الأولى

السودان ينفض الغبار ليسترد عافيته

كتب: محمد الجهني

فيما كانت عجلات السيارة تنهب الطريق لتنفض غبار تراكم على سطح قشرة اسفلتية رقيقة لشارع المطار الطريق الرئيس في الخرطوم العاصمة السودانية كان الأمل يشع من وجوه السودانيين والسودانيات عابري ذلك الطريق صبيحة يوم الخميس 5 سبتمبر 2019 لحظة عبورنا قادمين من مطار الخرطوم في زيارة عمل قصيرة بصحبة زميلي يحيى سعيد الغامدي مساعد رئيس مجلس الادارة. 

لم أتوقع وقدماي تطأ الأرض السودانية للمرة الأولى مصافحة الإحباط  وأُلْفَة كآبة الطرقات ومشاهدة ندبات لا تخطئها العين تتجسد واقعا معاشا على جبين الارض لألقي اللوم على غضب النيلين في حالة تخمين تفسيري خاصة وقد قيل لنا بأن الفيضان الذي اجتاح السودان قبل يومين أتى على الاخضر واليابس كما يفعل باستمرار بين حين وآخر دون ان يجد رادعا. 

كل الوجوه التي صافحتها الاعين على مدى يومين في الخرطوم وام درمان وبحري أصلت لحقيقة نبل السودانيين، فالشهامة هنا صفة اصيلة غير مصطنعة وليست ذات علاقة بالمكاسب والمبتغى بل لا تتعلق بالمكانة والقيمة والمنصب، باختصار لا تنتمي للتزوير على الإطلاق بقدر ماهي خصلة جبل عليها السودانيون فأضحى ما عداها وفقا للأعراف السائدة شذوذا يستحق التأنيب والدهشة.

في السودان تمتد الاراضي الزراعية الى مالا نهاية وتشكو قلة الدبرة، فالمزارع صغيرة متناثرة يتم احياء اطرافها على استحياء ليراودك الشك بأن المنتجات الزراعية بالكاد تكفي حاجة السكان أو هكذا فهمت مستحضرا خصوبة الارض واتساعها ووجود الانهار وفيضاناتها واستمرار هطول الامطار الموسمية المثيرة لهيجان الازرق والابيض على حد سواء في حالة مؤرقة يقف الناس حيالها حائرين مثلما وقفت وزميلي مرتابين.

كل السودانيين على اختلاف مشاربهم منغمسون بالتفاؤل فالمستقبل في اذهان السودانيين مشرق زاهر في اعقاب عبور نفق الانتفاضة وتجاوز الفوضى واختيار القيادة والاجماع على التنمية ، والجميع هنا مشغول بالنهوض والنهضة ونفض غبار الماضي وعدم الالتفات الى العصر البائد ، فالساحة تتسع للكل في اعقاب اجماع شبه تام على اهمية الوقوف في صف العروبة الحق التي تقودها المملكة العربية السعودية ولن استشهد بما يفوق حديث استاذنا الاعلامي المرموق مصطفى ابو العزائم بعد ان همس بما يشبه الصراخ في احد مقاهي الخرطوم ..  ” السعودية عمقنا الاستراتيجي ” ولا نصرة بل لا نهضة ولا كرامة دون الاعتماد عليها والتعاون معها.

التنمية القادمة بتفاصيل متاعبها ليست ترفا في اذهان السودانيين بقدر ماهي حاجة ملحة فرضها واقع الحال فأضحت المقصد والهدف والرهان فلا شيء يقف أمام استثمار الوقت واستعاضة الزمن التائه واستبدال آلية العمل وتحسين الأداء والتعاملات المالية لتحقيق آمال وتطلعات المجتمع والوصول نحو سودان مختلف بكل التفاصيل ، سودان مكتنز بالعمل الدؤوب ، سودان يشق الطريق نحو حياة افضل ومستقبل ارقى  فالثقة كفيلة بترتيب الصفوف واحراز مخرجات تليق بالسودان واهله بعد ان اضحت عنوانا لحياة مغايرة خاصة أن القيادة الجديدة التي جنبت البلاد ويلات الفوضى بانحيازها للشعب قادرة على العبور نحو جني ثمار مستقبل كان حلما الى وقت قريب فتجسد واقعا بعد ان تجاوز أرق الخلافات والمشاحنات فطوى الماضي ليشعل حرائق التنمية ويقاوم ما افسد الدهر مستردا عافيته بين اقرانه لتبتهج اشجار القونقليز وتتفتح ازهار الحدائق وتصبح السودان بسواعد ابنائها بستان الأمة.

السودانيون عازمون هذه المرة على اللحاق بركب التطور وانظارهم شاخصة باتجاه النيلين وعزائم الرجال الأوفياء وهيئة المستقبل المشرق وضرورة تجسيد ولاء الأرض فالصورة الحالمة اضحت كما يبدو واقعا ملموسا لهذا انتظروا نهضة بلاد الاستثمارات الواعدة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *