الرياض : واس
شهدت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية كوريا الجنوبية منذ نشأتها عام 1962م، مزيدًا من التطورات الإيجابية المتسارعة، مواكبة للتنسيق السياسي والاقتصادي المستمر بين قيادتي البلدين الصديقين تُجاه مختلف القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن اتسامها بالثبات والاستقرار والنمو الجيد المستمر.
وجاءت زيارة فخامة السيدة بارك كون هيه رئيسة جمهورية كوريا للمملكة والالتقاء بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – تدعيمًا لما يوليانه البلدان من أهمية خاصة لعلاقاتهما الاستراتيجية، والحرص على زيادة أواصر التعاون بينهما من خلال تكثيف الزيارات الرسمية المتبادلة على مختلف المستويات.
وأبرمت المملكة وكوريا الجنوبية خلال مسيرة علاقاتهما المتميزة عددًا من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة بين الشركات السعودية والكورية، إضافة إلى تبادل الخبرات في المجالات الثقافية، والرياضية، وتنظيم زيارات الوفود الشبابية بين البلدين.
وكان في لقاء الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – مع فخامة الرئيسة بارك كون هيه على هامش أعمال قمة العشرين التي استضافتها مدينة بريسبن الأسترالية في العام 2014م، حين كان وليًا للعهد نائبًا لرئيس مجلس الوزراء وزيرًا للدفاع، ورئيسًا لوفد المملكة في القمة، تعبير عن الرؤية الدبلوماسية العميقة نحو توطيد علاقات الصداقة مع دول مجموعة العشرين ذات الثقل الاقتصادي العالمي، ومنها كوريا الجنوبية التي تربطها علاقة متينة مع المملكة امتدت لخمسة عقود.
وعززت القمة السعودية الكورية التي عقدت في الرياض العام 2015م، مسيرة العلاقات بين البلدين الصديقين التي تركزت في بدايتها على المجالات الاقتصادية الخاصة بقطاعي النفط والإنشاءات، ثم تطورت عبر السنين لتشمل مجالات الثقافة، والأغذية، والصحة، والتجارة، والصناعة، والطاقة المتجددة والذريّة وأسهمت في تحقيق مزيد من التقدم والتطور.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وكوريا الجنوبية أكثر من (78 %) خلال السنوات الثلاثة الماضية.
وقد أسهمت في ازدهار التبادل التجاري زيادة التعاملات المرتبطة بالنهضة التنموية التي تعيشها المملكة، وما يجري في إطارها من تنفيذ لعدد من المشاريع الاقتصادية الحيوية والعملاقة، وتوسعة بعض المصانع والمنشآت النفطية، والبتروكيماوية والصناعية، والاستفادة من اقتصاديات المعرفة، وتطبيقات الحكومة الإلكترونية التي تملك الشركات الكورية خبرات واسعة فيها.
وقد أعطى المنتدى الاقتصادي والتجاري الأول بين المملكة وكوريا المنعقد عام 2014م، بعدًا جديدًا في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، حيث أسهم في تعزيز التعاون في مجالات الصحة، والطب، وتنمية القوى البشرية، والطاقة النووية، والاستثمار في مختلف المجالات، خاصة الصناعي والتقني.
وفيما يتعلق بالتعاون في المجال الثقافي والتعليمي بين البلدين، فقد شهدت الفترة الماضية زيارات طلابية مشتركة من مختلِف الجامعات، واجتماعات دورية سنوية لرؤساء الجامعات لدى الجانبين، لتتوسع رقعة الابتعاث، حيث بلغ عدد الطلبة السعوديين المبتعثين حاليًا لكوريا الجنوبية أكثر من 600 طالب وطالبة.
وفي 13 جمادى الأولى 1436 هـ الموافق 04 مارس 2015 م ، أكدت فخامة الرئيسة بارك كون هي رئيسة جمهورية كوريا في كلمتها خلال منتدى الأعمال السعودي الكوري بالرياض أن علاقات بلادها مع المملكة العربية السعودية التي قامت منذ نحو 53 عاما ، أسهمت في تعزيز اقتصادي البلدين، مشيرة إلى أن الكثير من الكوريين لا ينسون ما قدمته السوق السعودية من فرص لنمو الشركات الكورية المتخصصة في البنى التحتية .
وشهدت العلاقات بين المملكة وجمهورية كوريا نموا ملحوظًا خلال الخمسة عقود الماضية، كما تطورت من خلال المشاريع العملاقة التي نفذتها الشركات الكورية في المملكة منذ السبعينات من القرن الماضي.
فقد نما التبادل التجاري بين البلدين في العام 2018 بنسبة 21 % ليبلغ 30 مليار دولار ، وشكلت صادرات المملكة غير النفطية لكوريا نسبة 56 % خلال العام الماضي أيضا .
وتعد جمهورية كوريا أحد أهم الشركاء التجاريين للمملكة، وتأتي ضمن المراتب العشر الأوائل استيرادًا وتصديرًا من المملكة وإليها ، إضافة إلى وجود ( 120 ) مشروعا سعوديا كوريا مشتركا بقيمة ما يقرب من المليار دولار أمريكي ، منها 20 % مشاريع صناعية والباقي غير صناعية في المملكة .
وعلى المستوى التعاون الحكومي توجد لجنة سعودية كورية مشتركة للتعاون الاقتصادي والفني ، ترأس وزارة الاقتصاد والتخطيط الجانب السعودي منها ، وهي لجنة نشطة تعقد اجتماعاتها بصفة سنوية تقريبًا بالتناوب بين البلدين، إضافة إلى وجود مجلس أعمال مشترك يهدف إلى تنمية وتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية وبحث سبل التعاون المشترك والاستثمار بين رجال الأعمال في كلا البلدين.
من جانب آخر تهدف الاستراتيجية الوطنية للصناعات إلى مضاعفة مساهمة القطاع الصناعي في إجمالي الناتج المحلي لتبلغ 20 % كحد أدنى بنهاية 2020م، مما سيمثل مضاعفة للقاعدة الصناعية في المملكة ثلاث مرات عن ما هو قائم الآن، ويتم تنفيذ الاستراتيجية على مبدأ الشراكة الفاعلة بين الجهات الحكومية ذات العلاقة بالصناعة والقطاع الخاص وصولًا للهدف المنشود وهو تنويع القاعدة الصناعية.
وتعمل المملكة على جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الصناعية والخدمية ذات القيمة المضافة، منها على سبيل المثال لا الحصر: الطاقة، والبتروكيمياويات وتحلية المياه، والخِدْمات المالية، وغيرها من القطاعات من خلال تقديم تسهيلات جيدة في هذا الجانب، إضافة إلى إجراء تعديلات جوهرية لدعم الاقتصاد الوطني شملت جوانب مختلفة.