جدة – عبدالهادي المالكي
تدور خلف كواليس العقار أسئلة كثيرة حول برنامج رسوم الأراضي البيضاء وفيما إذا كان هذا البرنامج حقق الأهداف المرجوة منه منذ إقراره وليس هذا فحسب بل أن الأسئلة تزيد مساحتها وتتمدد حول إمكانية قيام وزارة الإسكان بسحب الأراضي البيضاء من الممتنعين عن دفع الرسوم الخاصة بتلك الأراضي ومن ثم تخطيطها وبيعها كمنتج لخدمة المجتمع ، كل هذه الأسئلة وضعتها البلاد على “طاولة ” عدد من خبراء العقار والذين أجمعوا أن سيناريو سحب الأراضي عن الممتنعين عن دفع الرسوم لم ينص عليه النظام ويحمل مخاطر كبيرة أكثرمن الإيجابيات ، كما يتعارض مع مبادئ السوق التي تنتهجها الدولة في بيئة الاستثمار المحلية ولو قامت وزارة الإسكان باستكمال تنفيذ بقية مراحل النظام لجاءت النتائج أفضل بكثير من الوضع الراهن ولما تم التفكير إطلاقاً بمثل هذه الخيارات غير العملية ، فضلا عن أن الاستكمال يوقف الممارسات الاحتكارية والمد التصاعدي للأسعار.
وأضافوا أن نظام رسوم الأراضي البيضاء يهدف إلى زيادة المعروض من الأراضي المطورة بما يحقق التوازن بين العرض والطلب وكذلك توفير الأراضي السكنية بأسعار مناسبة وحماية المنافسة العادلة ، ومكافحة الممارسات الاحتكارية .
وفي هذا السياق أوضح عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبد الحميد العمري أنه نتيجةً لتوقف تطبيق بقية مراحل نظام الرسوم على الأراضي البيضاء عند مرحلته الأولى ( الأراضي الخام ذات المساحات من 10 آلاف متر فأكثر ) يمكن القول إن الأهداف من إقرار النظام لم تتحقق حتى تاريخه ، وما قد يُعتقد أنه تحقق منها فهو يظل في أدنى مستوياته ، ودليل ذلك أن أسعار الأراضي السكنية لا تزال مرتفعة جداً بل لقد سجلت نمواً في أسعارها وصل إلى 24% منذ مطلع 2019 بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
الأهداف لم تتحقق
وتابع أنه إذا نظرنا إلى الأهداف التي لأجلها إقرار نظام الرسوم على الأراضي البيضاء نجد أن جميعها لا يزال يقف عند بداياته تماماً بل إن الأهداف لم تتحقق على أرض الواقع للأسف الشديد ، ما يقتضي بالضرورة سرعة تنفيذ بقية مراحل النظام واستكمال تطبيقها حسبما نصّت عليه اللائحة التنفيذية للنظام.
وعن فكرة سحب الأراضي من لم يقم بدفع الرسوم قال : هذا الإجراء غير عملي البتة وليس إيجابيا كما يتعارض مع مبادئ السوق التي تنتهجها الدولة في بيئة الاستثمار المحلية ولو قامت وزارة الإسكان باستكمال تنفيذ بقية مراحل النظام لجاءت النتائج أفضل بكثير من الوضع الراهن ، ولما تم التفكير إطلاقاً بمثل هذه الخيارات غير العملية.
عودة الركود
وعن التوقعات المستقبلية قال إذا ما استمرّت الأوضاع الراهنة في زيادة ضخ التمويل العقاري من البنوك ومؤسسات التمويل، الذي سجل ارتفاعاً سنوياً وصل إلى 20.8% ووصل معه حجم التمويل العقاري الممنوح للأفراد إلى مستوى 270.5 مليار ريال بنهاية مارس الماضي ، سنجد أن السوق ستصل إلى آخر نقطة ممكنة من الحصول على المشترين القادرين على تحمّل التمويل العقاري بوضعه الراهن والذين لديهم الملاءة الائتمانية المقبولة ، وهو ما أصبحنا قريبين جداً منه وبدأ مؤخراً خلال الشهرين الأخيرين ، ويتوقع أن يتصاعد تأثيره في منظور الأشهر القادمة سنجد أن الركود سيعود مرة أخرى إلى السوق بعد الانتعاش القصير والمحدود الذي طرأ عليه خلال ستة أشهرٍ مضت منذ نوفمبر 2018 حتى إبريل 2019.
