القاهرة – عمر رأفت
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات التركية بإجبار السوريين على توقيع إقرارات برغبتهم في العودة إلى سوريا طواعية ثم إعادتهم بعد ذلك قسرا إلى هناك.
وقال المسؤول في المنظمة جيري سيمبسون إن تركيا “تزعم أنها تساعد السوريين على العودة طواعية إلى بلادهم، لكنها تهددهم بالحبس حتى يوافقوا على العودة”.
وأشار المسؤول إلى “عمليات ترحيل غير قانونية” تقوم بها السطات التركية، ورأى أن “رميهم في مناطق حرب ليس طوعيا ولا قانونيا”. وذكرت المنظمة أن عمليات الإعادة القسرية تشير إلى أن الحكومة التركية مستعدة لفرض سياسات “تحرم الكثير من طالبي اللجوء السوري من الحماية”.
وتستضيف تركيا على أراضيها 3.6 ملايين لاجئ سوري، نصفهم يعيشون في اسطنبول. وأشار تقرير هيومن رايتش ووتش إلى حالة سوري غير مسجل، وهو من الغوطة في ريف دمشق، أجبر على العودة إلى شمال سوريا. وقالت إن الشرطة اعتقلته في 17 يوليو في اسطنبول، حيث كان يعيش لأكثر من ثلاث سنوات، وأرغمته وسوريين آخرين على التوقيع على إقرارات، ونقلتهم إلى مركز احتجاز آخر، ثم وضعتهم في حافلة كانت متجهة إلى سوريا. وأشار التقرير إلى أنه تم ترحيل عدد منهم إلى إدلب وشمال محافظة حلب، على الرغم من المخاطر التي تحيط بهم هناك، ففي محافظة إدلب، تواصل قوات النظام السوري القصف العشوائي للمدنيين وتستخدم الأسلحة المحظورة، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 400 شخص منذ أبريل الماضي، من بينهم 90 طفلا.
بدورها قالت صحيفة ألمانية، إن السلطات التركية بدأت بترحيل مئات اللاجئين السوريين إلى محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، التي تشهد الآن معارك طاحنة بين قوات الجيش السوري وإرهابيين.
وقالت صحيفة تاجس شبيجل الألمانية الخاصة، أن “الحكومة التركية ترحل مئات اللاجئين السوريين قسرا وأحيانا مكبلين بالأصفاد والحبال إلى إدلب، رغم خطورة الوضع الأمني في المحافظة السورية.
وفي هذا، قال المتخصص في الشأن التركي سامح الجارحي، إن النظام التركي أستخدم اللاجئين السوريين سياسيًا، حيث استخدم الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان اللاجئين إلى جانب حزب العدالة والتنمية لمصالحهم السياسية، كما استخدمهم اردوغان في الصراع العسكري السوري وقام بتدريب سوريين للوقوف مع الاتراك والوقوف امام عدد من التشكيلات المناهضة لتركيا ومنها جبهة “قصد” الكردية.
وأوضح الجارحي فى حديثه لـ”البلاد” أن ادوغان استخدم السوريين أيضًا في صراعات سياسية أخرى منها الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والانتخابات المحلية وعدد اخر من الأنشطة السياسية، ومساومة السوريين على بقائهم من أجل مصالحه السياسية. بدوره اشار الباحث في الشأن التركي مصطفى صلاح، الى إن ملف اللاجئين السوريين في تركيا يعد أحد أهم الملفات الشائكة في سياسة تركيا الداخلية والخارجية، وفي تقديري حاولت الحكومة التركية توظيف الموجه العالية من اللاجئين لتحقيق العديد من المكاسب الداخلية والخارجية مثل زيادة مستوى الانخراط في سوريا، والحصول على تمويلات كبيرة من جانب الاتحاد الأوروبي، أو لتصدير صورة أخلاقية وفق استراتيجة القوة الناعمة التركية الهادفة إلى تصدير نموذجها السياسي، إلى المنطقة العربية، والحفاظ على ترابط أمني قوي مع الدول الأوروبية.
واكد صلاح فى حديثه لـ”البلاد” أن اللاجئين يمثلون ملفا سياسيا بالنسبة لتركيا وليس ملف حقوقي كما كان يزعم البعض حول تصدير صورة أخلاقية لتركيا بأنها راعية المهجرين واللاجئين ولكن يوما بعد يوم يثبت الواقع تناقضات السياسة التركية، ومدى توظيفها للعديد من الأزمات التي تمر بها المنطقة لتحقيق أعلى معدلات المصلحة القومية دون النظر لأي اعتبارات أخرى وخاصة في الجانب الأخلاقي، ولعل أزمة اللاجئين أظهرت رؤية تركيا الخارجية والداخلية التي تقوم في الأصل على التناقضات، فأنقرة تتخذ القرار ونقيضه في سبيل تحقيق مصالحها وهذا هو المحدد لتوجهاتها.
فيما قال محمد ربيع الديهي، الباحث بالشأن التركي إن عدد السوريين المصنفين ضمن الحماية المؤقتة في تركيا يصل الى 3.6 مليون، اضافة الى و300 ألف شخص تحت بند الحماية الدولية، وهي ارقام ليست قليلة فالقانون التركي لا يصنف السوريين الذين يعيشون في تركيا على أنهم لاجئين، مما يزيد وضعهم القانوني تعقيدا، حيث اشترطت تركيا عند توقعها على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، على أن تنطبق الاتفاقية حصريا على اللاجئين الفارين من أوروبا، وتعاملت تركيا مع تدفق السوريين إليها في بداية عام 2011 على أنه تدفق جماعي للاجئين، وليس مجرد لاجئين أفرادا، ووضعت لهم قانونا خاصا في عام 2014 سمي بقانون “الحماية المؤقتة”، الذي يتضمن الإقامة غير المحدودة في تركيا، وحمايتهم من الإعادة القسرية، وتوفير خدمات الاستقبال، ومعالجة الاحتياجات الأساسية الفورية.