جدة – ياسر بن يوسف
يدخل وزير النقل صالح الجاسر أروقة الوزارة، متكئاً على خبرته الطويلة في مجال إدارة الأعمال، والخطوط السعودية، وفي باله إنزال خططه التطويرية على أرض الواقع، مواجهاً جميع التحديات بخبرته الطويلة في مجال النقل الجوي.
الوزير رقم 13 في وزارة النقل، أمامه العديد من الملفات التي تنتظر الإنجاز خلال الفترة القادمة، خاصة أن هناك مشاريع بدأ تنفيذها فعلياً في فترة الوزير السابق، غير أنها لم تكتمل بعد وتحتاج لمجهودات إضافية للوصول إلى اكتمال إنجازها. البلاد تفتح ملفات وزارة النقل وتضعها على طاولة الوزير الجديد والتي تحمل هموم وشجون المواطنين في مطالبهم الأساسية لمختلف وسائل النقل البرية والبحرية والجوية.
وضع مواطنون 7 مطالب على طاولة الوزير الجديد، على رأسها تأهيل البنية التحتية للقطارات، والربط بين مناطق المملكة لدعم السياحة وتسهيل التنقل، ومعالجة السلبيات في محطات القطار، إضافة إلى تخفيض أسعار التذاكر لقطار الحرمين؛ خاصة الرابط بين جدة والمدينة المنورة لتحقيق المنافسة بينه وبين النقل العام.
ويرى المواطن خالد باجنيد، أن هنالك مطالب عديدة ينتظرون من الوزير تنفيذها، ربما أهمها إعــادة فتح بعض الملفات المزمنة التي تحتاج إلى برنامج للحلول مثل شبكات السكك الحديدة داخـل المـدن، التي يتحدث عنها الـنـاس منذ بـدايـة خطط التنمية، ولاتزال مستعصية على التحقيق، وكذلك موضوع ربط جهات المملكة بشبكة قـطـارات متكاملة، مؤكداً أهمية تأمين محطات قطار الحرمين بشكل أكبر بعد الحريق، الذي شب في محطة السليمانية بجدة، وتحقيق نسبة أعلى من السلامة والجودة في المشروع.
ولفت باجنيد في حديثه لـ”البلاد” إلى أن هناك ملفات أخرى كثيرة يجب فتحها كطرق السكك الحديد بين المدن والعقبات في المناطق الجبلية، التي تتكرر حوادثها وضحاياها باستمرار، إضافة إلى بعض المناطق التي لا تزال تشكو مـن ســوء أو عــدم وجود الــطــرق فــي بـعـض جـهـاتـهـا.
وأكد المواطن أوس نوح، أن وزارة النقل تحتاج إلى وقفة كبيرة لتطوير إمكاناتها من حيث تجهيز خطوط السكة حديد لمواكبة التطور العمراني، والكثافة السكانية التي تتطلب توفير قطارات حديثة للتنقل بين المدن.
في السياق ذاته، يقول رشاد سمر الدين من منسوبي الخطوط السعودية سابقاً: إن خدمة حجاج بيت الله الحرام والزوار والمعتمرين تحتاج لعمل مضاعف من الوزير صالح الجاسر، لذلك لا بد من التحرك لتحقيق تأمين أكبر ضد الحرائق في محطات القطار، بعد أن حقق الوزير النجاح في قطاع النقل الجوي، وهو الآن مؤهل للوصول بالسكك الحديد إلى أعلى مراتب الجودة.
فيما اعتبر فهد العوذلي، أن وزير النقل تنتظره مشاريع قطارات، لابد من الإسراع في تنفيذها في أقرب وقت ممكن، للمساهمة في خفض معدلات الحوادث؛ باعتبار أن القطارات أكثر أماناً من السيارات.
إلى ذلك، قال محمد المطيري: إن حوادث الطرق ذات المعدلات العالية في المملكة وحدها كافية؛ لأن يبذل الوزير الجاسر جهوده في سبيل ربط مدن المملكة بالقطارات، لتفادي مثل هذه الحوادث المميتة، معتبراً أن خطوط السكك الحديدية أكثر أماناً.
