في دراسة للأديب إبراهيم محمد المسلم، تناولت حياة الشاعر الكبير محمد إبراهيم جدع، أحد أعيان مدينة جدة، تلك المدينة الحالمة دائماً بلغة الفن والجمال، فالشاعر جدع وهو يَهيم حُبّاً بمدينته الفاتنة، كغيره من أبناء جيله، من الأدباء والشعراء بمجموعة من الدواوين، ومنها ديوان (نداء الحب) ليرسم من خلاله على شاطئ جدة، العديد من الصور البلاغية والوجدانية، بجمل شعرية تغنّت بها مدينة جدة التاريخية،
كما كان أولئك الشعراء ومنهم الشاعر الكبير طاهر زمخشري، الذي شرفت بمقابلته وأجريت معه حواراً أدبياً، ذكر فيه الكثير من الذكريات والمواقف الإنسانية التي سجلتها الذاكرة، حين كان يستقبل ساعات الصباح الأولى أمام بحيرة الأربعين، مع مجموعة من أقران الصبا في حوارات أدبية ممتعة، لا تتوقف إلاّ بعد إشراقة شمس ذلك اليوم.
فالشاعر الكبير الأستاذ محمد إبراهيم جدع، غنيٌ عن التعريف من خلال حياته الأدبية والوظيفية وعلاقاته الاجتماعية الممتدة، فكم كنت سعيدًا! بتواصلي مع الدكتور الأديب رجل العلاقات المستشار، الدكتور عبدالإله جدع الابن البار لذلك الرمز والقامة الكبيرة، زودني بالكثير مما كُتب عن والده، إلاّ إن دراسة الباحث المسلم، وجدتها غنية بأطروحاتها وفصولها ومباحثها، ولا غرابة في ذلك فهو أحد فرسان لغة الأدب، ولم يكن هذا من باب المجاملة، فالحقيقة إنني لم أعرفه أو التقي معه من قبل، ولكنني استوقفتني دراسته الموسّعة، ووجدتها تستحق الإشادة والتأمل، لكونها اتسمت بالجدية والتَّعمق في وجدان الشاعر.
ومن حُسن الطالع ومنذ التحاقي بالصحافة، والأدبية على وجه الخصوص، في منتصف الثمانينات الميلادية من القرن المنصرم، شرفت بالالتقاء بالعديد من أولئك الرموز، ومنهم مع حفظ الألقاب الأدباء (حسين سرحان، محمد حسن فقي، عزيز ضياء، محمد حسين زيدان، محمود عارف، أبو تراب الظاهري،حسين عامر)، والذي التقيت به في شقته بشارع الملك عبدالعزيز، خلف مؤسسة النقد العربي السعودي، وأجريت معه حوارًا صحفيًا تحدث عن أبازير الأديب أحمد قنديل، في الذكرى الأولى لوفاته، نُشرت في هذه الجريدة، وبعضها نشر في ملحق الأربعاء الأدبي، إبان إشراف أستاذنا محمد صادق دياب رحمه الله.
فذلك الجيل من الأدباء والشعراء، علينا رصد حراكهم الأدبي وعدم الاكتفاء بالكتابة عن إنتاجهم الفكري فقط، في مثل الأعمدة الأسبوعية، فهم يستحقون ملاحق أدبية متخصصة، لتوثيق نتاجهم ومخزونهم الفكري، والذي يبدوا أن الكثير منه، اندثر مع رحيل أصحابه بعد وفاتهم، بينما بقيت مكتباتهم وآثارهم الأدبية شاهدا لذلك الزمن الجميل، ومع هذا أسجل تقديري الشخصي للبلاد الجريدة وجهاز تحريرها، التي تُقدِّم لقرائها صفحات متنوعة، فالعدد الثقافي ليوم السبت من كل أسبوع، يعتبر شاهداً على الاهتمام بهذه النخب الأدبية، كما هو الاهتمام برجال السياسة والاقتصاد والشأن العام، ويجدر بنا الإشادة بالتغطية الصحفية المُتَجَدِّدَة في قالبه الجميل وإخراجه الصحفي المميز.