لقد حدث أن أقمت ليلتين في أحد الفنادق المصنفة سياحياً بأربعة نجوم ، ويا ليتني لم أحجز في هذا النزل الذي لم يكن على المستوى المطلوب، حيث لم يعمم الفندق على مرتاديه لوائح المخالفات الخاصة بانتهاك الذوق العام، ولم يضبط تصرفات المستهترين منهم، فقد آذانا منظر أحد النزلاء وهو يتجول في البهو بملابسه الداخلية وآخر يرفع قدميه فوق طاولة إحدى غرف الاستقبال، وغيره يرفع صوت الموسيقى والناس نيام.
من الذوق أن تحترم مشاعر الآخرين وأن تكبح جماح رغبتك في أن تثير الفوضى وتسلب الحريات، ومن الذوق أن تتحلى بالمروءة وتمارس الشهامة وتتقبل الاختلاف في الرأي والعقيدة واللون والطبقة الاجتماعية .
من الذوق أن تحافظ على بيئة نظيفة فلا ترمي بقاياك هنا وهناك وأن تحترم قوانين السير وآداب الانتظار. من الذوق ألا ترهق الآخرين بسماع تنبيهات أجهزتك الالكترونية ولا تتعدى على ذواكر جوالاتهم فتملأها برسائل وفيديوهات لم يتم طلبها، ومن الذوق أن تحترم كبار السن وتعطف على الصغار وأن تنصت بكل جوارحك وأنت في عيادة مريض أو في اجتماع هام يسترعي الحذر والانتباه.
يقول الفيلسوف جوزيف جوبير: “الذوق هو ضمير الروح”.
الذوق العام هو فن الاتصال مع المحيط الذي ندور في فلكه ونتفاعل معه، وهو اللمسة الفنية التي تبتدعها أنامل الموهوبين بإحساس مرهف وكلام أنيق يسعد الآخرين، يقول الله سبحانه تعالى معززاً إحدى قيم الذوق وهي التحلي بالصبر: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ*وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).صدق الله العظيم.