جدة – رانيا الوجيه
لم تعد عمليات التجميل في الراهن ترفا عند الشباب والفتيات، كما أن عمليات ” تكميم ” المعدة وتجميل الجلد ليست من باب الرفاهية، وفقا لمنظور الشباب من الجنسين ، فقد تحولت مثل هذه العمليات إلى ضرورة تحتمها الموضة التي انتشرت بينهم ، فكثير من الفتيات يعتبرن أن تغيير شكل الأنف أصبح من الضروريات، كما يرى بعض الشباب أن الرشاقة مطلب لمسايرة حراك الحياة ، وقد ساهمت الإعلانات في مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جذب الشباب من الجنسين لمثل هذه العمليات؛ حيث يتفنن بعض مشاهير ” السوشيال ميديا ” في تقديم إعلانات جاذبة للباحثين عن التجميل خارج المملكة..
فعلي سبيل المثال فإن زراعة الشعر لدي المصابين بالصلع أصبحت من الأولويات، فبات من الطبيعي أن يقترض الشاب الكثير لأجل عملية جراحية، ومن الطبيعي أيضا أن تخصص الفتاة مبلغا كبيرا كل عام لإجراء عملية جديدة، حتى إن الكثير من البنوك وخاصة الأجنبية، عمدت لإطلاق برامج تقسيط لعمليات التجميل لجذب الشباب،
وتتجاوز المبالغ التي يصرفها الشباب على عمليات التجميل خلال عام واحد نحو 50 ألف ريال، يتم جدولتها على أقساط، والملاحظ أنه تظهر كل عام عملية جديدة وتنتشر كموضة بين الشباب والفتيات، فقبل ثلاثة أعوام انتشرت بينهم عمليات تقويم الأسنان، وهرولت عيادات الأسنان إلى الشباب لجذبهم من خلال العروض التي تقدمها من وقت لآخر، وما إن انتهت موضة الأسنان حتى دخلت عمليات إزالة الشعر نهائيا من الجلد وكانت حكرا على الفتيات لتدخل الكثير من أجهزة الليزر الحديثة في سباق لدى عيادات التجميل، ودفعت الكثير من المبالغ لإجرائها، وانتهت الموضة التجميلية إلى تكميم المعدة والتدبيس، حيث بدأت الإعلانات التجميلية تعمل على جذب الشباب والفتيات الذين يعانون من أوزان زائدة، وعلى الرغم من التداعيات التي تخلفها عمليات التجميل التي يجريها الشباب والفتيات، إلا أن الإقبال عليها يزيد يوما تلو الآخر، فكثير من الشباب يقدمون عليها غير مبالين بالمخاطر التي قد تنجم عن التجميل، فالغاية الوصول للتغيير ومسايرة الموضة.
وقد أكد عدد من الأطباء لـ ” البلاد “، أن عمليات التجميل أصبحت بمثابة موضة ليست في المملكة فحسب وإنما في الكثير من دول العالم، لافتين في الوقت نفسه أنها لم تعد قاصرة على النساء فحسب، إذ تعدى ذلك إلى الرجال، وأن أكثر عمليات تجميل الرجال في المملكة تجرى لشفط الدهون، وتجميل الجفن، والأنف، وشد الوجه، وحقن البوتكس، وتضخيم العضلات.
وأضافوا أن الرجال العرب يتسابقون إلى غرف عمليات التجميل وأخذت نسبتهم ترتفع عاما بعد عام ومعظمها عمليات للأنف ثم شفط الدهون وإزالة التجاعيد وشد المعدة والوجه، وبات أغلب الرجال الناجحين في مجالات عملهم في سن الـ40 وما فوق يقبلون على عمليات التجميل مثل النساء تماما.
