يحكى أنه أثناء الحرب العالمية الثانية دخل أحد الضباط على الزعيم السوفييتي ستالين وقال له هناك عراف في الخارج يريد مقابلتك ويقول إنه يحمل إليك تنبؤات قد تُسرِّع في نصرنا على الأعداء، فصرخ ستالين قائلاً للضابط اخرج على الفور واقتله، فما كان من الضابط إلا تنفيذ الأوامر وقتل العرّاف. ثم ما لبث هذا الضابط أن دخل على قائده ثانية وسأله لماذا قتلناه وكان هاماً في خدمتنا؟، فرد عليه ستالين بجملة بسيطة لوكان يعلم بالغيب حقاً كما يدعي لما قدم إلينا ليموت.
تعج بعض القنوات الفضائية بالمنجمين والعرافين وخاصة في الأيام الأخيرة من كل سنة ميلادية، فيا ترى ما هي القيمة المضافة التي سيجلبها لنا من اعتلى منابرها وسمى نفسه بخبير أبراج أو عالم فلك وما الفائدة من كثرة توقعاته لما سيؤول إليه الحال في المستقبل على صعيد الفرد أو المجتمع ؟ ألم يعلم هؤلاء (العلماء) الذي يضجون صخباً على الشاشات المرئية ووسائل التواصل الاجتماعي أن عملهم منكر وتصريحاتهم كاذبة وأنهم أصبحوا معاول هدم للفكر والتعليم، وأن معرفة الغيب عنده وحده سبحانه تعالى (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله)، وليس عند الكهنة وبائعي الأوهام.
لقد سوّقوا لنا بضاعتهم الرديئة بطريقة هستيرية لا تخلو من بعض الأجندات السياسية والمطامح المادية، فواحد توقع اختفاء زعامات وآخر سقوط حكومات وواحد تنبأ بنشوب حرب هنا وهناك ، وواحد بشر بالسلام في جزر العجائب وبلاد الواق واق ، وواحدة غاصت بالأبراج النارية والترابية والهوائية والمائية وبمسار النجوم والكواكب وربطتها بمسائل الحظ والنصيب.
هل نحن في حاجة لكل هذا الاستعراض للقوة الخارقة للطبيعة وما ينجم عنها من خزعبلات في المفاهيم قد تعيدنا إلى عصر الظلمات والشعوذة والكوابيس والغول والموروث الثقافي الخاطئ ؟! أليس من الأجدى أن يكون الأثر نافعا والقول مفيداً ،فلا نقامر بأوقاتنا ولا نرتهن إلى هشاشة ما يضمرون؟.
كفى دجلاً وخرافة، كفى سخافة وتسطيحا، كفى نشراً للجهل واستغيابا للعقل ، كفى ظهوراً في الإعلام وتحديا للمتابعين . نعم لقد انتصر ستالين على هتلر بدهائه ورجاحة عقله وليس بتعويذة ساحر أو قراءة فنجان.