جدة – محمود العوضي
تأهلت الجزائر بعزيمة المرشح الفارض نفسه في الميدان، ولحقت بها تونس بتدرج الواقعية إلى الدور نصف النهائي لبطولة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم المقامة في مصر، وسيواجه “المحاربون” نيجيريا الخطرة دائما، فيما تلاقي “نسور قرطاج” “أسود” السنغال الباحثين عن اللقب الأول بالمونديال الأفريقي. تقام مباراتا نصف النهائي في العاصمة المصرية اليوم الأحد، حيث تلتقي السنغال وتونس على ملعب الدفاع الجوي، والجزائر ونيجيريا على ملعب (استاد) القاهرة الدولي.
روح الجزائر
تكررت مفردة “الروح” في الحديث عن المنتخب الجزائري بالبطولة، واندفع محاربو الصحراء بكل قوتهم، معولين على رأس حربة خارج المستطيل الأخضر هو المدرب جمال بلماضي، الذي وجد التركيبة الناجحة لمنتخب عانى من مشكلات عدة، وسوء النتائج في الأعوام الماضية.
وفرض الجزائريون أنفسهم بصفتهم أبرز مرشح، حتى قبل خروج كبار آخرين في ثمن النهائي مثل مصر المضيفة وحاملة الرقم القياسي في عدد الألقاب القارية (7)، والمغرب والكاميرون حاملتي اللقب.
قدم منتخب الخضر أداء صلبا بثلاثة انتصارات في ثلاث مباريات في الدور الأول؛ أبرزها ضد السنغال (1-صفر)، أفضل منتخبات القارة حسب تصنيف الاتحاد الدولي (فيفا). ووضعت تلك المباراة في الجولة الثانية للمجموعة الثالثة، الجزائر بشكل لا لبس فيه ضمن قائمة الكبار في بطولة يؤكد متابعوها أنها طوت صفحة “المنتخبات الصغيرة” بالقارة السمراء.
وقال بلماضي بعد الفوز الصعب على ساحل العاج بركلات الترجيح في ربع النهائي، (4-3 بعد التعادل 1-1): “أحد طموحاتي عندما التحقت بالمنتخب (مدربا في صيف 2018) كان أن أعيد الجزائر إلى مصاف المنتخبات الأفريقية الكبيرة”، متابعا: “التقدير على ذلك يجب أن يذهب فعلا إلى اللاعبين”.
وارتكز بلماضي في بطولته الكبيرة الأولى مدربا للجزائر، على ثوابت منها الحارس رايس مبلوحي الذي تلقى مرماه هدفا وحيدا في خمس مباريات، والقائد رياض محرز الآتي من تتويج بلقب الدوري الإنجليزي مع مانشستر سيتي، وبغداد بونجاح ويوسف بلايلي وإسماعيل بن ناصر.
ويصعب الفصل بين لاعبين نجوم وعاديين في تشكيلته، حتى المباراة الوحيدة التي خاضها بتغييرات واسعة (ضد تنزانيا في الجولة الثالثة)، فاز فيها بثلاثية نظيفة، فكل لاعب برز بمركزه، ومنهم الظهير الأيمن يوسف عطال، “النقطة السوداء” الوحيدة في الفوز على ساحل العاج بعد إصابة بالكتف يتوقع أن تبعده عن المباراة المقبلة على الأقل. دموع عطال ومواساة بلماضي له، إضافة إلى تأثر المهاجم بغداد بونجاح بعد أن أهدر ركلة جزاء في مطلع الشوط الثاني، أظهرت إلى أي حد يريد الجزائريون لقبا ثانيا يضاف إلى تتويجهم عام 1990 على أرضهم.
تونس تفرض واقعيتها
بواقعية شديدة، يقارب المدرب الفرنسي آلان غيريس تجربته الخامسة في البطولة القارية. المدرب المخضرم يقود نسور قرطاج بين حقل ألغام الانتقادات والنتائج، فقد تأهل إلى ثمن النهائي دون أي فوز، مكتفيا بثلاثة تعادلات وضعته ثانيا في المجموعة الخامسة، ثم تعادل في ثمن النهائي ضد غانا 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي، قبل أن يعبر بركلات الترجيح 5-4.
وقد انتظرت تونس ربع النهائي لتفرض نفسها بثلاثية نظيفة على حساب مدغشقر، المنتخب الذي وإن كان متواضعا على الورق، لكنه شكل مفاجأة البطولة التي خاض غمارها للمرة الأولى.
ببرودة أعصاب وثقة، يواجه غيريس بعد كل مباراة أسئلة الصحفيين التونسيين عن الأداء، ولم يبدل الفوز الكبير، من أمر كان مفعولا، لكن غيريس بدا أكثر حزما وثقة معلنا: “لن أرد على الانتقادات”. وتابع: “نحن في نصف النهائي. أعتقد أن ثمة منتخبات أخرى كبيرة مثل مصر والمغرب والكاميرون، كانت لترغب في أن تكون مكاننا. نحن هنا، لم نسرق هذا الأمر من أحد. استحققنا ذلك”، مضيفا: “نحن راضون جدا لأن هذا (الفوز) يؤهلنا إلى الدور نصف النهائي” للمرة الأولى منذ 2004، يوم توج نسور قرطاج على أرضهم بلقبهم الوحيد في البطولة.
السنغال تحلم باللقب
رغم وجود السنغال ضمن المرشحين للقب منذ عقود، فإن “أسود التيرانغا” لم يزأروا بعد ولم يحملوا لقب الأمم الأفريقية مطلقا. وبدأ المنتخب بتواضع مقارنة بالمتوقع من أفضل منتخب قاري في تصنيف الفيفا، مع أسماء كبيرة مثل ساديو ماني المتوج مع فريقه ليفربول الإنجليزي بطلا لدوري أبطال أوروبا، والمدافع الصلب لنابولي الإيطالي كاليدو كوليبالي. وأنهى الفريق الدور الأول ثانيا خلف الجزائر في المجموعة الثالثة، واكتفى بالنتيجة ذاتها (1-صفر) في ثمن وربع النهائي، على أوغندا وبنين تواليا. وطرحت أسئلة عن المنتخب الذي سجل أفضل نتيجة له بالحلول وصيفا في نسخة 2002.
وقبل مباراة بنين في ربع النهائي، قال سيسيه: “المرشحون الكبار ليسوا هنا. بالتأكيد هذا يعطينا ثقة أكبر لأن نقول إن هذه السنة قد تكون سنتنا” للقب. وبعد بلوغ نصف النهائي للمرة الأولى منذ 2006، قال سيسيه: “تطورنا مستمر هذا العام. السنغال لم تتمكن منذ 13 عاما من بلوغ هذه المرحلة، وغالبية لاعبينا كانوا حينها شبانا، لذا نعم، نحن في تطور وهذا المنتخب يحقق تقدما خطوة بخطوة، أحيانا مع بعض الصعوبات، لكن يتقدم رويدا رويدا”.
نسور نيجيريا تحلق
ويحلق منتخب “سوبر إيغلز” (النسور الممتازة) على علو متوسط باحثا عن النجمة الرابعة، بعد لقب أخير في 2013. وبقيادة المدرب الألماني غيرنوت رور، حلت نيجيريا ثانية في المجموعة الثانية، وقدمت مباراة رائعة ضد الكاميرون في ثمن النهائي (3-2)، قبل أن تتخطى جنوب أفريقيا (2-1) في ربع النهائي.