البلاد – مها العواودة
فيما يتواصل الحراكان الشعبيان في العراق ولبنان ضد الطبقة السياسية والفساد والتدخل الإيراني، تواجه المليشيات الإيرانية متظاهري العراق بالقتل اليومي والخطف والاعتقالات، ويرد المتظاهرون بقطع الطرق والجسور ومؤخرًا حرقوا القنصلية الإيرانية في النجف، تعبيرًا عن مشاعر الغضب ضد عربدة الملالي.
وفي لبنان تواصل المليشيا الإيرانية المسماة بـ”حزب الله” الاعتداء على المتظاهرين وهدم خيامهم ورفع شعارات طائفية والتهديد باجتياح بيروت واحتلالها، كما سبق وفعلت المليشيا في عام 2008، في ظل أزمة متفاقمة تزايدت بقرار نقابة أصحاب محطات الوقود بغلقها والدخول في إضراب مفتوح.
ويبدو المطلب الأول للجماهير في العراق ولبنان متوحدًا في”حكومة تكنوقراط”، تخلصهم من الفساد وسيطرة المليشيات الموالية لإيران على مفصل الدولتين.
• مطلب مشترك
تؤكد الأكاديمية العراقية د. وصال الدليمي أن حكومة التكنوقراط مطلب الشارع العراقي الذي يرغب في وضع أصحاب الكفاءات والخبرات العلمية والإدارية في مواقعهم المناسبة، لإخراج البلد من الأزمة الحالية وتخليصه من حكم العصابات الفاسد، لافتة أن هذا لن يتم إلا بتشريع دستور جديد تتوافق فقراته مع مطالب الشعب المشروعة وليس مع مصالح شخصيات وأحزاب وأطراف خارجية، والحال نفسه في لبنان لذلك يوجد تشابه كبير بين مطالب الشعبين.
وأضافت لـ(البلاد) أنه قبل انتخابات مجلس النواب العراقي عام 2018، كانت هناك مطالبات بتشكل حكومة تكنوقراط، وآل الأمر لحكومة محاصصة استنادًا إلى بعض فقرات الدستور.
• دستور جديد
وقال الكاتب والمحلل السياسي عبد الله غانم القحطاني، إن حكومة التكنوقراط مطلب الشعبين المنتفضين في العراق ولبنان، للاستقلال من الاحتلال الإيراني المباشر والتأثير الإيراني الدائم.
وأضاف لـ(البلاد) أن حكومة تكنوقراط ليست المخرج الحقيقي من الأزمة، بل وسيلة لتغييب الوجوه الفاسدة وزوال الطبقة الحاكمة للانتقال إلى مرحلة جديدة وهي الأهم، تتمثل في وضع دستور جديد في البلدين يلبي مطالب المنتفضين في سبيل بناء تنمية ورخاء واستقرار واستقلال حقيقي.
من جانبه أكد الإعلامي يوسف علاونة أن حكومة تكنوقراط هدفها الالتفاف على المعضلة التي يعاني منها كلا البلدين، العراق ولبنان، الأول يعاني من حكومات موالية للإيرانيين منذ عام 2003، والثاني يعاني من أغلبية برلمانية تابعة أو متحالفة مع لإيران.
وأضاف أن العراق من الناحية العملية شبه (محافظة) إيرانية، فقد سيادته وسيطرت عليه الميليشيات واخترقه الإرهاب وهيمن الفساد وتعطلت التنمية وساد القهر والفقر والجهل، فيما إيران تنهب العراق وتستحوذ على مقدراته، وفي حال لبنان شكل الحزب الإرهابي المسلح مركز سيطرة للفساد والتحكم بمسار الحياة اللبنانية، ما حرم لبنان من علاقاته العربية وأضاع هيبة الدولة، وصار هم شركاء السلطة جمع المال والمصالح لصالح شريحة ضيقة من اللبنانيين، فيما بقية الشعب يتم دفعه دفعا للاستسلام أو الهجرة.
وأتم”علاونة” بأن إيران هي المعضلة في البلدين ولا شيء غير ذلك، وحكومة تكنوقراط تحقق مطالب المتظاهرين.
• ركب التقدم
وقال المحلل السياسي العراقي د. مراد الجاني إن الشعبين العريقين بالحضارة والتراث والثقافة، تأخرا عن ركب الحضارة والتقدم المدني في كل المجالات العلمية والإنسانية والصحية والثقافية، وكل ذلك بسبب الجهل المركب الذي جاء على ظهر الطائفية المقيتة والعنصرية المظلمة والمحاصصة السياسية، عبر الاحتلال الايراني للعراق ولبنان.
وأضاف لـ(البلاد) أن المتظاهرين خرجوا من بيوتهم ليوقفوا عجلة الهدم السياسي المخيف في أوطانهم، فتعالت أصواتهم بأنهم يريدون وطنا حرًا نظيفًا مستقلًا ذو سيادة وكرامة يعيش فيها الناس بمحبة وألفة وسكينة، ويضمنون مستقبل أجيالهم بالتقدم العلمي والاستقرار والتعايش الاجتماعي.
وأكد الجاني أن الطبقة المثقفة في كل من العراق ولبنان ترى ضرورة وجود حكومة تكنوقراط تُخرج البلدين من أزمة التفرق والفساد، وتبني الوطن بصرح المؤسسات وتعالج الأخطاء بروح الفريق الواحد، ذي الفكر الحضاري النير الوسطي والتوازن والاعتدال، لمؤمن بقضية وطنه والحامل لهم أمته والمتعاون مع جيرانه والمحب لعروبته.