البلاد – رضا سلامة
لجأ النظام أمس إلى تعطيل واقفال المدارس والجامعات للحد من اتساع المظاهرات فيما يؤشر لأيام صعبة لنظام الملالي، بفعل العقوبات الأمريكية الخانقة، التي تسببت في تدهور الاقتصاد، والتي يواجهها النظام بإثقال كواهل الإيرانيين بمزيد من رفع الدعم والأسعار، تجددت الاحتجاجات في العديد من المدن الإيرانية تنديدًا برفع أسعار البنزين، وامتدت إلى العاصمة طهران، وسقط عدد من القتلى في الأحواز العربية المحتلة ومدينة سيرجان بمحافظة كرمان وسط البلاد، حيث واجه الأمن التظاهرات بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في الأحواز وسيرجان بوشهر ومناطق أخري.
وعقد المجلس الاعلى للتنسيق الاقتصادي اجتماعًا بمشاركة رؤساء السلطات الثلاث، حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني ورئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، لدراسة سبل التصدي للاحتجاجات.
وبعد تجاهل وإنكار لموجة الاحتجاجات الحالية، اعترفت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية”إيرنا” بتظاهرات البنزين، وإن كانت وصفتها بالمتفرقة في عدة مدن، والحاشدة في سيرجان، مشيرة إلى سقوط قتيل خلال محاولات اقتحام محطة وقود وإشعال النيران فيها، ومؤكدة اتخاذ تدابير أمنية مشددة أمام محطات الوقود، فيما تكدست طوابير السيارات أمام محطات الوقود بعد نفاذ مخزوناتها، حيث تعاني البلاد من أزمة طوابير بنزين هي الأكبر منذ الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988).
• اتساع خريطة الاحتجاجات
وكانت خريطة الاحتجاجات قد اتسعت وشملت عشرات المدن في مناطق: طهران والأحواز وخرمشهر وبيرسيند ومشهد وبندر عباس وأصفهان وشيراز وتبريز وأصفهان وبوشهر وإسلام شهر وأنديمشك ودزفول وبهبهان وماهشهر وطالقاني وكرج ومحافظة فارس ، ودعا المحتجون أصحاب السيارات إلى “إطفاء محركات سياراتهم”، وأحرقوا إطارات السيارات وأغلقوا الشوارع والطرق مرددين هتافات ضد النظام.
في طهران اندلعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب في منطقة القدس، واستولى المتظاهرون على سيارة للشرطة، التي فشلت في تفريقهم، وأغلقوا طرقات مهمة أبرزها اتوستراد الإمام علي وطريق حكيم.
وفي إسلام شهر تكرر المشهد نفسه مع إحراق صورة كبيرة للمرشد الإيراني خامنئي.
وفي بوشهر أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي على المتظاهرين، الذين رددوًا شعارات تنادي بسقوط الديكتاتور، في إشارة إلى المرشد خامنئي.
وفي كرج غربي البلاد حرق المتظاهرون مقرًا للشرطة، ورددوا شعارات مطالبة بإسقاط النظام.
وفي الأحواز هتف المتظاهرون: “اتركوا سوريا وفكروا بحالنا”، و”أيها الأحوازي الغيور، المطلوب دعمك” و”أيها الأحوازي الغيور إطفأ سيارتك”.
وفي مدينة مشهد شمال شرق ايران هتف المتظاهرين “الموت للديكتاتور”، وفي خرمشهر نظم المواطنون تجمعًا احتجاجيًا وهم يهتفون “ليستقل روحاني”.
وفي ماهشهر أشعل المواطنون النار في إطارات السيارات وأغلقوا الطرق، وتكرر الأمر في بلدة طالقاني ومنع المتظاهرون اقتراب السيارات إلى محطات الوقود.
وفي بهبهان هتف المواطنون “إيراني يموت ولا يقبل الذل” و”زاد سعر الوقود وزاد فقر الفقراء”.
وقد شهدت العديد من المدن تواجدًا أمنيًا مكثفًا على رأسها طهران، واتخذت قوات الأمن تدابير أمنية مشددة خاصة أمام محطات الوقود، للحيلولة دون اتساع رقعة الحركة الاحتجاجية، وهاجم عناصر مكافحة الشغب من راكبي الدراجات النارية صفوف الحشود واعتدوا على بعضهم بالضرب واعتقلوا عددًا آخر.
• تدهور اقتصادي
ويعاني الاقتصاد الإيراني من تدهور مستمر قارب حد الانهيار، منذ فرضت أمريكا عقوبات على طهران في نوفمبر 2018، وصفت بـأنها”الأشد على الإطلاق”، بغاية “تصفير” صادراتها من النفط، بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى العالمية الست في عام 2015.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد في إيران بنسبة 6% العام الجاري، مقارنة بـ3.9% في 2018، وأن يشهد ركودًا في 2020، وبلغت نسبة التضخم حاليًا 41% ويتوقع أن ترتفع لمعدلات قياسية العام المقبل، وزادت أسعار السلع الأساسية بنحو 50% خلال الشهور الماضية.
ومن المتوقع أيضًا أن تشتد حدة الأزمة الاقتصادية في إيران وبالتبعية ارتفاع الأسعار وتصاعد الاحتجاجات للإطاحة بالنظام، الذي يهدر ثروات البلاد على مشروعه للتوسع ومد النفوذ في العديد من الدول العربية، بينما يتغافل عن موجات الغلاء المتتالية التي يكتوي بها المواطنين الإيرانيين، ويؤكد ذلك إعلان وكالة أنباء مهر (شبه رسمية) أن حصة عوائد النفط في لائحة موازنة السنة الفارسية المقبلة (تبدأ في مارس 2020) ستصل إلى صفر.
وقد أقر الرئيس الإيراني ومسؤولون آخرون أن أكثر من 60 مليون إيراني يمثلون 75% من تعداد السكان، في حاجة إلى مساعدات معيشية.
وكان النظام قد رفع أسعار الوقود بنسبة 300% خارج الحصة الشهرية لتصبح 3000 تومان للتر، ورفع أسعار البنزين بنسبة 50% في الحصص الشهرية المدعومة لتصبح 1500 تومان للتر الواحد، وتبلغ الحصة الشهرية للسيارات العادية الخاصة 60 لترًا، وللسيارات العادية الخاصة ذات الوقود المزدوج (بنزين وغاز) 30 لترًا وسيارات الأجرة 400 لتر، وسيارات الأجرة ذات الوقود المزدوج 200 لتر، كما ارتفعت أسعار الغاز بعد تجاوز الكمية المدعومة بنسبة 300%.