الواجهة البحرية التي تنظمها أمانة محافظة جدة بإشراف ملتقى مكة الثقافي وتحت شعار “كيف نكون قدوة في تطوير مدننا لخدمة الحج والعمرة؟ اقبالا كبيرا من زوار جدة خلال اجازة منتصف العام، وتشمل هذه الفعاليات جميع الفئات العمرية لسكان وزوار جدة.
وسيكون زوار الكورنيش على موعد مع هذه الفعالية طيلة أيام الحديقة الثقافية وذلك من الساعة الخامسة وحتى العاشرة مساء.
وستقوم الجهات المشاركة بعدة فعاليات منها مسرحيات وأوبريت بعنوان “لبيك يابو فهد”، وأوبريت ولي العهد الذي تقدمه جمعية الثقافة والفنون، ومسرحيات دمى خاصة بالأطفال، وسوف تعرض الرئاسة العامة لشؤون الحرمين عدة فعاليات منها ما يتعلق بكسوة الكبعة وآخر بالتدوير في الحرمين الشريفين، وسوف تقدم وزارة التعليم مبادرات تطوعية وغير ذلك من الفعاليات والتي تزيد عن 40 فعاليات خلال أيام الحديقة الثقافية.
وأوضح مدير عام الخدمات الاجتماعية بأمانة محافظة جدة محمد اليامي بأن الحديقة الثقافية تعد إحدى مبادرات أمانة جدة في ملتقى مكة الثقافي وبمشاركة عدد من الجهات حكومية وهي: إمارة منطقة مكة المكرمة، ووزارة التعليم, ووزارة الصحة, وجامعة الملك عبدالعزيز, والرئاسة العامة لشؤون الحرمين، ووزارة الحج، والهيئة العامة للطيران المدني، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني, وميناء جدة الإسلامي، ووزارة الإعلام، وجمعية الثقافة والفنون، والجوازات، وجامعة جدة، والشرطة، والمرور، حرس الحدود، والدفاع المدني، والهلال الأحمر.