بغداد – وكالات
دخلت المظاهرات الحاشدة في العراق يومها التاسع وسط تزايد المواجهات، ويواصل مئات الآلاف احتجاجاتهم الغاضبة في ساحة التحرير وسط بغداد، مع الاعتصامات المفتوحة في جميع المحافظات الجنوبية، مطالبين باستئصال النخبة السياسية، ومن المتوقع ارتفاع وتيرة المظاهرات والاحتجاجات التي راح ضحيتها 250 شخصا على مدار الشهر الماضي، من مختلف الطوائف التي تتوحد على رفض الفساد والأحزاب السياسية القائمة منذ عام 2003 والتدخل الإيراني في مفاصل الدولة وتفتيت النسيج الوطني العراقي.
وأمس أغلق متظاهرون حقل البزركان النفطي في محافظة ميسان، ومنعوا العاملين من الوصول إليه، وفق مواقع محلية ، كما أغلق معتصمون بوابة ميناء أم قصر في البصرة ووقفوا أمامها، مؤكدين استمرارهم بالاعتصام والتظاهر لحين تحقيق المطالب الشعبية. ومنذ الأول من أكتوبر، يشهد العراق احتجاجات واسعة، ولا تزال متواصلة، في حين يسعى القادة السياسيون للتوصل إلى حل للتظاهرات المتواصلة المطالبة بإسقاط الحكومة.
وانطلق الحراك الشعبي في البداية احتجاجا على غياب الخدمات الأساسية، وتفشي البطالة وعجز السلطات السياسية عن إيجاد حلول للأزمات المعيشية، ليتحول لاحقاً إلى المطالبة بتغيير الحكومة، ووقف التدخلات الإيرانية.
وفي سياق العنف الذي شهدته تلك الاحتجاجات، أكدت منظمة العفو الدولية في تحقيق لها،، وجود إصابات مروعة وقاتلة تعرض لها المحتجون بسبب قنابل تشبه القنابل المسيلة للدموع، اخترقت جماجمهم بشكل لم يشاهد من قبل. كما أكدت أن هذه القنابل يتم إطلاقها على المتظاهرين؛ من أجل قتلهم وليس لتفريقهم.
إلى ذلك، دعت المنظمة السلطات العراقية وشرطة مكافحة الشغب وقوات الأمن الأخرى في بغداد للتوقف فوراً عن استخدام هذا النوع من القنابل القاتلة، التي لم يسبق لها مثيل.
تدخل سليماني
وفي صورة تعكس تغلغل النفوذ الإيراني وميليشياته الإرهابية، نقلت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية عن مسؤولين عراقيين قولهما: إن قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، حضر اجتماعاً أمنياً عراقياً من أجل معالجة مسألة الاحتجاجات ، ومنع الإطاحة برئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وقالت مصادر أن سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني المصنف ضمن قائمة الإرهاب ، دعا أطرافا إلى الاستمرار في دعم عبد المهدي، حسب ما ذكرت خمسة مصادر عليمة بما دار في الاجتماع ، كما أكد مسؤول أمني إيراني أن سليماني كان موجودا “لإسداء النصح”.
وكان نائب عراقي قد قال: إن إيران دخلت منذ فترة على خط التظاهرات، ساعية عبر أتباعها من السياسيين العراقيين إلى محاولة امتصاص غضب الشارع من خلال إقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، لكن وفق شروط قائد فيلق القدس.
وأضاف أن قاسم سليماني تابع عبر الهاتف اجتماع رئيس الجمهورية مع قادة الكتل السياسية، وعلم بكل مجريات الاجتماع، ومنها احتمال اختيار بديل لرئيس الوزراء، إلا أن رجل إيران “نصح” المسؤولين بأنه في حال المضي بهذا الخيار، فيجب ألا يكون الاسم المرشح لخلافة عبد المهدي من خارج تحالف الفتح، برئاسة هادي العامري المقرب منه.
يذكر أن الرئيس العراقي برهم صالح، أعلن الخميس، أن رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، وافق على تقديم استقالته في ظل الالتزام بالسياقات الدستورية والقانونية شرط تجنب أي فراغ دستوري.
16 مليار لميليشيات إيران
وعلى صعيد التدخل الإيراني في دول المنطقة ، قال برايان هوك المبعوث الأمريكي الخاص بإيران: إن نظام طهران أنفق 16 مليار دولار على مليشياته في العراق وسوريا، كان يمكن إنفاقها على الشعب الإيراني الذي يعاني بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية.
وأضاف المبعوث الأمريكي في تصريحات سابقة أن الولايات المتحدة تتطلع إلى خطوات عراقية للابتعاد عن طهران اقتصاديا. وصوّت الكونجرس الأمريكي، في يونيو من عام 2018، بالإجماع على إدراج 3 مليشيات عراقية على لوائح الإرهاب الدولية، عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وحركة النجباء بزعامة أكرم الكعبي، وكتائب حزب الله العراق بزعامة أبومهدي المهندس.
ومع انطلاق المظاهرات الشعبية في العراق المطالبة بتغيير النظام السياسي وإنهاء النفوذ الإيراني في الأول من أكتوبر الجاري، قمعت المليشيات التابعة لإيران العراقيين بشتى الوسائل من استهداف بالرصاص الحي وقنص ودهس واختطاف وإعدامات جماعية.
وتابعت غرفة العمليات الإيرانية التي يشرف عليها قاسم سليماني الخاصة بقمع المتظاهرين العراقيين عمليات قتل المتظاهرين السلميين في بغداد وجنوبي العراق.
وبعد انطلاق المرحلة الثانية من مظاهرات العراق في 25 أكتوبر، استخدمت مليشيات الحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية العنف المفرط في قمعها.