جدة – رانيا الوجيه
أصبحت مشاريع «فود ترك» ـــــ المطعم المتنقّل ــــ بمثابة سيناريو « دسم » يستهوي العديد من الشباب والفتيات، لدرجة أن عربات هذا النوع من الطعام أصبحت من المشاهد الطبيعية في الواجهات البحرية والأسواق بمختلف مدن المملكة، وحققت خلال فترة قياسية شهرة كبيرة، ولأن المطاعم المتنقلة التي تقدم الوجبات السريعة تدر أرباحا مجزية فإن ثمة منافسات حامية تحدث بين الشباب والفتيات لكسب رضا محبي الطعام، وخطف كعكة الـ«فود ترك»، وتحقيق طموحاتهم عبر هذه المشاريع، رغم أن الكثيرين من الشباب والفتيات يمارسون هواية اعداد الطعام وبيعه في الفترات المسائية ويزاولون أعمالهم في النهار.
ومنذ انطلاق فكرة مشروع “ال”فود ترك”” وإتاحة فرصة إقامة المطعم المتنقل بين أوساط الشباب السعودي، أصبحت شوارع جدة تزدان بالسيارات ذات الألوان والأضاءة الساطعة التي تقدم الوجبات السريعة للمارة ورواد الأسواق، وقد استطاع بعض الشباب الاستمرار في مثل هذه المشاريع وانطلقوا في مشاريع مطاعم ثابتة لها شهرتها، فيما توقف البعض في منتصف الطريق وتركوا سياراتهم متوقفة على الواجهات البحرية أو جوانب الأسواق وذابوا في زحام الحياة باحثين عن مصدر آخر لكسب لقمة العيش، والسؤال الذي ينطلق من منصة « الطعام » يتمثل فيما إذا كانت مشاريع «فود ترك» تواكب طموحات الشباب أم أنها مجرد هوجة شبابية سرعان ما تنطفئ أنوارها.
«البلاد» حملت الأسئلة الخاصة بالمطعم المتنقل على « طبق» من الشفافية والتقت بعدد من الشباب والفتيات والذين يمتلكون مطاعم متنقلة، فأكد معظمهم أن المطعم المتنقل حقق طموحاتهم وأنهم يسعون لإطلاق مطاعم ثابتة في المستقبل، مؤكدين في الوقت نفسه أن هناك منافسة حامية بين الشباب والفتيات في هذا القطاع.
البداية كانت مع الأخوين “أحمد وبشير رضا” اللذين استقيا فكرة المطعم المتنقل من خلال ابتعاثهما للدراسة بأمريكا، وقد أعجبا بطريقة طهي الطعام المدخن على “الفهرنهايت” حتى يكون الطعام الذي يقدمانه مختلفا عن مطاعم “فود ترك” الأخرى.
يقول الأخوان رضا أنهما بعد التخرج ببكالريوس الهندسة الصناعية من احدى جامعات امريكا فكرا في اطلاق مطعم “فود ترك” وفعلا تم اطلاق المشروع وطهي الطعام المدخن عن طريق فرن يعمل بالحطب على درجة حرارة منخفضة لمنح الطعام نكهة مغايرة، وقد بدأنا مشروعنا منذ بداية عام 2014، وكنا نقدم السلمون والدجاج واللحم من المطبخ المنزلي، وبعد ذلك توجهنا لإنشاء عربة ال”فود ترك” وكنا متفائلين بهذا العمل، ولكن مع مرور الوقت لم يحقق المشروع طموحاتنا واتضح أن ال”فود ترك” كان بمثابة “ترند” عالي النبرة سرعان ما تلاشى، الأمر الذي جعلنا نترك المشروع ونعمل بتخصصنا.
