تطربني الراحلة العظيمة ام كلثوم بأغنيتها الشهيرة غنيلي شوي، شوي، رحمة الله عليها،اسمحوا لي ان ادعوكم لسماع الاغنية بتركيز شديد والتمعن في كلماتها، انها محطة ومصدر للطاقة الايجابية يبثها احدنا للاخر.
كان الكاتب والاديب الصديق الراحل الاستاذ محمد صادق دياب عظيما في بث الطاقة الايجابية في نفسه وروحه، بل وبثها في قلوب وعقول المحيطين به من اصدقائه وعائلته والعاملين معه، كنت اراه واسمعه “يدندن” ويغني لنفسه، ويسمعها احلى الالحان ، وكان يمارس هذه الهواية وهو جالس او قائم واثناء مشيه، ادراكا منه بأهمية “الدندنه ” والغناء في بث الطاقة الايجابية في النفس والغير، هذا واريد من القارئ ان لا يعتقد انني اختزل اساليب ومهارات بث الطاقة الايجابية في الغناء فقط، بل هي احد الاساليب والممارسات والمهارات التي ينصح بها علماء النفس لنقل عدوي المشاعر الايجابية الي الاخرين.
شاهدت وسمعت الكثيرين يرددون ان فلانا دائما ما يحبطني ويبثني طاقة سلبية، وتساءلت كيف؟، وكان الجواب، اصحو صباحا واجد رسائل من بعض الاصدقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالاحباط والتشاؤم ظنا منهم انها حكم ومواعظ وقواعد يجب علي قارئها اخذها في الاعتبار في بداية حياته اليومية، وهناك من يبثك برسائل تحتوي على مناظر طبيعية خلابة ومبهجة وصورا للطيور والفراشات والاسماك الملونة مذيلة بكلمات يشع منها عبير التفاؤل والسعادة والفرح، هذا النوع من الرسائل هو ما يبعث في النفس الطاقة الايجابية.
ولكن ماذا نقصد بالطاقة الايجابية او السلبية؟
يقول الدكتور جوديث اورلوف، لكل منا – جلوسا او وقوفا ام مشيا – محيطه الخاص بالطاقة التي يبثها من ذاته وجسده وحركاته وسكناته، حيث يمكن للاخرين الاحساس بها والتفاعل معها، فشعورك بالهدوء والسكينة او الحيوية والنشاط والثقة بالنفس الخ، كل تلك المشاعر والاحاسيس يمكنك بثها ونقلها الي نفوس اصدقاءك وعائلتك وجميع المحيطين بك، ولا نستثني من ذلك حركات او لغة الجسد بل يمكن ان نذهب الي ابعد من ذلك الي الكلمات والصوت ونبراته الذي تتحدث به اما مباشرة او عبر الهاتف.
الطاقة التي يختزنها الانسان في تكوينه، هي ماضيه وعلمه وثقافته وتجاربه وخبراته وطريقة تفكيره وتوقعاته التي اكتسبها خلال رحلة حياته والتي شكلت احاسيسه وانفعالاته تجاه نفسه والاخرين، هذه المشاعر اما ان تكون ايجابية او سلبية، وهناك من البشر الذين يستطيعون ان يحسوا ويستشعروا هذه الايجابية ويستدعونها بسهولة تلقائيا الي العلن في تعاملاتهم مع الناس واحداث الحياة، اما الآخرون فتكون هذه المشاعر مختزنة في العقل الباطن ويصعب عليهم استدعاؤها بسهولة، ويتطلب الامر منهم في هذه الحالة التدرب علي مهارات ادارة النفس والذات والمشاعر وذلك عن طريق الاسترخاء وممارسة الرياضة واليوجا والخروج الي الفضاءات المفتوحة كالصحاري والحدائق والبحار او النظر الي السماء ليلا لمراقبة النجوم والاستماع الي الموسيقي والدندنة والغناء، والتدرب علي استعمال الكلمات والجمل الايجابية، وتشجيع النفس والاخرين علي الانجاز وعدم الاستغراق في الشكوي،والابتسام الدائم وتقدير الاخرين والعمل علي تحقيق الاهداف وفق الاولويات.
واخيرا عزيزي القارئ، افعل الخير دائما تجاه المحتاجين وامتنع عن الاضرار بالناس وقطع ارزاقهم وأكثر من الاستغفار والدعاء، قال تعالى:
(وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا واعظم اجرا).