جدة- البلاد
ظلت المملكة منذ نشأتها على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن، طيب الله ثراه، تبذل الغالي والنفيس في خدمة الإسلام والمسلمين وبسط الأمن وتأمين طرق الحجاج والتيسيرعلى ضيوف الرحمن؛ ليؤدوا مناسكهم في أجواء آمنة ورعاية شاملة، بعد أن كانت رحلة الحج محفوفة بالمخاطر.
واهتم الملك المؤسس، الذي أرسى دعائم الدولة، على المنهج الإسلامي القويم بتنظيم خدمات الحج وتحسين وتوسعة المسجد الحرام ليواكب الأعداد المتزايدة من ضيوف الرحمن، فكانت التوسعة السعودية الأولى عام 1375هـ، وقد نفذت على عدة مراحل، إضافة إلى المتابعة المباشرة للإشراف على سير الحج ، وإقامة حفل سنوي تكريماً لرؤساء وفود الحجاج، كما تبنى الملك عبدالعزيز عقد أول مؤتمر إسلامي يلم شمل المسلمين, ويوحد كلمتهم, ويقوي صفهم, أمام تكتلات دول العالم المعاصر. وأثمرت التوجيهات السامية عن توفير كل أسباب الراحة للحجاج والمعتمرين والزوار، والمواطنين وسار أبناؤه الملوك البررة من بعده على نهجه، وشهد الحرمان الشريفان المزيد من أعمال التوسعة والعناية بضيوف الرحمن.
أمر الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود، يرحمه الله، بفتح شارع وراء الصفا، وصرف مرور الناس والسيارات عن شارع المسعى وتركيب مضخة لرفع مياه زمزم في سنة 1373هـ، وأنشأ بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم في سنة 1374هـ، كما تم استبدال الشمعدانات الست بحجر إسماعيل، عليه السلام، بخمس نحاسية تضاء بالكهرباء وأمر بتبليط أرض المسعى بالأسمنت في سنة 1375هـ، وفي الخامس من ربيع الأول سنة 1375هـ ألقى جلالة الملك سعود، رحمه الله، خطابه التاريخي حيث أعلن الشروع في توسعة المسجد الحرام، التي أمر بها والده الملك عبد العزيز، رحمهما الله، وبدئ العمل في 4 ربيع الثاني عام 1375هـ ، وذلك بنزع ملكيات الدور والعقارات الواقعة في أرض التوسعة بعد تقدير أثمانها، وتعويض أصحابها.
عمارة المسجد النبوي
وفي سنة 1375هـ، انتهت العمارة والتوسعة بالمسجد النبوي الشريف في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز،رحمه الله، ونتج عنها إضافة (6033) متراً مربعاً إلى سطح المسجد وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية (12271) متراً مربعاً أما المآذن فقد بلغ ارتفاعها (72) متراً وأصبح للمسجد النبوي الشريف عشرة أبواب.
الملك فيصل وإنجاز التوسعة
عندما تولى الملك فيصل بن عبد العزيز الحكم عام 1384هـ، واصل، رحمه الله، إنجاز توسعة المسجد الحرام التي بدأت في عهد الملك سعود، رحمه الله، والتي أمر بها الملك عبد العزيز، رحمه الله. ومن أهم ما حصل في عهده إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم توسعة للطائفين ، ووضع المقام في غطاء بلوري ، وذلك عام 1387هـ ووجه ،رحمه الله، ببناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف، وذلك في عام 1391هـ كما وجه ببناء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في موقعه الجديد في أم الجود، وتوسيع أعماله وذلك في عام 1392هـ. وفي عهده،رحمه الله ، أمر في سنة 1395هـ، بتوسعة المسجد النبوي الشريف من الجهة الغربية.
افتتاح مصنع الكسوة في عهد الملك خالد
قام الملك خالد بن عبد العزيز، رحمه الله، بإتمام ما تبقى من عمارة وتوسعة المسجد الحرام في عام 1396هـ ، حيث تم في عهده أيضًا افتتاح مصنع الكسوة بعد تمام البناء والتأثيث ، وذلك عام 1397هـ وتوسيع المطاف سنة 1398هـ وفي عهده ، رحمه الله ، تم إزالة منطقة الحريق في سوق القماشة سنة 1397هـ وتسوية أرضيتها وتعويض أصحاب الدور والعقار وإضافتها إلى مساحة المسجد النبوي.