نجاح كبير
ويختلف عامر جان مع رأي الأخوين رضا مؤكدا أنه بدأ مشروعه عن طريق بسطه مصنوعة من الخشب إلى أن تحولت لعربة مجهزة بالكامل ليحقق حلمه ونجاحه، وقال كان مشروعي منذ سنوات عبارة عن بسطة متواضعة جدا إلى أن ظهرت ال”فود ترك” وقمت بتأسيس العربة على مراحل، ووضعت كامل تركيزي في مشروعي وتوسعت به وأصبح لي قاعدة من الزبائن المحبين للأكل البخاري.
وأضاف أن أغلب الشباب الذين بدأوا في المشروع ولم يكملوا مشوارهم، بسبب عدم الاصرار على النجاح أولا، والشيء الآخر أنهم لم يتميّزوا في الأطعمة التي كانوا يقدمونها لأن محبي الطعام يبحثون عن النكهة المغايرة، كما أن بعض الشباب حاول تقليد مشاريع المطعم المتنقل في أمريكا ما جعلهم يخسرون ويهربون من التواصل مع مثل هذه المشاريع الحيوية.
وتابع جان أن المطعم المتنقل ليس بمثابة هوجة أو ترند سرعان ما ينطفئ وإنما مشروع يدر أرباحا كبيرة إذا تم الاهتمام به وتوظيفه على نحو متقن بعد دراسة الجدوي وسلوك المستهلكين، بالإضافة إلى أن هذا النوع من العمل يحتاج إلى تسويق مستمر ومتابعة على وسائل التواصل الاجتماعي والتميز والاختلاف في نوعية الطعام والدليل نجاحي وتوسعي في مشروعي الذي حقق طموحي.
رائحة التوابل
كما يتفق معه بالرأي أحمد الساحلي المتأثر بالمأكولات المكسيكية شكلا ومضمونا، ويتحدث عن رحلة نجاحه مع “فود ترك” بالرغم من دراسته لتخصص هام في برمجة البحوث العلمية في بنك الدم.
وقال الساحلي أنه يمتلك عربة للمأكولات المكسيكية ويقدم الاطباق المتنوعة مثل الفاهيتا والتاكو والبوهيتو وايضا يقدم العصيرات مثل البينا كلادا والموهيتو بطريقة الفواكه الاستوائية الطازجة.
ويحكي عن مشروعه قائلا: بدأت مشروعي منذ سنتين، وتخصصي الرئيسي مبرمج بحوث علمية في بنك الدم، وبعد الدراسة تنقلت ما بين المانيا وهولندا وخلال الفترة الدراسية تعلمت الطهي عن طريق أحد الأصدقاء الذي كان يشاركني في السكن وعلمت انه يعمل شيف في احد المطاعم وبالتالي رافقته وتعلمت طهي الأصناف المكسيكية ولم يكن لدي هواية الطبخ من قبل.
وأضاف بقوله: بعد أن اتقنت فن الطهي في بلاد الغربة كنت أحلم أن يتحول مطبخ بيتي إلى مطعم، لكن قدرتي المالية كانت ضعيفة، ومع انتشار العربات المتنقلة قررت أن أمارس شغفي من عربة الطعام، لكنني فشلت كثيرا في عملية البحث عن مصنع يختص في عربات الطعام خصوصا إن المصانع تفتقد الخبرة في هذا المجال لذا قررت بنفسي أن أراسل شركة في الصين وتمت الموافقة على مشروعي وأرسلت لي الشركة التصاميم، وبعد فترة من الوقت استلمت العربة في جدة، وبعد إتمام الإجراءات الرسمية أخذت التصريح من أمانة جدة، وبدأت العمل على العربة واخترت أن تكون هويتي مكسيكية لأنه يوجد لدي خبرة سابقة في هذا المجال، وكسبت ثقة ورضا محبي الطعام المكسيكي.