في البداية، يقول الدكتور معتز ديري استشاري الأمراض الجلدية والتجميل والأستاذ المساعد بكلية الطب في جامعة أم القرى: بالفعل هناك حالات عديدة ترد إلى عيادات التجميل بهدف تصيح ” الخطأ” بعد عمليات للتجميل أجريت في الخارج، وخصوصا تركيا ، وهناك العديد من الزملاء في مهنة الطب صادفتهم حالات مرضى قاموا بإجراء عمليات تجميل خارج المملكة ولكن كانت فاشلة، ما تسببت لهم بإحباطات كثيرة ، وأثّرت في نفسياتهم .
وأضاف: إن أغلب الحالات تنجذب نحو تركيا لإجراء عمليات التجميل بسبب الأسعار المنافسة والرخيصة التي تغري الباحثين عن التجميل وبأرخص الأسعار، فالسياحة الطبية بتركيا تعتبر موجة جديدة، وعلى سبيل المثال حينما نقارن بين عمليات زرع الشعر في السعودية فهي تتم عن طريق طبيب استشاري متخصص في زراعة الشعر، ولكن الوضع في تركيا مختلف حيث إن أغلب المراكز الطبية يتولى عمليات زراعة الشعر بها فنيون وليسوا أطباء متخصصين، دون وجود أدنى وسائل السلامة،
بالإضافة إلى أن هناك بعض الحالات التي صادفتها بشكل شخصي وبالتحديد في عمليات زراعة الشعر أنه بعد عملية الزراعة يقومون بتسويق أدوية و”أمبولات” بقيمة 2000 دولار بحجة أن هذه الأدوية غير متوفرة في السعودية للحفاظ على الشعر وتلك المواد مجهولة المصدر وغير آمنة ، وقد سبق أن طرق باب عيادتي بعض المرضى يطلبون مني حقنهم بتلك الأدوية ولكن رفضت ذلك لعدم معرفة مصدر وتركيبة تلك الأمبولات والأدوية. ولذلك أنصح المواطنين بأن لاينخدعوا بالأسعار، ويجب البحث عن خلفية المركز أو المشفى ومعرفة الأطباء وخبراتهم وتخصصاتهم وسمعة المركز الطبي.
بانوراما الإعلانات
من جهته، أوضح الدكتور خالد الزهراني استشاري التجميل ونحت القوام بقوله: نقابل حالات كثيرة جدا من ضحايا عمليات التجميل الفاشلة في الخارج وذلك بمعدل 6 حالات كل شهر، وهذه الحالات تحمل مضاعفات بسبب عمليات التجميل غير الناجحة هناك .
والإشكالية أنه في تركيا يستخدمون عدة وسائل لجذب المرضى والباحثين عن الجمال، فهم يستطيعون استخدام السوشيال ميديا بشكل كبير أكثر من الأطباء السعوديين لأن الأطباء السعوديين يتبعون قوانين وزارة الصحة حفاظا على خصوصية المرضى، من ناحية دينية ونواح اجتماعية ، من حيث نشر صور المرضى قبل وبعد العمليات .
نتائج فاشلة
وفي نفس السياق يؤكد الدكتور علاء محمود أخصائي جراحة التجميل في إحدى العيادات بجدة، أن هناك العديد من الحالات التي جاءت إليه بعد أن أجرت عمليات تجميل في تركيا وكانت النتائج غير مرضية وطلب المرضى علاج تلك الحالات ولكن بدورنا لانستطيع استقبال تلك الحالات ، حيث لانعلم ماهي العقاقير أو الأدوات التي تم حقنهم بها، في المراكز الطبية التركية؛ حتى لا نتحمل مسؤولية أي مضاعفات تحدث للمريض أو المريضة.