الملك فهد وتنظيم مؤسسات الحج والتوسعة الثانية
حينما تولى الملك فهد بن عبدالعزيز، يرحمه الله ، الحكم كانت الخطوات الأولى لتنظيمات مؤسسات أرباب الطوائف قد بدأت لتبدأ معها خطوات متوالية من التطوير والانتقال من الخدمات الفردية إلى الخدمات الجماعية المنظمة، فظهرت مؤسسات الطوافة الست فضلاً عن مؤسسة الأدلاء بالمدينة المنورة ومكتب الوكلاء الموحد بجدة ومكتب الزمازمة الموحد بمكة المكرمة، وبظهور هذه المؤسسات تحول العمل في مجال الحجاج إلى الطابع التنظيمي. كما شهد عهد الملك فهد ، رحمه الله ، قفزات نوعية شملت التوسع في أعداد شركات النقل وارتفاع في عدد حافلات الشركات القائمة وظهر نظام النقل بالرحلات الترددية.
وفي عهده،رحمه الله، جاءت التوسعة الثانية للمسجد الحرام بإضافة كتلة من الجهة الغربية مترابطة ومتجانسة مع المسجد الحرام، من حيث الطابع المعماري كما تم تهيئة السطح للمصلين وكذلك الساحات المحيطة ليتسع الحرم المكي الشريف لـ 600 ألف مصل بكافة توسعاته. وفي عام 1403 أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، رحمه الله، بنـزع ملكيات عقارات السوق الصغير غرب المسجد الحرام ، وتعويض أصحابها بمبالغ مرضية تهيئة لتوسعة كبرى للمسجد الحرام أمر بها، وقد بلغت مساحة أراضي العقارات المنزوع ملكياتها 30 ألف متر مربع، فهيئت كساحات مؤقتة للصلاة قبل البدء بأعمال البناء عليها. وفي عام 1406هـ أمر بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، كما أمر أن تجمع جميع شبكات الكهرباء في قباب جميلة . وفي اليوم الثاني من شهر صفر عام 1409هـ وضع الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، رحمه الله، حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية.
توسعة المسجد النبوي
وكان الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود,رحمه الله ، قد أمر بإجراء دراسات لتوسعة كبرى للمسجد النبوي الشريف، حيث تمّ في سنة 1405هـ، وضع حجر الأساس لمشروع التوسعة وتضمن إضافة مبنى جديد بمساحة قدرها (82 ألف متر مربع)، تستوعب (167 ألف مصلٍ) وبذلك يكون استيعاب المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة لأكثر من (257 ألف مصلٍ) ضمن مساحة إجمالية تبلغ (165.500 متر مربع).
التوسعة الثالثة للحرم المكي
شهد المسجد الحرام في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز،رحمه الله، أكبر توسعة من حيث المساحة وسعتها لأعداد كبيرة من المصلين، وتعد التوسعة الثالثة للدولة السعودية بعد توسعة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، والملك فهد بن عبدالعزيز، رحمهما الله.
فقد تضاعفت مساحة المسعى أربع مرات لتأتي أكبر توسعة في التاريخ التي تقدر مساحتها بثلاثة أضعاف مساحتها السابقة لتتسع لأكثر من مليون و600 ألف مصل في الظروف العادية، أما في المواسم والزحام فتستوعب أعداداً أكبر من الحجاج والمعتمرين.
وشملت التوسعة من الجهة الشمالية للمسجد الحرام 6 مكونات رئيسة، وهي: مبنى التوسعة والساحات الخارجية والجسور ومبنى المصاطب وممرات المشاة ومباني الخدمات بما فيها المراكز الصحية والدفاع المدني ومشفى ومحطة التكييف المركزية والتوليد الاحتياطية، كما شملت البوابة الرئيسة، وهي بوابة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ترتفع فوقها مئذنة لتصبح مآذن الحرم 11 مئذنة وتتميز التوسعة بسهولة الوصول إليها من خلال 20 باباً، كما تتميز التوسعة بمكيفاتها المتطورة كما يوجد بداخلها عدد من المشربيات التي تحتوي مياه زمزم .
