تحقيق: ياسر بن يوسف
الرفق بالحيوانات والعناية بها، من تعاليم الرحمة التي حث عليها ديننا الحنيف ،فيما إلحاق الأذى بها أو تحميلها ما يشق عليها محرم شرعا ويعتبر من الجرائم التي يُقاضى عليها ..
فالرفق هو مما يُقاس به رقي الأمم حضاريا ، وهو صفة من الصفات الفاضلة التي يجب أن يتسم بها المسلم باعتبارها من مظاهر الرحمة، وبها يرحم الله الإنسان.
وبين التجارب العلمية على أنواع من الحيوانات لخدمة الأبحاث الطبية، وأشكال الإهمال والإيذاء الفردي تطرح ” البلاد ” القضية على عدد من المختصين
في البداية تحدث مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة المهندس سعيد جار الله الغامدي
فأوضح أن النظام أو القانون الخليجي الخاص بالرفق بالحيوان ولائحته التنفيذية ينص على عقوبات المخالفين في هذا الأمر وتشمل العقوبات غرامة مالية بما لا تتجاوز الخمسين الف ريال مع مضاعفتها في حال تكرارها ، وتعمل الجهات المختصه لتطبيق النظام ، انطلاقا من التعاليم والقيم الإسلامية شفقة ورحمة تجاه الحيوانات
مشيرا إلى المسؤولية الفردية والمجتمعية تجاه ذلك ، مؤكدا دور المجتمع من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي للتوعية بالرفق بالحيوان والحفاظ على الحياة البرية، والإبلاغ عن الانتهاكات وإنقاذ الحيوانات التي في حاجة لذلك.
من جانبه قال مدير الثروة الحيوانية بفرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة الدكتور عبد المانع الخيبري : ان قائمة الممارسات التي يمنع إجراؤها إلا لمبرر طبي، وهناك قائمة أخرى تضم الممارسات المحظورة بشكل مطلق، وتشمل : تلوين وصبغ الحيوانات بأنواعها، وحقن المواد التجميلية البشرية في الحيوانات وخصوصاً الإبل، وإعطاء الحيوانات أدوية محفزة للنمو أو منشطات في حال السباقات.
وتهدف الوزارة من خلال هذه الإجراءات لمنع أية ممارسات تضر بالحيوان تماشياً مع قانون الرفق بالحيوان لدول مجلس التعاون الخليجية وتطبيق العقوبات المنصوص عليها؛ للتأكد من تنفيذ بنود هذا النظام على المخالفين.
وتابع : العقوبات ليست هدفاً بحد ذاتها، إنما لتأكيد التزام الجميع أفراداً ومنشآت بمعايير الرفق بالحيوان التي نصت عليها تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة، والأنظمة المتبعة.
ومع مدير الإدارة القانونية بفرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة معيض السلمي الذي أوضح أن القانون الخليجي للرفق بالحيوان يشمل جميع أنواع الحيوانات كالطيور والزواحف والبرمائيات والأسماك وغيرها، فنص على ضرورة الرفق بالحيوانات
واتخاذ جميع الاحتياطات التي تضمن عدم الإضرار أو إلحاق الأذى أو التسبب في ألمها أو معاناتها، وألزم ملاك الحيوانات بتوفير المنشآت المناسبة والظروف المعيشية الضرورية لإيوائها، وتوفير العدد الكافي من العاملين المؤهلين ممن لديهم القدرة المناسبة والمعرفة والكفاية المهنية
ومعاينة الحيوانات وتفقد أحوالها مرة واحدة على الأقل في اليوم، وعدم إطلاق سراح أي حيوان يعتمد بقاؤه على الإنسان، وفي حال رغبة التخلي عنه يتم من خلال التنسيق مع الجهة المختصة، ومتابعة الحالة الصحية للحيوانات وعرضها على طبيب بيطري للكشف عليها ومعالجتها واتخاذ ما يلزم.
كما أكد النظام على حظر استخدام الحيوانات لأغراض التجارب العلمية إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، على أن ينشأ سجل لدى الجهة المختصة لقيد التراخيص الصادرة بذلك.
ومنح النظام الحق للموظفين المخولين دخول أي منشأة للتفتيش والتأكد من تطبيق أحكامه ولائحته التنفيذية، وإذا كانت المنشأة عبارة عن منازل سكنية خاصة فيتعين الحصول على إذن مسبق من الجهة المعنية، وحظر عرض أو الاتجار بأي حيوان تظهر عليه أعراض مرضية أو إعياء
كما حظر ترك الحيوانات في غير المكان المخصص لها أو تركها مهملة، ويحق للجهة المختصة التصرف في الحيوانات المهملة أو السائبة طبقا للشروط والضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية.