بنات الفود
وبالنسبة لولاء نجيب فإنها معلمة رياض أطفال تهوى صناعة الحلويات والآيس كريم ولم تقف مهنة التعليم أمام طموحاتها في تجربة شغفها بالحلويات ودخلت عالم ال”فود ترك” من خلال عربة الآيس كريم والحلوى” وتروي تجربتها قائلة :
حينما كنت ابحث عن مشروع خاص لفت انتباهي مشروع ال”فود ترك” ولكن لم اتحمس لتقديم البرجر وقررت أن اقدم ماهو مميز وبالرغم من اختياري لتقديم الآيس كريم والحلوى أردت أن يكون ما اقدمه مختلفا عن الآخرين فقدمت الآيس كريم وغزل البنات والكوكيز والنوتيلا والاوريو”.
وبدأت الانطلاقة في شهر رمضان 2017 وشاركت في ثلاث فعاليات منها مشاركتي في حكاية مسك “وسعودي سيتي” ومعرض الكتاب، وعن طريق الفعاليات والمشاركات كونت قاعدة كبيرة من العملاء.
وعن الصعوبات التي صادفتها قالت: من اهم المعوقات والصعوبات واجهتني مسألة النزول إلى الأسواق الشعبية في جنوب جدة لشراء معدات وتجهيزات العربة ولم يكن لدي سابق معرفة بهذه الأسواق أو كيفية تجهيز العربة، ومن جهة أخرى كنت أتهيب التعامل مع المولدات الكهربائية في العربة وتعبئة الزيت والبنزين التي لا أفقه بها، وعلى صعيد آخر هناك المنافسة حامية بين “فود ترك” البنات والشباب الذين يحاول كل منهم كسب الزبائن.
من جانب آخر بالرغم من أن ولاء تلتزم بعملها فترة النهار كمعلمة رياض اطفال الا انها استطاعت ان توفق بين العمل الاساسي في التعليم وبين عملها على ال”فود ترك” وتوضح بقولها : اصنع الحلويات واجهز الخليط بيدي فورا أمام الزبائن، ولأنني اتجه دوما الى توفير كل ما هو جديد اطلقت منذ فترة صنفا جديدا كنوع من التغيير وهي دونات بحشوة الأوريو” وايس كريم بقطع الفواكه.
والحمدلله استطعت التوفيق بين عملي صباحا كمعلمة رياض اطفال وبين العمل في صناعة الحلوى والايس كريم مساء وذلك يسهل علي كثيرا، حيث أن من ايجابيات هذا المشروع انه يساعد على العمل بأعصاب هادئة دون الخوف من دفع ايجار الموقع او المحل او دفع مصاريف للعمال فالتجارة تحتاج الى النفس الطويل ليحقق الهدف المرجو.
وكنصيحة لباقي الفتيات في ظل دعم عمل المرأة في مختلف المجالات استطيع ان اقول للفتيات أن يتشجعن للعمل الذي يجدنه دون حياء حتى وان كانت ربة منزل، لأنه وفي خلال شهر تستطيع أن تتغلب على كل الصعوبات والتعرف على مجالات كثيرة.
طموح كبير
سامر القحطاني خريج دبلوم فنادق قسم مطبخ، عمل شيفا منذ عام 2005 في عدة فنادق ومن ثم عمل في ادارة المطاعم لدى مجموعة كبيرة من الشركات في مدينة جدة.
يتحدث الشيف سامر عن مشروعه قائلا: بعد أن حصلت على خبرة جيدة في ادارة المطاعم والعمل كشيف في عدة فنادق فكرت في اطلاق مشروعي الخاص وبالتالي قمت بإنشاء عربة للطعام وتعود في الاصل فكرة المشروع من أمريكا وتحمست أكثر للمشروع بعد مشاهدتي لفيلم أمريكي اسمه” شيف” .
لذلك فضلت إدارة عملي الخاص لأنني أؤمن أنه سيتحول إلى مؤسسة أو شركه كبيرة وبالفعل أجهز الآن إلى فتح مطعم بدلا من ال”فود ترك” حيث أفادتني تجربتي في هذا المشروع الكثير من التجارب والخبرات مما خولني إلى افتتاح مطعم.
