بيروت – وكالات
قطعت التظاهرات الشعبية، لليوم الخامس على التوالي الطرق، مطالبة بإسقاط الحكومة، ووقف التدخلات الرعناء لـ”حزب الله” في الشأنين الداخلي والخارجي، وتعميق الأزمات بالأفعال التي تحجّم الإصلاحات الحكومية لتحقيق مصالح إيران في المنطقة مطالبين برحيل كل السياسيين بمن فيهم الرئيس عون وحسن نصر الله.
ولتلافي القصور الذي أدى لانفجار الأوضاع في الشارع اللبناني، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، عقب اجتماع طارئ لمجلس الوزراء أمس (الإثنين)، إنه تم الاتفاق على الإجراءات المطلوبة وعلى موازنة 2020 التي تخلو من أي ضرائب، مشدداً على أن ورقة الإصلاحات انقلاب اقتصادي في لبنان.
وقال الحريري، إن الانفجار سببه حالة اليأس التي وصل إليها الشارع، مؤكدا :” بأنه لن نسمح بتهديد المحتجين”. وأضاف “الهدف من الممارسة السياسية تأمين كرامة الناس وأساسها الكرامة الفردية التي تأتي من خلال تأمين العمل والطبابة ومختلف الخدمات”.
وفي حين أشار إلى أن “هذه القرارات قد لا تحقق مطالب الشارع، لكنها تحقق مطالبي منذ سنتين”، قال مخاطباً المتظاهرين “الإصلاحات ليست مقايضة وأنتم من تقررون نهاية الاحتجاجات”. ولفت إلى أن “اليأس دفع الشباب إلى النزول إلى الشارع، وهم يطالبون باحترام كرامتهم، وأمام هذا الواقع أعطيت شركائي في الحكومة مهلة 72 ساعة”.
ووجه الحريري حديثه للمتظاهرين قائلاً: “صوتكم مسموع وإذا كانت الانتخابات النيابية المبكرة هي هدفكم ، فأنا معكم وأنتم البوصلة ولولاكم لما وصلنا إلى هذه المرحلة”. وتابع:” أنتم أعدتم الهوية اللبنانية إلى مكانها الصحيح خارج أي قيد طائفي”. وشملت الإصلاحات، بحسب الحريري، خفض 50% من عجز الكهرباء في لبنان، إلغاء وزارة الإعلام وعدد من المؤسسات الأخرى ودمج عدد من المؤسسات العامة، تخفيض رواتب الوزراء والنواب بنسبة 50%، قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، قانون لتشكيل هيئة لمكافحة الفساد، تعيين مستشار مالي لتحديد التوجه بالنسبة إلى خصخصة قطاع الخليوي على أن نتخذ القرار لاحقاً في مجلس الورزاء، إقرار مشاريع المرحلة الأولى من “سيدر” خلال 3 أسابيع، وضع “سكانر” على المعابر الشرعية وضبط المعابر غير الشرعية، تعزيز الحماية الاجتماعية ورصد اعتماد 20 مليار ليرة لبرنامج دعم الأسر الأكثر فقراً، دعم التصدير عبر إدراج بند في الموازنة لدعم الصادرات المصنعة في لبنان، وإشراك القطاع الخاص في بورصة بيروت وطيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان ومرفأ بيروت وإدارة حصر التبغ والتنبك ومنشآت النفط.
بالمقابل رد المتظاهرون على كلمة الحريري، مطالبين بإسقاط النظام، وفقاً لـ”الوكالة الوطنية للإعلام”، التي أكدت أن المتظاهرين يتحلقون حول مكبرات الصوت للاستماع إلى كلمة الرئيس سعد الحريري، وعند ذكر كل بند يهتفون “ثورة” و”الشعب يريد إسقاط النظام”. وكان وزراء الحزب الاشتراكي انسحبوا من اجتماع مجلس الوزراء لعدم الاتفاق مع التيار الوطني الحر في بعض الآراء، مؤكدين أنه لم يؤخذ بورقتهم الاقتصادية.
من جانبه، طالب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس الحكومة سعد الحريري بتقديم استقالته وتشكيل ما أسماه “حكومة الصدمة”، وفقاً لـ”الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام”. وأضاف أن الحكومة التي ستشكل يجب أن تكون بعيدة عن الطبقة السياسية الحالية، مشيراً إلى أن “حكومة من المستقلين تبدو الحل الوحيد للأزمة الراهنة. نحن لا نتحدث عن بديل. يمكن للرئيس سعد الحريري نفسه أن يرأس حكومة المستقلين التي أتحدث عنها”. وأشار جعجع إلى أن مشكلة رئيس الجمهورية ميشيل عون تكمن في أنه “لا يسمع نصائح أحد”.
وعن مواقف زعيم حزب الله حسن نصر الله الأخيرة، قال جعجع إنها “تدل على أنه لا يقرأ جيداً الإشارات الواردة من الشارع، بدليل أن الناس لم يتوانوا عن التظاهر في أهم معاقل حزب الله وحركة أمل”. وتابع: “على الرئيس الحريري مراجعة علاقته مع الوزير جبران باسيل”. ومضى قائلاً: “لا أعرف الأسباب التي دفعت وليد جنبلاط إلى التراجع عن الاستقالة”.
عون: الاحتجاجات تعبر عن “وجع الناس”
في أول له منذ انطلاق الاحتجاجات، قال الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس (الاثنين)، إن الاحتجاجات التي تعم البلاد تعبر عن “وجع الناس” لكن من الظلم اتهام كل السياسيين بالفساد. وشدد عون، حسبما ذكر مكتبه على “تويتر”، على الحكومة بأن تبدأ على الأقل باعتماد رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى مسؤولية وزارية حاضراً أو مستقبلاً. وقال الرئيس خلال اجتماع للحكومة: “ما يجري في الشارع يعبّر عن وجع الناس، ولكن تعميم الفساد على الجميع فيه ظلم كبير”.