طهران ــ وكالات
ثمة حالة من الفوضى ضربت الاقتصاد الإيراني بالتوازي مع توسيع نطاق العقوبات الأمريكية، سيما في قطاع النفط، وسط محاولات من طهران للالتفاف على العقوبات دون طائل.
وكانت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، قد أوردت تصريحات على لسان محافظ البنك المركزي الإيراني عبدالناصر همتي، قوله: إن مبيعات النفط الإيراني صعدت مؤخرا، غير أن طهران منذ يوليو 2018، تخفي بيانات صادراتها النفطية إلى الخارج عن المبادرة المشتركة لمنتجي النفط حول العالم (جودي)، بعد أن كانت تلتزم بتقديم بياناتها للمنظمة الدولية.
وقالت وكالة الطاقة الدولية: إن تشديد الولايات المتحدة عقوباتها على الخام الإيراني اعتبارا من مايو الماضي دفع صادرات طهران النفطية للانخفاض بواقع 450 ألف برميل يوميا إلى 530 ألف برميل يوميا قرب أدنى مستوى في 30 عاما.
بينما أشعلت المحطة الثالثة بالتلفزيون الإيراني الرسمي أزمة حادة داخل وزارة النفط بحكومة طهران، بعد عرضها محتوى يكشف كيفية خرق إحدى الناقلات النفطية الإيرانية العقوبات الأمريكية.
ما فعلته القناة الرسمية، أثار غضب وزير النفط الإيراني بيجين نامدار زنجنة، معربا عن سخطه بعد عرض المحطة التلفزيونية بثا مصورا لتفريغ ناقلة نفطية إيرانية حمولتها في أحد الموانئ الصينية.
ولم تنجح واحدة من إحدى محاولات طهران لتهريب الخام بحرا، عقب ضبط ناقلة تحمل نفطا من طهران قرب مضيق جبل طارق قبل نحو أسبوعين.
وقبل أيام، وجهت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، الشكر إلى رئيس وزراء جبل طارق فابيان بيكاردو لالتزامه بتطبيق عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا باحتجازه ناقلة نفط إيرانية.
وضمن مساعي طهران لتجاوز العقوبات الأمريكية، تحاول بشتى الطرق البحث عن ثغرات يمكنها الالتفاف عليها، كان أبرزها محاولة إحياء “اتفاقية الجزائر” مع العراق للسيطرة على شط العرب وتعزيز نفوذها بالعراق.
ثم إن مساعي النظام الإيراني للسيطرة على “شط العرب” ليست بالجديدة، حيث حاولت خلال السنوات الماضية الاستيلاء على الشريان الاقتصادي الذي يربط العراق بالخليج العربي واستكمال مشروعه التوسعي في العراق.
إلى ذلك، مددت المحكمة العليا في جبل طارق، لـ30 يوماً احتجاز ناقلة النفط الإيرانية “غرايس 1″، التي يشتبه بأنها كانت متوجهة إلى سوريا لتسليم نفط في انتهاك للعقوبات.
وكانت سلطات جبل طارق- المنطقة البريطانية في أقصى جنوب إسبانيا- قد احتجزت السفينة في 4 يوليو الحالي.
وذكرت صحيفة “جبل طارق كرونيكل” أن المحكمة العليا مددت احتجاز ناقلة النفط الإيرانية “غريس 1” حتى 15 أغسطس المقبل.
وقالت الصحيفة: إن النائب العام لجبل طارق مايكل لياماس أكد القرار.
ومنذ احتجاز الناقلة التي كانت تنقل 2.1 مليون برميل من النفط، تم توقيف واستجواب أربعة هنود من طاقم السفينة قبل الإفراج عنهم بدون توجيه التهم إليهم.
وفى سياق متفصل، كشفت صحيفة الغارديان، البريطانية عن عرض نووي تقدمت به إيران يتضمن الموافقة على إجراء عمليات تفتيش أكثر تمحيصاً لبرنامجها النووي، إذا تخلت الولايات المتحدة عن العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، في خطوة شككت واشنطن في جدواها.
ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قوله للصحافيين في نيويورك: إن طهران قد تصدق على الفور على “البروتوكول الإضافي” الذي يعطي مفتشي الأمم المتحدة المزيد من السبل للتحقق من سلمية برنامجها النووي، إذا تخلت واشنطن أيضاً عن العقوبات المفروضة عليها.
ووفقاً لتقرير الصحيفة، قال ظريف: “إذا أراد (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب المزيد مقابل المزيد.. بوسعنا أن نصدق على البروتوكول الإضافي ويمكنه أن يرفع العقوبات التي فرضها”.
لكن إيران تطبق البروتوكول بالفعل وبالتالي لم يتضح ما هو التنازل الذي يقدمه ظريف في هذا المقترح.
بدوره، عبر مسؤول أميركي عن تشككه في الأمر وقال: إن إيران تسعى للحصول على تخفيف للعقوبات دون تقديم شيء يذكر في المقابل.
وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه: إن “مناوراتهم بأكملها هي مجرد محاولة للحصول على أي تخفيف ممكن للعقوبات فيما يحتفظون بقدرتهم على امتلاك سلاح نووي في المستقبل”.
وتابع المسؤول قائلاً: إن إيران “تحاول أن تظهر خطوة صغيرة” على أنها تنازل كبير، مشيراً إلى أن المقترح الإيراني لن يوقف تخصيب اليورانيوم ولن يفعل أي شيء حيال دعم إيران لوكلائها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
ويزيد البروتوكول الإضافي، الموقع عام 1993، من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التحقق من سلمية المنشآت النووية عبر عمليات للتفتيش ووسائل أخرى.
من جهته أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون أن السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، كان أحد أسوأ عيوب الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وقال بولتون في تغريدة على تويتر: “يجب عدم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، وسنستمر في ممارسة أقصى الضغوط على طهران حتى تتخلى عن طموحاتها النووية وأنشطتها الخبيثة”.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت امس الأول فرض عقوبات على 5 أشخاص و7 كيانات لتعاملهم مع إيران، مشيرة إلى أن العقوبات تهدف لتفكيك شبكة عالمية للمشتريات لصالح برنامج إيران النووي.
وأصدرت الوزارة، بيانا جاء فيه: “إن العقوبات تستهدف 5 أفراد و7 كيانات مقرهم إيران والصين وبلجيكا يشاركون في شراء مواد حساسة لعناصر تخضع للعقوبات من برنامج إيران النووي”.