تشهد المناطق التعليمية نقلة نوعية لاستثمار معطيات التقنية، بتوفر كوادر تحمل مؤهلات عُليا، خُطّطَ لها ببرامج تعليمية مُتَقّدمَة، تم تنفيذها في كليات متخصصة بجامعاتنا، وها نحن نقطف ثمارها الأمر الذي يدعو للتفاؤل، بأن خِطَطْ وزارة التعليم أصبحت من الثوابت، وإن كان التغيير لابد منه، بما لا يؤثر على استمرارية التطوير المُتَجَدِّدْ، بأساليب وإن اختلفت إلاّ أنها تنصب في الارتقاء بجودة الناتج التعليمي، بعد أن تقلصت الفجوة التي كانت تشكل هاجسا لدى القيادات العُليا، في وزارتي التعليم العام والعالي، يومها كان كل فريق يرمي بجوانب التقصير على الفريق الآخر، مطالبا بسرعة إيجاد حلول فاعلة.
تابعت الأسبوع الماضي لقاء (التَّحول الرَّقمي) في تعليم منطقة مكة المكرمة، برعاية المدير العام الدكتور أحمد بن محمد الزايدي، وبحضور مساعديه للشؤون التعليمية للبنين والبنات، ومشاركات فاعلة للقيادات الميدانية وصُنَّاع النَّجاح من المشرفين والمشرفات والمعلمين والمعلمات، والحديث عن مكة المكرمة يُغريني لاجترار لمحات تاريخية، تحاكي مسيرتها التعليمية، قدّمت أفذاذ الرجال لازالت أسماؤهم تتردد في ذاكرة الوطن، ساهموا بدفع عجلة التنمية بكافة قطاع الدولة، فالمجتمع المكي اعتاد على مثل هذه المبادرات التي تخلق الإبداع والتميز، ففي ظل النهضة التعليمية التي تشهدها المملكة، استطاعت مكة المكرمة تنفرد بهذه الخصوصية التي تميزت بها لأنها محط أنظار القيادة السعودية والعالم الإسلامي.
والدكتور الزايدي من القيادات التعليمية، التي تمتلك رؤية تربوية وخطى ثابتة، بتجاربه في التعليم العام والجامعي، إلى جانب الروح الوطنية التي يَبُثهَا في فريق عمله من زملائه وزميلاته، ويغرسها لدى أبنائه الطلاب وبناته الطالبات، يتقبل الآراء ويصوغها إلى أهداف، بعين الرقيب المُؤتمن على رسالة بعظمة رسالة التربية والتعليم، كوَّنت لديه رصيد من العلاقات مع زملائه في الجامعات السعودية، أسهمت بإقامة العديد من المؤتمرات التعليمية، ومنها مؤتمر المعلمين الخامس الذي عُقد في كلية التربية بجامعة أم القرى، وله في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة تجارب مماثلة، مكَّنته أن يحتفظ بهذا المخزون الفكري، ليترجمه لواقع عملي في أجواء راقية من التعامل الأخلاقي.
ومع هذه المعطيات المعاصرة، أتساءل عن مدى جاهزية البيئة التعليمية بالمباني المدرسية، التي تتيح للمعلم والطالب ممارسة كافة البرامج والأنشطة، التي تعمل على تنمية شخصية الطالب، أعرف سلفا أن المباني المستأجرة وندرة الأراضي في الأحياء السكنية فرضت نفسها كأهم المشاكل الراهنة، وتمثل تحديا كبيرا أمام نجاح هذه المشاريع التعليمية، فمكة المكرمة تواجه كثافة سكانية عالية، وفي ظل هيئة تطوير العاصمة المقدسة أصبح البحث عن حلول عاجلة أمر لابد منه ، بتوجيهات وحرص ولي العهد صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، فقضية المباني التعليمية المستأجرة، تعد عبئاً في تحقيق الجودة، التي تنشدها وزارة التعليم، كما أنها هدر للمال العام بارتفاع سقف الإيجارات السنوية.