البلاد – رضا سلامة
اتهام الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، خلال قمة حلف الناتو في لندن، تركيا أردوغان بالعمل مع تنظيم داعش الإرهابي، يؤكد من جديد العلاقة الوثيقة وتشابك المصالح والتوظيف المتبادل بين الطرفين، التي توفرت أدلة وقرائن عليها على مدار السنوات السابقة، بحيث يمكن وصف أردوغان بأنه الخليفة الحقيقي للتنظيم الأكثر دموية على وجه الأرض.
قال ماكرون:”عندما أنظر إلى تركيا أرى أنها الآن تقاتل ضد من قاتلوا معنا وأحيانا تعمل مع مقاتلين على صلة بداعش”، مؤكدًا أن: “مهاجمة تركيا للمقاتلين الأكراد الذين قاتلوا مع الغربيين في حربهم ضد داعش، يعد مشكلة استراتيجية”.
ويأتي تصريح الرئيس الفرنسي ليضيف مصداقية لتقارير استخباراتية وإعلامية متداولة منذ بدء الغزو التركي لشمال سوريا في 9 أكتوبر الماضي، مفادها أن عناصر من داعش تحولوا لقيادات على رأس التنظيمات المتحالفة مع أنقرة في عمليتها العسكرية المسماة”نبع السلام”.
• المستفيد الأول
ويرى مراقبون أن تنظيم داعش الإرهابي المستفيد الأول من الغزو العسكري التركي لشمال سوريا، الذي يستهدف الأكراد وخاصة “قوات سوريا الديمقراطية” التنظيم الذي يخوض حربًا شرسة مع داعش، حيث شُغل التنظيم بمواجهة تركيا مما خفف الضغط على التنظيم الإرهابي، الذي عاد ليشكل خطرًا على الأراضي السورية والعراقية، خاصة بعد هروب أعداد من عناصره من سجون”قوات سوريا الديمقراطية”، التي تحتفظ بنحو 3 آلاف سجين من أخطر قادة التنظيم.
وقد كشفت وثائق لداعش الإرهابي بعد مقتل البغدادي تفاصيل كثيرة عن علاقة التنظيم بأردوغان، وفضحت إلى حد كبير كيف كان زعيم داعش المقتول، يستخدم تركيا “بتنسيق ما” كمنفذ له لتنفيذ عملياته الإرهابية في أوروبا، وأعادت الوثائق للأذهان تاريخ العلاقة بين أردوغان وعائلته بالتنظيم، حيث سبق وكشفت تقارير غربية أن بلال أردوغان نجل الرئيس التركي أدخل شركته للنقل البحري في شراكة مع التنظيم الإرهابي بصفقات تجارية، خاصة شراء وتجارة نفط داعش.
كما كانت تركيا المكان المفضل لعلاج وإعادة تأهيل مقاتلي داعش، ومن ضمن الاعترافات في هذا الملف، تأكيد قائد داعشي من أصول أوزبكية يدعى عمار بهاوى، بأنه تلقى العلاج في أحد المستشفيات التركية بمدينة أورفة، بعدما جاء من أوزبكستان إلى سوريا وأصيب في اشتباكات مع جيش النظام السوري وكانت حالته حرجة، وتم إدخاله إلى أورفة من خلال المعبر الحدودي.
ومن بين الاعترافات أيضًا، ما أعلنه الإرهابي طه عبد الرحيم عبد الله، أحد أكثر المقربين من البغدادي، حيث كشف أن قرار”حرب كوباني” جاء من زعيم داعش نفسه بسبب الإصرار التركي على تنفيذ الهجوم، مشيرًا إلى تكبد التنظيم خسائر فادحة بسبب هذه الحرب.
• حماية وغطاء
وعمل أردوغان دوما على توفير الحماية والغطاء السياسي لداعش، حيث رفض حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه مرارًا فتح تحقيق برلماني طالبت به المعارضة، حول أسباب عبور الكثير من عناصر تنظيم داعش من تركيا إلى سوريا، وظهور قياداتهم داخل الأراضي التركية، ومؤخرا أماطت تقارير للمعارضة التركية اللثام عن مراسلات بين داعش وعناصره في تركيا، تتضمن تكليفات بشن هجمات في أوروبا باستخدام تركيا كمعبر وقاعدة تجهيز وإسناد.
وكان مقتل زعيم داعش الإرهابي أبوبكر البغدادي في عملية استخباراتية أمريكية 26 أكتوبر الماضي، قد أثار موجة من الشكوك حول علاقة أردوغان الوثيقة بالتنظيم، حيث تمت العملية في مخبأ البغدادي بحضن تركيا وبمجال سمعها وبصرها وسيطرتها ونفوذها، بقرية ” باريشا” السورية على بعد5 كيلو مترات من الحدود التركية، وعلى مقربة من معبر “باب الهوى” الحدودي، وعلى بعد 20 كيلومترًا شمال مدينة إدلب، في منطقة خارج سيطرة جيش النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية” قسد”، حيث تخضع منطقة إدلب عمومًا للسيطرة المباشرة للجيش التركي، وتديرها تنظيمات إرهابية خاضعة لنفوذه.