جدة ــ وكالات
تمثل أميركا اللاتينية بوابة كنز لحزب الله اللبناني، المصنف إرهابيا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، فهي السوق الرائج لتجارة المخدرات وغسل الأموال التي يسعي الحزب عبرها للتحايل على العقوبات الامريكية المفروضة على قادته، اذ مع إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي، وضعت واشنطن ضمن استراتيجيتها في مواجهة إيران محاربة أذرعها المنتشرة في عدد من الدول العربية، والتي يأتي في مقدمتها حزب الله.
ففي فبراير 2019 سلط وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الضوء على نشاط حزب الله اللبناني في فنزويلا، وعلى رغم المسافة البعيدة إلا أن تأثير حزب الله في المجتمع الفنزويلي منذ 2008 أصبح أكبر مما يتصوره الكثيرين.
وتعتبر جزيرة مارغريتا، التي تقع قبالة سواحل فنزويلا، ملاذًا آمنًا لعناصر الحزب. وفي ظل نظام الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز، عملت الحكومة على توفير الملاذ الآمن لمؤيدي حزب الله في فنزويلا.
لكن الأكثر إثارة للجدل مما قاله بومبيو هو اعتقاد واشنطن أن تغيير نظام نيكولاس مادورو سينهي علاقة فنزويلا مع حزب الله. بيد أن هناك سببًا للشك في أن هذا التغيير سيؤثر على طبيعة العلاقة الإشكالية لكاراكاس مع المجموعة الإرهابية.
كيف اذا علمنا انه ثمة اتفاق بين كل من الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز وجماعة القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) ومليشيا حزب الله.
وبحسب تقارير نشرتها وسائل إعلام إسبانية، حصل الاتفاق على الضوء الأخضر النهائي في ذلك العام بعد أن عزز النظامان الحاكمان في فنزويلا وإيران علاقاتهما بقوة، تحت قيادة الزعيم البوليفاري والرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، ثم سار رئيس فنزويلا الحالي نيكولاس مادورو على نهج سلفه.
وتصنف “فارك”، أقدم الجماعات المتمردة في أميركا اللاتينية، من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كجماعة إرهابية بنشاط حثيث في تجارة المخدرات بالمنطقة. يبدأ انتشارها من المكسيك حتى الجنوب في الأرجنتين. ووفرت العلاقات التي أقامتها على مدار العقود الأخيرة أقوى الصلات بزعماء أكثر عصابات المخدرات دموية، والتي تبرز “سينالوا” من بينها، ولا تتوقف هذه الروابط، رغم تأكيد (فارك) منذ عامين أنها تدفع حواراً للسلام مع الحكومة الدستورية في كولومبيا.
ويسيطر حزب الله على مئات الأطنان من المخدرات في هذه المنطقة الحدودية، لتجد طريقها إلى فنزويلا، ومنها تنطلق السفن إلى غرب إفريقيا لإغراق السوق الأوروبية بها. وتقدر حركة تجارة المخدرات فيها بنحو 14 مليار دولار بما فيها غسل الأموال والتحويلات التي تخرج من هناك لتمويل أنشطة إرهابية لحزب الله، كما رصدت دول في أميركا اللاتينية حركة تحويلات كبيرة من هناك إلى بلدان عربية وغربية.
ونجح حزب الله وفيلق القدس في الهيمنة على بعض المسالك المهمة في تجارة المخدرات في تلك المناطق المحيطة بجبال الأنديز، من البيرو إلى الأرجنتين ونصف القارة تقريباً وصولاً إلى الكارييبي.
وتمتد مخالب حزب الله إلى أعلى مستويات الحكومة الفنزويلية خصوصاً خلال فترة حكم الرئيس الراحل شافيز وما زالت، إذ دفع حزب الله رشى لضباط أمن الحدود الفنزويليين ومسؤولي وكالات إنفاذ القانون عبر أعضاء في حزب الله أو من عملاء لهم يمكثون على الأراضي الفنزويلية، وأيضاً عبر شخصيات متعددة تقوم بإدارة عمليات الاتجار بالمخدرات والفساد، أهمها وزير الصناعات طارق العيسمي الذي شغل منصب نائب الرئيس فيما بعد، وحاكم ولاية أراغوا، والمقرب جدًا من حزب الله والذي فتح الأبواب لتعاملات مريبة مع تنظيم حزب الله الإرهابي، ووزير الداخلية نيستور ريفيرول، والمهرب الفنزويلي من أصل لبناني وليد مقلد.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، قد عرقلت تحقيقات أجرتها وحدة تابعةٌ لإدارة مكافحة المخدرات في أنشطة “حزب الله” اللبناني الإجرامية وداعميه من الإيرانيين، خوفاً من أن تقوّض ملاحقة المتهمين فرص التوصل إلى اتفاق مع طهران حول برنامجها النووي.
وكشفت مجلة “بوليتيكو” الأميركية عن وثائق ومقابلات مع مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، تشرح كيف تحول “حزب الله” من منظمة سياسية وعسكرية، تنشط في الشرق الأوسط، إلى منظمة إجرامية دولية تجني ما يصل إلى مليار دولار سنوياً من الاتجار بالسلاح والمخدرات وتبييض الأموال وغيرها من الأنشطة الإجرامية، وفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط.
واستعرض التقرير الاستقصائي، المكون من ثلاثة أجزاء، محاولات عرقلة مسؤولين في وزارات الخارجية والعدل والخزانة الأميركية، لجهود الحملة التي أطلقتها جهات التحقيق تحت اسم “مشروع كساندرا” في عام 2008، لملاحقة الشبكة الإجرامية الدولية للحزب.