كالمعتاد انتهى موسم الحج، وبدأ الاستعداد لموسم جديد، وكالمعتاد عززت المملكة قدراتها في ادارة الحشود وظلت متصدرة للمشهد العالمي واضحت مخرجات جهودها محل ابهار دولي وفقا لنتائج تؤكد القدرة وتجسد حسن الاستقبال وجودة التنظيم والحرص على راحة الضيوف.
عندما نؤكد القدرة السعودية على ادارة الحشود ثم نصمت فإننا نظلم المملكة ولا نوفيها حقا مكتسبا، فالحشود المقصودة ليست طبيعية اعتيادية من حيث الحال والأحوال ذلك ان معظم ضيوف الرحمن القادمين لأداء فريضة الحج من الطاعنين في السن وبياضهم الطاغي من المرضى ومعظم هؤلاء أتى مرتديا كفنه على كتفيه متطلعا للموت في المشاعر المقدسة بل أن ثقافاتهم ولغاتهم ومستوياتهم التعليمية متباينة وجل هؤلاء قدموا من الارياف ،هكذا بالضبط تبدو صورة حشود الحجيج ، ولهذا فإدارة هذه الملايين في بقعة محدودة صغيرة وخلال ايام معدودة على اصابع اليد الواحدة يعد احدى المعجزات بل يمثل قدرة خارقة تجلت بعمل جبار قاده السعوديون والسعوديات بكفاءة عالية في مكة والمدينة والمشاعر المقدسة حتى اضحوا مضربا للمثل.
لم ولن يحظى حشد يساوي 5 % من اعداد حجاج بيت الله الحرام في كافة بقاع الارض بما تحقق للملايين القادمين من كل حدب وصوب لأداء مناسك الحج ولهذا اذهل التنظيم والخدمات التي وفرتها المملكة بتوجيه ومتابعة من قبل خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين المتابعين وكانت تلك الخدمات والتسهيلات محل تقدير ضيوف الرحمن فاحتار المتربصون بعد ان رد الله كيدهم في نحورهم.
لعلنا ونحن نزهو فخرا ونتبادل التهاني بالنجاح الباهر نذكر للمملكة ذلك الاهتمام المتواصل بتطوير آليات الخدمات عاما تلو عام في ظل اكتساب تجربة مدفوعة برغبة صادقة خالصة تستهدف راحة الحجيج وصلت مرحلة تطويع التقنية بما يخدم الحشود ويسهل تحركات ضيوف الرحمن فتحققت هذا العام استفادة فعلية من البنية التحتية التقنية حتى اضحت رحلة الحج ميسرة محفوفة بالأمن والطمأنينة وحظي الحاج بدءا من التأشيرة الالكترونية بخدمة راقية عبر طريق مكة احدى مبادرات التطوير التي سهلت الرحلة وكفلت راحة الحاج ونقلت امتعته من باب المنزل الى حيث يقيم في المشاعر.
لم تتوقف خدمات المملكة المقدمة لحشود الحجيج عند حد بعد أن تمت ترجمة توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين فأضحت واقعا حيا ولا ادل على ذلك من استبدال الطرق بطرق خافضة للحرارة – ان جازت التسمية – ساهمت في خفض درجات الحرارة لأكثر من 10 درجات اضافة الى ترطيب اجواء المشاعر التي بلغت حدود التكييف في اطار عمل جبار متواصل ساهم مترافقا مع التوسعات والمشاريع التي لا تشاهد الا في المملكة بنجاح خطط الحج ولفت الاعناق لقدرة ابناء المملكة بعد انخراط آلاف الشباب والفتيات في برامج التطوع الى جانب المسخرين لخدمة الحجيج ومن بينهم رجال امن لا تفارق الابتسامة محياهم قدموا خدمات انسانية يسطرها التاريخ، وعكسوا صورة المواطن السعودي المكتنز مروءة وطيبة ونخوة وانسانية ، فجعل الله كل هذه الجهود في ميزان حسنات القيادة والشعب.