خلفية الطبيب
كما تؤكد خبيرة التجميل فرح القواسمي أن هناك العديد من زبائنها عادوا بعمليات تجميل فاشلة من تركيا وبالتحديد عمليات زرع شعر الحاجب، والتي هي من أفشل العمليات التي تجريها بعض السيدات في تركيا، موضحة بقولها: ” تكون عمليات زرع شعر الحاجب بقياسات خاطئة مما يجعل مقدمة الحاجب مائلة وبشعة الشكل، إضافة لوجود مسامات واسعة جدا تحت منابت الشعر مما يضطر السيدة لعلاجها لإجراء عملية أخرى، وهذه من أكبر المشاكل التي أواجهها، كما أن زراعة الحاجب تجعل الشعر يطول بشكل كثيف مما يلزم قص الشعر كل يومين، كون تلك العمليات تختلف عن عمليات زرع شعر الرأس ولكنهم يسحبون من بويصلات شعر الرأس وزراعتها في الحاجب وهذا الأمر فاشل في تركيا وفي أي مكان، أما بالنسبة لعمليات التجميل بشكل عام والتي تجرى في تركيا ، فهي تعتمد على مترجم. وشخصيا لا أثق في المترجمين هناك، وبالتالي تصبح اللغة عائقا كبيرا في تركيا؛ كونهم لايتحدثون لغة أخرى سوى التركية، أيضا خلفية الطبيب أو الفني تعتبر مجهولة لنا، وبالرغم من جمال مباني المستشفيات والمراكز الطبية الملفتة والجميلة إلا أنهم يفتقرون إلى الخبرة والأمانة في العمل.
استغلال السياحة
وترى أخصائية المكياج ميسون الرمال، أن العامل الجاذب للكثير من الأشخاص الباحثين عن عمليات التجميل هو استغلال الوقت للسياحة الطبية والترفيه معا، بالإضافة إلى الأسعار المنافسة مقارنة بالأسعار في المملكة أو أي دولة أخرى، وقد صادفتني “زبونة ” أجرت عمليتين للتجميل في وقت واحد إحداهما عملية شد البطن والأخرى عملية في جفن العين ، ولكن لم تكن بجوده عالية جدا لأن النتيجة على حسب طبيعة جسم الانسان التي تختلف من شخص لآخر .
عدم الثقة
من جهة أخرى، تحذر زاهية عسيري إحدى مرتادات عيادات التجميل في مصر ولبنان وجدة، من إجراء عمليات التجميل في تركيا وتقول عن ذلك: ” بما أنني أرتاد عيادات التجميل بكثرة كنت أود السفر لتجربة العيادات التجميلية بتركيا ولكن بعد البحث ومشاهدتي لتجربة الأخريات قررت أن لا أذهب إلى تركيا حيث وجدت النتائج غير مرضية نهائيا برغم الأسعار الرخيصة والفرق الشاسع بينها وبين الأسعار لدينا في السعودية ، من جانب آخر مع ارتفاع أسعار التجميل لدينا إلا أن لدينا أطباء أكفاء جدا ومتميزين يقومون بتسهيلات الدفع عن طريق الأقساط الميسرة في كل زيارة ، وأجد ذلك أفضل من السفر والتعامل مع أطباء لا أجيد لغتهم ولا يتحدثون العربية وأيضا لا أثق بالمترجمين في توصيل المعلومة الصحيحة.
فخ الأسعار
يروي أحمد مطر تجربة أحد أقاربه مع عمليات زرع الشعر في تركيا موضحا بقوله: ” تغري الأسعار المنافسة لعمليات التجميل في تركيا والإعلانات المنتشرة في جميع وسائل التواصل الاجتماعي، العديد من الأشخاص اللذين يبحثون عن التجميل نساء ورجال وبالتحديد زراعة الشعر لدى الرجال، وهناك أشخاص وقعوا في فخ الأسعار الرخيصة التي تنتهي بأدوية وعلاجات يفوق سعرها أضعاف سعر العملية، وهذا ما حدث مع ابن خالي الذي توجه إلى تركيا لإجراء عملية زراعة شعر رأسه على أيدي فنيين وليس أطباء مختصين في هذا المجال ، وبعد ألم العملية والإرهاق الذي واجهه أجبروه على شراء أدوية وعقاقير تبلغ قيمتها 1500 دولار، مؤكدين له أنه بدون تلك الأدوية لا يمكن نجاح العملية والحصول على النتيجة المطلوبة. ويعتبر ذلك أكبر فخ يقع فيه المرضى السائحون في تركيا.
