جدة – البلاد
في ظل تحديات خطيرة تعقد منظمة التعاون الإسلامي اليوم الأحد اجتماعًا استثنائيًا على مستوى وزراء الخارجية بمقر المنظمة في جدة بطلب من المملكة العربية السعودية، لبحث التصعيد الإسرائيلي الخطير المتمثل في توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى فرض السيادة الإسرائيلية على جميع مناطق غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات بالضفة الغربية في حال إعادة انتخابه، كما سيتخذ الاجتماع الإجراءات السياسية والقانونية العاجلة للتصدي لهذا الموقف العدواني الإسرائيلي، وكافة مايقوم به الاحتلال من اعتداءات وجرائم استيطان وخطوات أحادية الجانب غير معترف بها من المجتمع الدولي.
ويأتي هذا التحرك الفاعل والعاجل للمملكة انطلاقا من موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية التي تتصدر صدارة أولويات السياسة السعودية الخارجية على كافة الأصعدة العربية والإسلامية والدولية ، باعتبارها القضية المركزية للأمة حيث أعلنت المملكة في بيان الديوان الملكي عن إدانتها وشجبها ورفضها القاطع لما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي ، مؤكدة أن هذا الإجراء باطل جملة وتفصيلا ، ويعتبر تصعيدًا بالغ الخطورة بحق الشعب الفلسطيني، وانتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والأعراف الدولة، معتبرة أن من شأن هذا الإعلان تقويض ورفض لأي جهود تسعى لإحلال سلام عادل ودائم إذ لا سلام بدون عودة الأراضي الفلسطينية المحتلة،
وتمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه غير منقوصة. لقد جدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في اتصاله الهاتفي بالرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين إدانة المملكة ورفضها القاطع لما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي عن نيته ضم أراض من الضفة الغربية المحتلة عام 1967 ، مؤكدا – حفظه الله – أن هذا الإعلان يُعد تصعيداً بالغ الخطورة بحق الشعب الفلسطيني، وانتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والأعراف الدولية، وأن المحاولة الإسرائيلية لفرض سياسة الأمر الواقع لن تطمس الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ،
بدوره ثمن الرئيس محمود عباس، حرص واهتمام خادم الحرمين الشريفين الكبير بالقضية الفلسطينية، ومواقف المملكة العربية السعودية الدائمة والثابتة والحازمة تجاه فلسطين وشعبها في مختلف القمم والمحافل الإقليمية والدولية.
من هنا يمثل موقف المملكة الركيزة الأساسية للموقف العربي والإسلامي والدولي الرافض لسياسة الاحتلال وأطماعه التوسعية التي تتناقض مع حقائق الجغرافيا ووثائق التاريخ بالحقوق الفلسطينية المشروعة التي لاتسقط بالتقادم ، وهو رسالة قوية للمجتمع الدولي والضمير الإنساني بأنه لن يكون هناك سلام عادل وشامل في المنطقة إلا بتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة وإنشاء دولته الفلسطينة وعاصمتها القدس الشريف، وأن محاولات إسرائيل فرض سياسة الأمر الواقع لن تطمس الحقوق الثابتة والمصانة للشعب الفلسطيني، ومطالبة كافة الدول والمنظمات والهيئات الدولية إدانة ورفض هذا الإعلان واعتبار أي إجراء يسفر عنه باطلا ولا يترتب عليه أي آثار قانونية تمس حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة ،
وأن انشغال العالمين العربي والإسلامي بالعديد من الأزمات المحلية والإقليمية لن يؤثر على مكانة قضية فلسطين لدى الدول العربية والإسلامية شعوباً وحكومات، كما أن الأمة العربية لن تثنيها رغبتها في السلام من خلال المبادرة العربية، عن التصدي للإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها إسرائيل والمحاولات المستمرة لتغيير حقائق التاريخ والجغرافيا وانتهاك الحقوق الفلسطينية المشروعة.
وبالتوازي مع التحرك السياسي، تواصل المملكة مواقفها الرائدة في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني الشقيق بالدعم المالي لسلطته الوطنية وعبر البرامج الإغاثية والإنسانية والتنموية بمليارات الدولارات، بالإضافة إلى دعمها بعشرات الملايين من الدولارات لوكالة (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة، حتى صمدت هي الأخرى ضد محاولات الاحتلال الاسرائيلي إنهاء دورها في إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
هذا التحرك العاجل من المملكة لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني حتى إقامة دولته المستقلة على حدوده الدولية ، إنما ينطلق من دورها الإسلامي والتاريخي تجاه قضية العرب والمسلمين الأولى، والتصدي للمشروع الاسرائيلي الغاصب ، وتأتي دعوتها لاجتماع اليوم في جدة على مستوى وزراء الخارجية ، تجسيدا لمسؤوليتها الرائدة التي جمعت العالم الإسلامية في قمة مكة المكرمة في دورتها الرابعة عشرة أواخر شهر رمضان الماضي ، وقد تزامنت القمة مع الذكرى الخمسين لقيام منظمة التعاون الإسلامي.
وخلال ترؤسه أعمال القمة شدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على رفض المملكة العربية السعودية القاطع للمساس بالقدس الشريف وأكد أهمية القضية الفلسطينية لبلاده وللعالم الإسلامي.
واليوم وعلى ضوء التمادي الاسرائيلي من جانب اليمين المتطرف ، ومحاولات نتنياهو جعل الحقوق الفلسطينية بحقائقها الجغرافي والتاريخية الثابتة مزادا انتخابيا لمكاسب داخلية بمزيد من الضم وفرض السيادة الباطلة على مزيد من الأراضي الفلسطينية ، تقع على العالم الإسلامي من خلال اجتماع وزراء الخارجية ، مسؤولية كبيرة في التصدي الجماعي لمخططات الاحتلال الاسرائيلي ، وقد وفرت المملكة بقيادتها الحكيمة ومواقفها التاريخية إرادة قوية للتضامن الصلب في وجه مشاريع الاحتلال التوسعية ، وتحركاتها النشطة لتفعيل الضمير الأممي تجاه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
من هنا فإن كلمة الأمة التي سيعبر عنها اليوم اجتماع جدة استجابة لدعوة المملكة ، ستصل بوضوح إلى قادة تل أبيب بأن فلسطين حية وحاضرة وباقية وأن دولتها كاملة السيادة قادمة مهما بلغت جرائم الاحتلال بحق أرض وشعب فلسطين ، وأن اجراءاته الباطلة عديمة الأثر وفق الشرعية الدولية ، وأنه لن يضيع حق وراؤه مُطالب، وفي نفس الوقت يبعث الاجتماع رسالة الأمة إلى المجتمع الدولي بأنه حان الوقت لتطبيق قراراته لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه المشروعة.