توسعة المسجد النبوي الشريف
شهدت المدينة المنوّرة أواخر عام 1433هـ، أكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي الشريف، دشّنها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، ووضع حجر الأساس للتوسعة لتصل طاقته الاستيعابية إلى مليوني مصلٍ إلى جانب مشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها وهي من المشاريع العملاقة.
الملك سلمان ومسيرة العطاء
يواصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ، حفظه الله،, هذه المسيرة العطرة في بناء وعمارة الحرمين الشريفين, وخدمة ضيوف الرحمن، إذ يؤكّد ــ أيّده الله ــ في كل محفل أهمية المسيرة، والحرص على متابعة العمل في مشروعات التوسعة الكبرى بالحرمين الشريفين التي تصب جميعها في خدمة الإسلام والمسلمين في شتى أرجاء المعمورة، ولاسيما حجاج بيت الله الحرام، وزوّار مدينة المصطفى – صلى الله عليه وسلم.
ولم يدخر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – أي جهد كباقي أشقائهن يرحمهم الله، من الملوك في خدمة ضيوف الرحمن والعمل على تطوير أداء وزارة الحج؛ حيث أصدر خادم الحرمين عددًا من الأوامر الملكية تستهدف إعادة هيكلة عددٍ من الوزارات والأجهزة الحكومية وتعيين مسؤولين، وكان لوزارة الحج نصيب في ذلك حيث اشتملت الأوامر الملكية على تعديل اسم وزارة الحج لتكون وزارة الحج والعمرة. وظل، حفظه الله، يوجّه مختلف الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة بخدمة حجاج بيت الله الحرام بمضاعفة الجهود، وبذل كل ما من شأنه التيسير على ضيوف الرحمن لأداء فريضة الحج، وأهمية التنافس والتسابق في خدمة قاصدي الحرمين وتذليل كل الصعاب، موصيًا الحجاج بالتفرغ للعبادة وأداء مناسك الحج والبعد عن التصرفات التي تخالف تعاليم الدين الإسلامي.
وبدأت جهود وأوامر خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، بالعناية والمتابعة الكاملة لأعمال توسعات الحرم المكي الشريف تؤتي أكلها، بإذن ربها، حيث شدد في خطابه الذي ألقاه مؤخرا بحضور العلماء والوزراء، على أن أولى مهامه حراسة المقدسات الإسلامية والعناية بها، كما هو شأن قادة هذه البلاد، بداية من الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وأبنائه من بعده، إلى هذا العهد الذي وصلت فيه خدمة الحرمين إلى مرحلة لم يسبق لها مثيل.
ويتجلى ذلك الاهتمام في أصوات الآليات المخصصة للمشاريع التي تزمجر في أرجاء المساحات المخصصة للتوسعات، التي يتم العمل بها داخل الحرم المكي وخارجه في الساحات والمصليات التابعة له.
وكانت توجيهاته، حفظه الله، قد صدرت بالاستفادة من المساحات التي تم الانتهاء منها من مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – لتوسعة المسجد الحرام,وذلك لمايشهده المسجد الحرام من إقبال كثيف من المعتمرين والزائرين في ظل تنفيذ أعمال المرحلة الثالثة والأخيرة من مشروع رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف، وأضافت المساحات التي تمت الاستفادة منها من توسعة الملك عبدالله للمسجد الحرام مزيداً من السهولة والانسيابية لقاصديه، وتم تهيئة الأجزاء والساحات المرتبطة بها التي تم فتحها للاستفادة منها وإمدادها بالفرش والسجاد وماء زمزم والمصاحف والصوتيات والإضاءة. وكان للمملكة عبر تاريخها سجل مذهب بالإنجازات في خدمة الحرمين الشريفين وتوسعتهما، ورفدهما بأنواع الخدمات التي يحتاجها ضيوف الرحمن، بالإضافة إلى توفير كافة سبل الأمن والراحة والتنقل، وغيرها مما يحتاجه الحجاج والزوار والمعتمرين.