الوجه- واس
إعداد وتصوير: محمد الشريف
تكتسب البلدة القديمة في محافظة الوجه، بمبانيها الأثرية ومينائها وأسوارها وقلاعها، قيمة تاريخية وإرث عمراني، وإطلالة على نمط وفنون البناء القديم ومهارات ابن المكان في أعمال العمارة
.
وأثرى الموقع الجغرافي شمال ساحل البحر الأحمر تاريخ البلدة ، وقديما عُرفت بميناء الحجر “مدائن صالح”، وورد اسمها في بعض المصادر التاريخية، فقد ذكرها اليعقوبي في كتابه “البلدان” والعذري في كتابه “نظام المرجان ومسالك البلدان” وغيرها من المؤلفات، وكانت كذلك معبراً لنقل وتبادل الثقافات والتجارة بين دول غرب وشرق البحر الأحمر ،وممراً لقوافل الحجاج.
ما يلفت نظر الجائل بين أزقة وحارات بلدة الوجه القديمة هندسة ” الرواشين ” ،وجمالية تصاميمها وما أضفته من ميزة لأساليب البناء التقليدي في البلدة مع غيرها من المدن الساحلية ، يمتزج فيها خليط من الثقافات العربية والأخرى ، فالموقع جعلها محطة للعابرين من شمال وشمال غرب الجزيرة العربية وبوابة بحرية للقادمين من قارة إفريقيا باتجاه الأراضي المقدسة لأداء الشعائر الدينية أو الزيارة والتجارة .
فإلى جانب الشكل الجمالي ” للرواشين ” على واجهات المباني ، تساعد في تخفيف درجات الحرارة خلال فصل الصيف فالأخشاب ذات طبيعة عازلة، وتقلل من دخول الأتربة والغبار إليها ، في حين أن تصميم الروشان يسمح بتواصل ساكني المنزل مع منهم بالخارج .
وعن صناعة الرواشين ، بين الحرفي عبدالملك الحربي ، أنها من الصناعات التراثية التي اشتهرت بها محافظة الوجه ، وقديماً تنفذ في موقع المبنى ، بدأ من مسح الخشب يدوياً وتقطيعه حسب شكل الروشان ثم رسم النقوش والزخرفة، وتجميعها لترفع بعد ذلك بواسطة الجبال لتركيبها . وأكد الحربي ،أن الاهتمام بهذه الحرفة ولّد تنافساً بين صناعها ، اتسم بالتعدد في الخامات المستخدمة وتنوعاً في الزخارف مما أضفى بعداً وجمالاً للشكل الهندسي غاية في الروعة.
من جانبه أوضح الباحث في تاريخ منطقة تبوك علي بن سليمان البلوي ، أن الروشان استخدم كذلك في مدن الحجاز ، وبعض الأقاليم المجاورة ، بحكم التواصل والتبادل التجاري.
وأفاد أن تصميم الرواشين يساعد على التحكم بمداخل الهواء والضوء للغرف ، كما تُصف
عليها من الداخل أواني الماء الفخارية للتبريد بفعل تعرضها لتيار هوائي مستمر.