أنقرة ــ وكالات
بات مجال المناورة أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أضيق من أي وقت مضى، فبينما يحاول الأخيرة مسابقة الزمن لثني الإدارة الأميركية عن فرض عقوبات على تركيا، تلقى صفعة من الاتحاد الأوروبي.
وبدأت موجة العقوبات من الاتحاد الأوروبي الذي تحرك في وجه عمليات التنقيب التركية غير الشرعية في المياه القبرصية.
وتربك هذه العقوبات حسابات أردوغان المتبعثرة أصلا وسط أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد، في ظل انخفاض حاد لليرة التركية وأرقام مهولة عن نسب البطالة وغيرها من مظاهر ركود اقتصادي، أدى إلى تراجع شعبية الرئيس وحزبه في الانتخابات الأخيرة، وخسارته العاصمة أنقرة، إلى جانب عاصمة الحكم – كما يسميها – إسطنبول.
وكان الاتحاد الأوروبي، قد اقرت امس الأول إجراءات عقابية بحق تركيا بسبب أنشطة التنقيب عن الغاز الطبيعي التي تقوم بها أنقرة بالقرب من سواحل قبرص.
وخلال اجتماع لوزراء الشؤون الخارجية في دول الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 28 دولة، قرر الاجتماع الحد من الاتصالات الدبلوماسية مع أنقرة وكذلك التمويل الذي تحصل عليه ردا على تدخل تركيا في المنطقة الاقتصادية الخاصة بقبرص.
قرارت الاتحاد الأوروبي التي شملت أيضا وقف المفاوضات بشأن إبرام صفقة طائرات، وإلغاء اجتماعات سياسية رفيعة المستوى، وتعليق مفاوضات اتفاق النقل الجوي، جاءت عقب سلسلة من التحذيرات لأنقرة للتراجع عن التنقيب قرب الساحل القبرصي.
وكان زعماء الاتحاد قد حذروا تركيا يونيو الماضي من الاستمرار في التنقيب بالمياه المحيطة بالجزيرة وإلا ستواجه إجراءات من قبل التكتل.
التحذير الأوروبي قوبل بتعنت تركي عن طريق الاستمرار في أنشطتها بالمياه الإقليمية لقبرص وإرسال سفينة حفر ثانية تدعى “يافوز” التي أبحرت منتصف الشهر الماضي، بمواكبة سفينة عسكرية لتنضم إلى سفينة التنقيب التركية “فاتح” التي أرسلت قبل أشهر إلى المياه الواقعة قبالة سواحل قبرص.
ومن المقرر أن تبدأ “يافوز” أعمال التنقيب خلال يوليو الجاري، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى إصدار بيان ثانٍ بعد ساعات على إرسال أنقرة للسفينة “يافوز”، يدين فيه الانتهاكات التركية للحقوق السيادية لدولة قبرص، وإصرارها على التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، رغم التحذيرات الدولية ووصفها بأنها “أمر غير قانوني، ومصدر قلق خطير على المنطقة”.
وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني حينها أن وزراء خارجية الاتحاد الـ28 أعادوا تأكيد دعمهم لقبرص في النزاع مع أنقرة.
وتضغط قبرص عضو الاتحاد الأوروبي من أجل اتخاذ نهج صارم يهدد بعقوبات أشد في المستقبل.
فالتحذيرات الأوربية لتركيا ترجمت على أرض الواقع، حيث قال مايكل روث وزير الدولة الألماني لشؤون أوروبا ان استفزازات تركيا غير مقبولة لدينا جميعا… توصلنا الآن إلى لغة متوازنة تجعل كل خياراتنا مفتوحة بما في ذلك العقوبات بالطبع”.
وأضاف: “لا يسعني إلا أن آمل ألا نضيف الآن أزمة أخرى للصراعات والأزمات الكثيرة.. تعرف تركيا المخاطر والاتحاد الأوروبي يقف في صف واحد مع قبرص”.
وقال دبلوماسي بالاتحاد الأوروبي إن أنقرة قد تخسر نحو 150 مليون يورو من جملة 400 مليون خصصها الاتحاد لعام 2020 لأغراض شتى لمساعدة تركيا على الاستعداد للانضمام إلى التكتل في نهاية المطاف.
وكان من المقرر أن يمنح الاتحاد الأوروبي تركيا 4.45 مليار يورو بين عامي 2014 و2020، لكنه خفض وأوقف بعض التمويل العام الماضي.
وجمد التكتل أيضا محادثات العضوية المتوقفة منذ وقت طويل ومفاوضات تطوير الاتحاد الجمركي مع تركيا، متهما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وقال دبلوماسيون في بروكسل إن أي عقوبات ستركز على الأرجح على تجميد أصول الشركات أو الأشخاص الذين تربطهم صلات بالتنقيب ومنعهم من التعامل مع شركات الاتحاد الأوروبي.