تقلص المشترين
وأضاف كل تلك المتغيرات ستعود بمزيدٍ من الضغوط على الأسعار السوقية لمختلف الأصول العقارية ( أراضي ، فلل ، شقق ) ، نتيجة تقلّص أعداد المشترين
مضافاً إليه استمرار الانخفاض الذي طرأ على إيجارات الوحدات السكنية ، نتيجة خروج من تملك مسكنه خلال الفترة الماضية وفقاً لإحصاءات وزارة الإسكان ونتيجة لخروج مئات الآلاف من أُسر العمالة الوافدة ، وما يقابله ذلك من زيادة ضخ للوحدات السكنية الجديدة ، التي وصل عددها خلال آخر ثلاثة أعوام إلى نحو 987 ألف وحدة سكنية جديدة الأمر الذي ساهم في زيادة المعروض من الوحدات السكنية ، ورفع بدوره من أعداد الوحدات السكنية الشاغرة على مستوى المملكة إلى أعلى من 1.7 مليون وحدة سكنية.
تراجع الأسعار
من جهته اوضح المستشار والخبير العقاري ورئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة جدة عبدالله بن سعد الأحمري بالتأكيد أن رسوم الاراضي هي التي جعلت الاراضي تعود الى الاسعار الحقيقية التي هي تستحقها لقد تراجعت الاسعار بناءً على الرسوم التي وضعتها الدولة على الاراضي ناهيك عن انها حققت مبتغاها.
وأضاف كنت اتمنى من وزارة الاسكان ان تطبق الرسوم على جميع الاحياء وان يكون لها مردود إيجابي حتى تعطي أكلها وقد لاحظت في الآونة الاخيرة أنه صدرت شهادات لعدد من أصحاب الاراضي لأنه إذا زاد العرض على الطلب ستتراجع الأسعار وسوف تكون الأسعار في متناول جميع المتعاملين في السوق العقاري وحسب إمكانياتهم المادية لأن هناك شريحة من الطبقة محدودة الدخل وهناك أيضا طبقة متوسطة الدخل لا يستطيعون مجاراة الاسعار ولكن اعتقد الآن بمقدورهم أن يجدوا مساكن حسب مداخليهم ناهيك عن المشاريع التي تضخها وزارة الإسكان سواء في مشاريعها أو في التعاون مع المطورين وأصحاب الأراضي في سبيل إنشاء عدد من المشاريع حتى تدعم التنمية العمرانية.
وعن سحب الأراضي من المماطلين في دفع الرسوم أضاف الاحمري : لست هنا متحدثا بلسان الوزارة وإنما أقول الآن النظام هو الفيصل في كل هذه الأمور لأن مالك الأرض مهما تأخرفي دفع الرسوم فهو ملزم بدفعها خصوصا وأن دفع الرسوم مرتبط بإفراغ العقار.
السوق واعد
وعن مستقبل العقار في الفترة القادمة قال سوف تتضح الرؤية عن العقار العام القادم اكثر مما هو عليه الان واتوقع ان يكون السوق واعدا خصوصا وأن العقار رافد من روافد الاقتصاد الوطني ويجب تنميته وتطويره وتحديد آلية السوق واتجاهاته والعمل على تقليل الاسعار وعدم المبالغة فيها سواء كان ذلك في قطاع التأجير أو قطاع المبيعات لأن هذا يطمئن المواطنين ، ومن ثم تكون هناك خيارات لكل مواطن حسب مقدرته المالية.