تاريخ طويل
وتحدث الدكتور سمير نقادي عن حقوق الحيوان والرفق به فى البحوث العلمية إن موضوع حقوق الحيوان والرفق به أثناء اجراء التجارب والبحوث العلمية هو موضوع يستحق الاهتمام والدراسة ،نظراً لما تسببه من أضرار وآلام تقع على حيوانات التجارب بجانب ما تسببه من مشكلات مع الحقوقيين المهتمين بأمر الحيوان.
ولكن علينا أن نفرق جيداً بين البحوث التى تنتهي بموت الحيوانات وغيرها من البحوث التى تجرى بهدف زيادة الإنتاج أوتحسين نوعه.
وهنا يقفز السؤال : لماذا استخدام الحيوانات فى التجارب العلمية بدلاً من الأنسان ؟
يجيب الدكتور نقادي بأن التجارب على الحيوانات جزء مهم في الأبحاث العلمية والتى تعود بالنفع على الأنسان وبعض النفع على الحيوان ، على سبيل المثال تم استخدام حوالي 3 ملايين حيوان في تجارب علمية في ألمانيا وحدها عام 2013 م، وحاليا هناك بعض البدائل لاستخدام الحيوانات في التجارب المخبرية
وتتم حالياً تجربتها لتحل محل الحيوانات المستخدمة أو على الأقل تخفض عددها، لكن استخدام هذه البدائل مازال محدوداً، لأنها تحتاج للمزيد من التجارب والتطوير.
ويأمل الباحثون أن يأتي يوم تغيب فيه الحيوانات عن مختبراتهم ويستغنون عنها في تجاربهم، التي كثيراً ما تكون مؤلمة وقاسية للحيوانات.
الجانب الآخر
في هذا السياق هناك تيار في العالم يعارض مبدأ إجراء تجارب على الحيوانات، ويستند الرفض إلى أن التجارب غير ضرورية، لأن ليست كل نتائجها تنطبق على الإنسان، وأنه من الظلم أن يقتل العلماء حيوانات لمجرد إشباع فضولهم العلمي، وقد أجريت عدة أستطلاعات للرأى فى العالم فكان حوالى 90 % من الفرنسيين رافضين لاستخدام الحيوانات فى إجراء التجارب العلمية
وقد أنشئت في اوروبا منذ زمن عدة جمعيات للرفق بالحيوان ففي عام 1824 م أنشئت أول جمعية فى أنجلترا أطلق عليها ” جمعية منع سوء معاملة الحيوانات ” تلاها جمعيات مماثلة فى أنحاء العالم تنادى بحماية الحيوانات.
من جانبها أكدت الكاتبة والأدبية غادة عبود، ان حماية حقوق الحيوان والرفق به أصبح ضرورة ، ومن الجميل أن نرى المتطوعين البسطاء منهم والميسورين يقدمون الطعام والماء للحيوانات لوقايتهم من قيظ الحر بمبادرة إنسانية منهم
وقد أسعدني كثيراً الإعلان وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة للإبلاغ عن أي تعذيب او تجاوز للحيوانات، وقد قمت بالإبلاغ مؤخراً عن فيديو يظهر فيه شخص يعذب شبلاً صغيراً ، وأرسلت العديد من البلاغات ولم يصلني أي رد.
وفي سياق متصل يقول تركي السفري : ما أطلبه من وقف عمليات المتاجرة بالحيوانات ، وتجريم التخلي عنها دون رعاية ، فالرحمة من طبعنا وأصولنا ودولتنا حريصة على العبور بنا إلى مراكز متقدمة من الرقي والإنسانية، أيضاً هناك أمر صعب وهو اكتفاء بعض الأشخاص بتصوير حالات تعذيب للحيوان ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي
وأتعجب من هؤلاء كيف طاوعتهم قلوبهم على التصوير دون تدخل وإبلاغ الجهات المعنية ، إن اي شخص يشهد تعذيب حيوان او يتخلى عنه وهو في حالة حرجة هو شريك في تعذيبه ، كما يجب التشجيع على إنقاذ هذه الأرواح المستضعفة التي سيسألنا الله عنها.