جدة – عبدالهادي المالكي
مسمى كبير وواقع لا أثر له، ونعني هنا بعض مراكز الأحياء بجنوب جدة، التي تنقصها الإمكانات والدعم ، ومقرات متواضعة لاتتعدى مكتبا صغيرا في طرف الحي، وبالتالي مصيرها بين إغلاق بعضها، وهجران بعضها الآخر، بل أكثر من ذلك عدم وجود مراكز لا اسماً ولا عينا في أحياء أخرى، ومنها على سبيل المثال أكبر حيين في جنوب وشرق جدة، وهي الخمرة، والحرازات، بينما توجد أحياء أكثر حظا بمراكز نموذجية مجهزة ويتزايد دورها في خدمة الأهالي والشباب ، وهو ما يدعو إلى نظرة لدعم بقية المراكز واكتمال منظومتها وتفعيل نشاطها الحيوي تجاه المجتمع.
“البلاد ” رصدت هذا الخلل في واقع مراكز الأحياء مع مطالب الكثير من الأهالي بتصحيحه. البداية كانت مع المواطن حميد الجدعاني، من سكان الخمرة، الذي قال: إنه لا يوجد لديهم مركز حي ، والكثير من الشباب، والأهالي يتطلعون إلى وجوده، وخدماته مثل الأحياء المجاورة، وبرغم وعود عمدة الحي لتحقيق ذلك، لكن إلى الآن لم ير هذا المشروع النور.
من جانبه، يقول أيوب الغامدي من سكان الحرازات : على مدى نحو 8 سنوات والأهالي يطالبون بمركز للحي ، وسبق أن أرسلوا منذ فترة طويلة العديد من الخطابات إلى جمعية مراكز الأحياء ، وتم جمع أسماء الأهالي وعمل استمارة، وتقدمنا بها الى الجمعية ولكن للأسف لم نجد أي تجاوب؛ رغم تبرع أحد أهالي الحي بالموقع ، وكان العائق حسب رد الجمعية أن الموقع بدون صكوك شرعية.
ويضيف: أمام هذا الواقع لايزال أهالي الحي يأملون في وجود المركز، والسكان مستعدون للإسهام في أية تكاليف وإيجاد كوادر وطنية مميزه تقوم عليه ، خاصة وأن أكثر مشاركات الحي المجتمعية تندرج تحت مظلة مركز حي المنتزهات، ولكن كلنا أمل في جمعية مراكز الأحياء أن تولي الاهتمام بالحرازات في هذا الشأن، وهناك مبادرات كثيرة نقوم بها على مدار العام، ومنها التشجير ونظافة الحي والاحتفال باليوم الوطني والأعياد وغيرها من مناسبات عامة ، وهنا يكمن دور المركز في حال وجوده لتنظيم مثل هذه النشاطات الجماعية وتنمية روح المسؤولية، وتضافر الجهود والعمل الجماعي الإيجابي لصالح تنمية الحي.
تجربة تحتاج للدعم
وحرصا على نقل الصورة المنشودة لدور مراكز الأحياء وأهميتها ، التقيت الدكتور ياسين فطاني المدير التنفيذي لمركز حي السليمانية فقال: هناك مراكز نموذجية في بعض الأحياء ، وأخرى مقامة في مبان عادية أو شقة، وبعضها ليس لها أي موقع سوى غرفة صغيره وصالة وعليها لوحة خارجية ، وبالنسبة لمركز السليمانية، فهو لايزال مبنى عاديا يضم قاعة ومكتب إدارة سكرتارية ومستودعا وغرفة ألعاب.
سألته عن أهم البرامج التي يقدمها المركز، فأجاب: من البرامج المهمة التي نعمل على تطبيقها ، برنامج “جاري” ويختص بالجيران حول المركز وبرنامج “سلامتك” ويختص بالصحة وبرنامج “تمكين” وهو خاص بالشباب؛ حيث يمكنهم من كل ما هو مفيد من دورات وفعاليات ولدينا 16 فرقة شبابية، وكذلك برنامج “ألفة” وهو للشرائح الأخرى مثل المتقاعدين، وغيرهم من لاتشملهم البرامج الأخرى ، وخدمات المركز تغطي الفيحاء والنسيم والجامعة والسليمانية الشرقية، وقد بلغ عدد المستفيدين أكثر من 750 طالبا ، وفي الصيف كان هناك ثلاثة مراكز تحت إشرافنا خدمنا من خلالها أكثر من 350 طالبا، بالإضافة إلى دوري رياضي اشترك فيه 56 فريقا، وبالنسبة للأطفال ليس لدينا أي برامج لهم وذلك بسبب عدم وجود أشخاص مؤهلين لخدمتهم؛ لأنهم فئة تحتاج الى رعاية خاصة.