عقبات كثيرة
وفي السياق نفسه قال الدكتورعبدالله البلوي عضو اللجنة العقارية بغرفة جدة شيخ طائفة العقار سابقًا ان من يمتلك ارضا ويريد ان يستخرج لها كروكي أو تصريح بناء فإن الأمانة تعطله ويستغرق من أربع إلى خمس سنوات ويتم محاسبته لأنه لم يقم بالبناء ولم يدفع الرسوم حتى انه يصبح معلقا ما بين جهتين حكوميتين الأمانة ووزارة الإسكان.
وأضاف بقوله أتصور أن 90% من اصحاب المخططات يرغبون في تطوير أراضيهم ولكن لا يستطيعون ذلك لوجود عقبات تعترضهم لذا من المفترض إيجاد حلول ناجزة لمثل هذه المشكلات.
مكافحة التستر
وتابع البلوي بقوله ” للاسف الكثير من المطورين من العقاريين اتجهوا لوزارة الاسكان ولكن لم يجدوا حلا لمشكلتهم ، كما انهم تواصلوا مع الأمانة والتي لم تضع حلا لمشاكلهم “.
وطالب بإيجاد لجان للحلول ، لافتا إلى أنه يتوقع في العام القادم تحرك ” عربة ” العقار ومجمل القول إنه إذا تم حل المشكلات المتعلقة بسوق العقار فإننا سوف نتنجب آليات التستر لأن هناك عقارات لدى بعض الوافدين بأسماء سعوديين وبعضهم يستغل ذلك ويطلب دفع رسوم وهذا فيه تستر على المقيم.
ارتفاع الأسعار
من جهة أخرى قال عوض الدوسي نائب رئيس لجنة التثمين بغرفة جدة إن برامج وزارة الاسكان ومن ضمنها الرسوم من الامور التي فعلا أثرت في السوق ولكن لا ننسى امرا مهما وهو أن ارتفاع الاسعار في ذاك الوقت كان سببا في عزوف الناس عن الشراء إضافة إلى عوامل اخرى.
والآن هناك توجه من الدولة يتمثل في أن تكون اسعار الأراضي في متناول الجميع.
وتابع بقوله إن 60% ، من الشعب السعودي شباب أعمارهم اقل من ثلاثين سنه ودخلهم المادي ضعيف وامكانياتهم بسيطة ولا يستطيعون شراء أراضي بأسعار فلكية.
وأضاف لقد اثرت الرسوم على اصحاب الاراضي الكبيرة طبعا ولكن وزارة الاسكان خلال سنتين تقريبا نفذت من 700 أو 800 الف منتج بين ارض وقرض ومشاريع الاسكان.
والآن هناك بعض الشركات وملاك الاراضي اطلقوا مع وزارة الاسكان تحالفات على اساس القيام بتطوير اراضيهم.
الإسكان الخيري
وأضاف البلوي بقوله في الوقت الراهن توفرت الاراضي بخروج المضاربين من السوق ، فقط يوجد المنتج السكني الذي يتناسب مع مداخيل المواطنين الشباب واصبحت الدولة تقدم قروضا لـ” الإسكان الخيري ” وهو يقدم مجانيا للمطلقات والارامل وهو عبارة عن مائة الف وحدة سكنية سوف تضخ قريبا لافتا إلى أن الوضع اختلف تماما فالذي كان يقول” العقار الابن البار لا يأكل ولا يشرب الآن اصبح الابن العاق” ومكلفا ومزعجا فهناك الآن عقاريون يضعون أياديهم على صدورهم خصوصا وانهم اشتروا المخططات بأسعار مرتفعة والان لا يمكنهم تطويرها لأن ذلك يكلف كثيرا .
وتابع بقوله ” أصحاب الأراضي يقولون إن وزارة الإسكان تفرض عليهم الزكاة والضرائب، ولكن وزارة الإسكان بدورها تطلب منهم تطوير الأراضي وبيعها لخدمة المجتمع ” .