وبالرغم من انتشار فكرة “”فود ترك”” بين أوساط الشباب السعودي وخاصة في مدينة جدة، كان لابد أن أتميز عن الآخرين من خلال تقديم أنواع مختلفة من قائمة الطعام مثل ” ستيك اللحم ، وقطع الدجاج إضافة إلى البرجر، ومن جانب آخر برغم وجود العديد من الشباب العاملين في هذا المجال إلا أنهم غير متخصصين أو دارسين لقسم المطبخ وهذه ميزة أتميز بها عن غيري فتخصصي الدراسي ساعدني كثيرا لتطوير عملي من حيث كيفية التعامل مع الطعام والتعامل مع الزبائن ومعرفة أذواقهم وكسب زيارتهم الدائمة.
تذبذب الأرباح
وقالت حياة برديسي صاحبة “فود ترك” والمتخصصة في بيع الأكل الجاوي إنها بدأت العمل من منزلها بشكل بسيط كأحد الاسر المنتجة، ومن ثم قررت أن تعمل من خلال عربة الطعام ” “فود ترك”” وبعد أن أتمت السنة قيمت الربح بأنه غير ثابت ولم يحقق طموحها الى الآن فهي تطمح إلى أن تفتتح مطعما خاصا بها بعد سنتين إلى ثلاث سنوات.
شروط رخصة المطعم المتنقل
حددت أمانة محافظة جدة، ممثلة بالإدارة التراخيص ورقابة الأسواق، عددا من الشروط لممارسة نشاط المطعم المتنقل وشددت الأمانة على ضرورة حصول المتقدم على توفير مصدر كهربائي مزود بكاتم صوت لتغذية الأجهزة بالعربة؛ وذلك لمنع الإزعاج أو ارتفاع الصوت من تلك العربات.
وألمحت الأمانة إلى أن شروط الممارسة في عربات البيع المتنقلة (فود ترك) أن يكون المتقدم لطلب الرخصة سعودي الجنسية، وأن يحمل شهادة صحية سارية المفعول للأنشطة الصحية.
وحددت رسوم خدمة إصدار رخصة كافتيريا متنقلة، كما يجب تقديم صورة من الهوية الوطنية بعد مطابقتها بالأصل ولا بد أن تكون سارية ويجب تقديم شهادة صحية مثبت بها خلو صاحبها من الأمراض السارية والمعدية أو المتنقلة، كما يجب تقديم نموذج الطلب حسب الموقع والمسار، المتاح والخارج عن المحاور الممنوعة، توقيع تعهد من المتقدم بالطلب بالعمل بنفسه في عربة الطعام المتنقلة.
يذكر أن مشروع “فود ترك” “مطعم متنقل” هو مشروع يحظى بشهرة وانتشار عالمي، فهو منتشر بشكل واسع في الولايات المتحدة وانجلترا وكندا ومختلف انحاء اوروبا والعالم، ومؤخرًا حقق انتشارًا واسعًا في المنطقة العربية بشكل عام وفي السعودية بشكل خاص، ومنذ العام 2016 بدأ المشروع في الانتشار الى ان اصبحت هناك آلاف العربات في مختلف المدن السعودية ، وان بحثنا عن الاسباب التي ادت الى انتشار مشروع “فود ترك” بهذا الشكل فسنجد انها عديدة ومنها قلة تكاليف التأسيس مقارنة بالمطاعم الثابتة، عدم دفع ايجارات، حرية التنقل والقدرة على التواجد في مواقع الاحداث والتجمعات، يقدم المطعم المتنقل في العادة منتجات رخيصة مقارنة بمنتجات المطاعم الثابته، وهو مشروع يفضله الكثير من الناس على المطاعم ومحلات التيك وآي الثابتة.