ما الذي يحدث أمام مجموعة التراكمات والمشكلات الحياتية، التي أخذت بُعداً آخر وتسببت في اختراق عُمق وجسد المجتمع دون هوادة، ولست أدري إن كان بناء المساجد بأحدث فنون العمارة الإسلامية، بأرقى الأحياء السكنية في كبرى المُدن، والتي لا يرتادها إلاَّ القليل من المصلين، لكثرتها بحيث لا يفصل المسجد عن الآخر، إلاّ بضع كيلو مترات لتقاربها من بعضها، في الوقت الذي يتم إنشائها بمبالغ مالية خيالية، تفوق الملايين من الريالات، ومن الطبيعي أن الأجر والاحتساب تم بفضل الله للقائمين عليها، لتقديمهم كافة الاحتياجات لهذه المُنشاءآت، لتبقى منابر علم وهداية للجميع، طالما حافظت على جمالياتها ومستوى نظافتها، وحققت أهدافها بتوجيه الناس للتعايش الحضاري والاستخدام الأمثل.
وما يلاحظ عليها من سوء النظافة بعد أشهر قليلة من افتتاحها، فهل بناؤها أفضل من رعاية أسرة، تعيش حالة مادية صعبة تصل حالتها المعيشية تحت خط الفقر، وهل مجتمعنا الإنساني أكثر قسوة من بقية المجتمعات الأخرى في حالة نفيه وجود هذه الحالات، التي تزداد يوما بعد آخر لأسباب عديدة، من أهمها الخلافات الأسرية في مستهل الحياة الزوجية، ولعدم قدرة عقلاء المجتمع، ولجان الإصلاح رغم كثرتها، على احتواء هذه الخلافات ومنعها من أن تصل ذروتها بعد أن استشرت في المجتمع، لأسباب خلافية وقضايا يمكن السيطرة عليها، والتخفيف من حدِّتها على مجالس القضاء بالمحاكم الشرعية.
بتعنت الزوجين وتمسك كلٌ منهما برأيه، الذي لا يخلو من حالة غضب وخطأ ارتكبه في حق نفسه، ويمكن أن تتعدى أثاره على الأبناء، في كل ما يتعلق بممارسة الأساليب التربوية والجرعات الفطرية من الحب والحنان من قبل الأبويين، ومن المستحيل قيام أحدهما بهذه المسؤولية بدوره الأبوي مُنفرداً، وأحيانا يلتبس الأمر على أهل الزوج أو الزوجة، أو كلاهما معا في ساعة تتغلب فيها لغة الصراع، ويحتدم النقاش دون احتمالية الرجوع، لحلول يمكن أن تُغير واقع الحال، وتصلح ما أفسدته ساعة الأنثروبولوجيا بقدر مرارتها، وفي هذه الحالة لا نستطيع أن نُحمِّل تبعاتها لطرف دون آخر، إلاّ إننا نقف في حيرة نتأمل ما بعد المشكلة.
إذا استثنينا جهود الضمان والتأمينات الاجتماعية، كجهة رسمية معنية بالقيام بأدوارها ووظائفها الإنسانية، كونها تظل قاصرة ولا تمتلك حلولاً عاجلة، قياسا على أقل المستويات المعيشية من تكاليف السكن والتأمينات الصحية، والنواحي الترفيهية التي أصبحت جزءا أسياسيا في حياة الأسرة والمجتمع، كمعطيات لا يمكن حجبها عن رغبة وبراءة الأطفال، أمام الأم المطلقة وهي تواجه مصيرها وعجزها في تأمين احتياجات أطفالها، ولعلنا نطرح رؤية مع الجهات المعنية، للقيام بدراسات بحثية لرصد الحالات الحرجة، وتحديد الاحتياجات الأكثر أهمية على أن تبادر الجمعيات الخيرية ورجال وسيدات الأعمال، بتبني مشاريع أكثر نفعا من تلك المساجد لترعى وتحفظ المُطلقات من ذُل السؤال.