وحول أنشطة المراكز النسائية، قالت إحدى السيدات( رفضت ذكر اسمها)؛ إن القصور واضح في برامج بعض المراكز، ومنها على سبيل المثال في حي السليمانية ، ويبدو ذلك في نقص الإمكانات ، كما أن المبنى متواضع ولا يفي بالغرض قياسا بعدد سكان الحي ومقارنة بالمراكز النموذجية من حيث التجهيزات والأنشطة ، وأضافت: إنها ترددت على المركز النسائي بالحي، لكن لم تجد سوى مسؤولة أو اثنتين رغم أن دور هذه المراكز بات مطلوبا في تنمية الأحياء وخدمة المجتمع.
دور الجمعية
وضعنا هذه الصورة أمام الأمين العام لجمعية مراكز الأحياء بمحافظة جدة الدكتور عبدالله بن صالح الغامدي ، وسألناه عن خطط الجمعية، فقال : تعمل جمعية مراكز الأحياء بمحافظة جدة بدعم وتوجيه من مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس مجلس إدارة الجمعية سمو الأمير خالد الفيصل، وبإشراف ومتابعة من محافظ محافظة جدة نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية ورئيس المجلس الفرعي لجمعية مراكز الأحياء بالمحافظة، سمو الأمير مشعل بن ماجد.
وأضاف : قدمت الأمانة العامة للجمعية بجدة جميع التسهيلات الإدارية، والدعم الخدمي واللوجستي والمادي الممكنة للمراكز دون تفرقة؛ حرصا منها على أن تقدم المراكز خدماتها بأفضل جودة ، ووقعت عددا من الاتفاقيات لإنشاء مراكز نموذجية؛ من ضمنها مركز الأمير فواز، وقد بلغ إجمالي عدد مراكز الأحياء بجدة 31 مركزا؛ 16 للرجال و 15 للنساء، وتم أخيرا افتتاح 8 مكاتب في مختلف أحياء جدة ، لكن لاتزال المراكز تختلف عن بعضها وفقا لمعطيات كثيرة؛ منها إلمام أهل الحي بأهمية المركز وخدماته والتفاعل معه، كذلك مقدرة القائمين على إدارة المركز من أهل الحي في تقديم الخدمات بإبداع وتميز وبشكل جذاب لتلمس احتياجات المستفيدين من أهل الحي، ولا ننسى الدور الكبير الذي يقوم به مجلس الحي المنتخب في إيصال رسالة الأهالي لإدارة المركز.
وبسؤاله عن المراكز التي اغلقتها الجمعية قال: تم إغلاق 5 مراكز في عدد من الأحياء ليس لعدم الكفاءة ، إنما لأسباب أخرى؛ من ضمنها عدم اكتمال أعضاء المجلس وعدم استكمال شروط فتح مركز حي.
وأشار د. الغامدي إلى أن المراكز في جنوب جدة ضربت مثلا في التميز والإبداع ، فقد حصل مركز الأمير فواز النسائي العام الماضي على جائزة “ربيز” في النظام البريطاني للجودة بيكاسو، وغيرها من المراكز التي حققت العديد من الإنجازات على مستوى الحي.
استثمار الحدائق
وعن المعايير التي تتخذها الجمعية لإنشاء أي مركز حي قال : لا تختلف معايير انشاء المراكز النموذجية، فهي موحدة، ولكن من أهمها وجود أرض يقام عليها المركز، وكذلك متبرع أو راع يتكفل بقيمة انشاء المركز النموذجي وتشرف الجمعية على انشاء المركز وتشغيله؛ وفق الأنظمة المتبعة في ذلك ، علما بأن الجمعية قد استلمت عددا من الحدائق من أمانة جدة ليقام عليها مراكز نموذجية بدعم عدد من رجال الأعمال الذين يحرصون على المساهمة في تنمية المجتمع المحلي من خلال مراكز الأحياء.
وحول الخطط المستقبلية، أضاف الغامدي : عملت الجمعية خلال الستة أشهر الماضية على بناء الخطة الاستراتيجية للعشر سنوات القادمة للجمعية على مستوى المنطقة تتواكب مع رؤية المملكة 2030 حيث اقامت الجمعية على مستوى منطقة مكة المكرمة العديد من ورش العمل المتخصصة مع بعض الجهات الحكومة والخاصة؛ ذات العلاقة وكذلك مع منسوبي وأعضاء الجمعية وعدد من المستفيدين.