إعاقة في الحركة
“إيمان” شابة سافرت إلى تركيا لإجراء عملية شد للذراعين، وأدى فشل العملية إلى إعاقة حركة إحدى يديها، كما أن بروز الخياطة التجميلية أدى إلى تشوه مظهر الذراع واختلاف شكل كل ذراع عن الأخرى، وحاولت أخذ تقارير تفيد بفشل العملية والأخطاء التي واكبت تلك العملية ولكن محاولاتها باءت بالفشل.
ورغم خطورة الملف ومساسه بصحة وحياة الكثير لايزال بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي يروجون للسياحة الطبية في تركيا، متجاهلين الجوانب السلبية كافة، والتي لم يراعوها قدر اهتمامهم بالربح المادي للدعاية، مستهدفين بذلك الأشخاص المنجرفين نحو الدعايات والتطبيل الإعلامي للسياحة الطبية في تركيا.
خفض أسعار
تقول نوف البيشي: أصبحت تركيا المقصد الرئيسي للراغبات في إجراء عمليات التجميل لانخفاض تكاليفها الا أن هناك مخاطر من جراء فشل بعض العمليات وهذا الفشل يدق ناقوس الخطر، ما يضطرهن إلى إنفاق مبالغ طائلة لعلاج تلك الحالات العائدة بالفشل لإصلاح مايمكن إصلاحه، وأرى من وجهة نظري لكي نقلل من تلك الحالات وتوعية السيدات والرجال، لابد أن تكون هناك حملة صحية وطبية مبادرة من أطباء من وزارة الصحة لتوعية المجتمع من مخاطر اجراء عمليات تجميل في تركيا أو غيرها، خاصة في دول لا تتحدث العربية أو الإنجليزية على الأقل ، إضافة إلى أنه حان الوقت لخفض أسعار أطباء التجميل بالمملكة، حتى تصبح بأسعار بشكل معقول وتقديم تسهيلات أكبر كنظام التقسيط في كل مراجعة .
42 ألف جراحة تجميل وعمليات البطن والأنف الأكثر طلبا
تحظى عمليات التجميل لدى النساء في المملكة بأهمية كبرى وذلك للحصول على مظهر جميل، وفقا لاستشاريي جراحة التجميل في مستشفيات القطاعين العام والخاص، وذلك بين إجمالي عمليات جراحة التجميل للجسم والوجه التي أجريت في عام 2018 والبالغة نحو 42 ألفا، بحسب تقرير إحصائي من وزارة الصحة السعودية.
وبلغت عدد عمليات التجميل الجراحية في عام 2018 بالمملكة 41906 عمليات ، منها 11204 عمليات في مستشفيات وزارة الصحة و12912 عملية في مستشفيات الجهات الحكومية الأخرى و17790 عملية في مستشفيات القطاع الخاص.
وتشير الأحصائيات إلى أن النساء أكثر إقبالا من الرجال على عمليات التجميل الجراحية بواقع 70% إلى 30%، وكذلك يقبلن بشدة على القيام بحقن البوتوكس والفيلر، وذلك للحصول على مظهر أكثر جاذبية وجمالا وكي يبدين أصغر سنا.
كما أن أكثر العمليات الجراحية التجميلية التي تطلبها النساء تتمثل في شد البطن وشفط الدهون في الجسم ثم حقن البوتوكس والفيلر في الوجه. كما أن أكثر العمليات الجراحية التجميلية في منطقة الوجه التي يقبلن عليها هي تعديل الأنف.