مشاريع ربط حيوية بين المدن
انتظمت المملكة حركة مشاريع دؤوبة في السكة حديد خلال الفترة الماضية؛ إذ انتهى العمل في مشروع قطار الرياض – الدمام بطول 1418 كيلومترا لنقل الركاب والبضائع، حيث يربط خط نقل الركاب الرياض بالدمام مروراً بالأحساء وبقيق، فيما يبدأ خط شحن البضائع من ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام لينتهي في الرياض،
مروراً بالأحساء وبقيق والخرج وحرض والتوضيحية، إضافة للخطوط الفرعية بطول 400 كيلومتر، تربط بعض مواقع الإنتاج الصناعي والزراعي وبعض المواقع العسكرية بموانئ التصدير وبعض المناطق السكنية. وتتضمن مشاريع السكك الحديدية قطار” سار” الذي يعد التطور الأكبر في السنوات الماضية؛ إذ يكلف إنشاء قطار الشمال – الجنوب بطول 2750 كيلومترا، 10 مليارات ريال، وهو مخصص لنقل الركاب و المعادن، ويشمل 6 محطات للركاب موزعة على طول المسار في مطار الملك خالد، المجمعة، القصيم، حائل، الجوف، والحديثة، فيما بدأ التشغيل الجزئي الصناعي من المشروع في الربع الأخير من عام 2010، لنقل المعادن، ولايزال العمل مستمراً للوصول إلى الطاقة التشغيلية الكاملة. وتشمل المشاريع قطار الحرمين السريع، الذي بدأ تنفيذه بطول 450 كيلومترا لنقل الركاب بين جدة ومكة المكرمة بخط مزدوج بطول 78 كيلو متراً لاختصار المسافة بين المدينتين إلى أقل من نصف ساعة، في حين يبلغ طول الخط الذي يربط بين جدة والمدينة المنورة 410 كيلو مترات، ويختصر المسافة إلى نحو ساعتين ونصف الساعة، إذ يلعب دوراً حيوياً في عمليات نقل الحجاج والمعتمرين في المشاعر المقدسة وتخفيف الاختناقات المرورية.
مشاريع سكك حديد مستقبلية
تنتظر الوزير الجاسر مشاريع مستقبلية في السكك الحديدة، أبرزها مشروع الجسر البري بين الرياض وجدة، والذي يتوقع أن يكلف 50 إلى 60 مليار ريال، ولا تتوقف أهميته عند نقل الركاب، بل تتعداها إلى نقل البضائع عبر المدن وموانئ الخليج العربي والبحر الأحمر.
ومشروع آخر حيوي ينتظر وزير النقل هو قطار جسر الملك حمد بين البحرين والسعودية، إلى جانب مشروع سكة حديد بين المملكة الإمارات العربية المتحدة سيتم إفتتاحه في نهاية 2021، فضلاً عن قطار مونوريل في مركز الملك عبد الله المالي.
حوادث القطارات على مجهر الجاسر
تضع حوادث القطارات، التي حدثت في أوقات سابقة، وزير النقل الجديد في تحد من نوع آخر لتحسين خطوط السكك الحديد، إذ تعرض أحد القطارات لحادث انجراف جزء من الخط الحديدي أدى إلى جنوح القطار عن الخط، وانفصال العربات عن بعضها وانقلاب العربة رقم ٥ وإصابة ١٨ راكبا بإصابات خفيفة، وذلك في يوم 17 فبراير 2017 عند الكيلو ١٠ قرب الدمام.
فيما تعرضت إحدى عربات القطار 14 إلى انقلاب في27 يونيو 2012، والتي كانت رحلتها من مدينة الدمام إلى الرياض على بعد نحو 80 كلم من العاصمة، وأصيب نحو 40 شخصاً من الركاب، من بينهم حالتان خطيرتان نقلتا إلى مستشفيات الرياض .
ومن بين الحوادث تعرض قطار الشحن القادم من الرياض للدمام يوم السبت 20 يناير 2018 إلى سقوط بلاطة خرسانية عليه، أثناء مروره أسفل جسر قيد الإنشاء، فأصيب قائد القطار بإصابة طفيفة، بينما أوضحت “الخطوط الحديدية”وقتها، أن البلاطة سقطت من الجسر أثناء تركيبها من قبل أحد المقاولين، وتحطمت على قطار شحن أثناء مروره على الخط الحديدي رقم 2 عند الكيلو 37 في رحلة مجدولة من الرياض إلى الدمام. وفي حادث آخر يوم الأحد 29 سبتمبر 2019 أعلنت إمارة منطقة مكة على تويتر، نقل 5 مصابين للمستشفى إثر حريق محطة قطار الحرمين في جدة بمشاركة 16 فرقة طبية من عدة جهات، عملت في موقع الحريق، وقبلها، في يوم 10 مارس 2017 تعرض قطار” سار” جنوب محطة القصيم لتصادم مع جمال سائبة بدون أي إصابات للركاب، وفي يوم الخميس 30 يناير 2014 ، حصل حادث تصام بين قطار وشاحنة كبيرة مخصصة لنقل الرمال “قلاب”، داخل محطة السكة الحديد بالأحساء دون وقوع أية إصابات .
وبحسب إحصائية الاتحاد الدولي للسكك الحديدية، بلغت نسبة المملكة في التقييم المعتمد لحوادث القطارات 1.33 حادث تقاطع لكل مليون كيلو متر من سير القطار في المملكة عام 2006، فيما كشف مركز التشغيل والتحكم في «سار»، عن إحصائية الحوادث التي سجلت خلال العام المنصرم 2018م، والتي بلغت 308 حوادث (تشمل خطر الاقتراب من السكة)، تضمنت حوادث تعدٍ لأشخاص ومركبات ومواشٍ، نتج عنها خسائر في الممتلكات ونفوق أعداد من المواشي.